‏’الموت السريري’ لملك يترأس وزراءه، درس إيراني في الإعلام زمن العقوبات

على شفا كارثة اقتصادية وانتفاضة عارمة ‏

بعد أن احتفت وسائل إعلام إيرانية قبل حوالي أسبوعين برحيل ولي العهد ووزير الدّاخلية السعودي السّابق ‏نايف بن عبد العزيز، وقبله بوفاة شقيقه ولي العهد الأسبق سلطان بن عبد العزيز، صارت تتصيّد الأنباء عن “تدهور” الحالة الصحية للملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، وتحلم بزوال نظامه.

إشاعات متقاطعة

فبينما كان العاهل السّعودي يرأس جلسة مجلس الوزراء يوم الاثنين في قصر السلام بجدة، كانت قناة العالم الإيرانية تنفرد بـ”سبق صحفي” مفاده أن “الملك السّعودي في حال موت سريري في أحد مستشفيات الرياض” وأن المملكة أعلنت “حالة الطوارىء في مختلف أرجاء البلاد”.

وبينما كان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السّعودي، الأمير سلمان بن عبدالعزيز، يستعرض في مكتبه بجدة تطورات الشرق الأوسط مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني، مشعل الزبن، كانت “المعلومات الواردة من السعودية” للقناة الإيرانية تُفيد بأن الأمير سلمان كان بجانب الملك في المستشفى.

ولكي تكتمل الصّورة، “دُعيت ما تسمّى ‘‏الهيئة الشرعية’‏ لاجتماع عاجل”، كما “انتشر الحرس الوطني على الحدود وفي الأماكن الحساسة في البلاد بانتظار تلقي الأوامر”، بحسب “المعلومات المتقاطعة” الواردة حصريّا إلى القناة.

وكان لا بُدّ من تحليل للوضع “الطّارئ”.

فاتّصلت القناة بـ”الباحث السعودي” فؤاد ابراهيم المقيم بلندن، الذي اعترف أنه “لا يمتلك معلومات مؤكدة عن الموت السريري للملك عبد الله”، لكنه أكّد “تدهور صحة الملك الذي يعاني بالأساس من امراض عديدة” وأن “ولي العهد الجديد ليس احسن حالا من الملك، وبالتالي ليس من المستبعد ان يُعلن في أي لحظة خبر رحيل احدهما او كلاهما” وأن “كل الاحتمالات باتت مفتوحة”.

ولمزيد من “التّحرّي”، اتّصلت القناة بـ”الباحث المصري” عادل الجوجري، رئيس تحرير مجلة “الغد العربي” الذي “قلّل من أهمية الشائعات التي تتحدث عن دخول الملك عبد الله في حالة موت سريري” لكنه أشار إلى “الأهمّ من ذلك”، وهو أن “النظام القائم في السعودية نفسه مصاب بالأساس بموت سريري ولم تعد له القدرة على تلبية متطلبات الجيل الجديد في هذا البلد”.

ولم تكلّف القناة نفسها عناء إزالة هذه التقارير، شأنها شأن تقارير سابقة تحدّثت، منذ وفاة “الرجل القوي”، عن “نقل الملك السعودي الى المستشفى العسكري في الرياض إثر تدهور حالته الصحية” وأخرى عن “استنفار أمني في المملكة” وعن “خلافات حادة تعصف بالعائلة السعودية الحاكمة”.

‏استبدال نظام آل سعود بنظام “الفقيه”

ومن جانبها، سبقت قناة “برس تي في” الإيرانية بعدّة ساعات الإعلان عن نتيجة مداولات لجنة عقوبات القاعدة بمجلس الأمن حول رفع اسم المعارض السعودي سعد الفقيه من القائمة السّوداء للمنظمة الدولية، لتُعلن عن… خطّة بريطانية لاستبدال النّظام السعودي بنظام يرأسه المنشقّ المقيم في لندن.

فقد نقلت القناة عن “تقارير صحفيّة” أن “حكومة المملكة المتحدة بدأت الإعداد، من وراء الأبواب المغلقة، لاستبدال نظام آل سعود بحكومة يقودها المنشقّ السعودي سعد الفقيه”.

وأضافت القناة، وفقا لهذه “التقارير”، أن “الخطّة البريطانية تأتي في أعقاب الصحوة الإسلامية (الربيع العربي) وخشية أن تصل الأمواج التي عصفت بأنظمة ديكتاتورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أنظمة ديكتاتورية أخرى في المنطقة، وخاصة المملكة العربية السعودية”.

وأكّدت الأمم المتحدة في وقت لاحق رفع اسم المعارض السعودي من قائمة القاعدة، رغم اعتراض الرياض الشديد.

لكن واشنطن، الحريصة على علاقاتها مع الرياض، أكّدت أنها لن تغير تعاملها مع سعد الفقيه رغم حذف اسمه من القائمة السوداء للأمم المتحدة. فقد أكّدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن “هذا لا يغير من حقيقة أن العقوبات الأميركية عليه قائمة، إذ لا تأثير لما حدث اليوم على الطريقة التي نتعامل بها معه”.

المقاطعة النفطية لا تخضع للعناد

في ردّ غير مباشر عن الإشاعات المتقاطعة، ركّزت الصحف السعودية اهتمامها على مقاطعة الاتحاد الأوروبي للنفط لصادرات النفط الإيرانية، التي دخلت حيز التنفيذ الأحد الماضي.

وقالت صحيفة “الرياض” الرسمية في افتتاحية بقلم يوسف الكويليت، نائب رئيس تحريرها، “إيران قد تصمد في المواجهة، لكنها لا تستطيع الاستمرار لفرض التضييق عليها اقتصادياً، مما يضع المواطن في مواجهة سلطته إذا ما شعر بعجزها عن توفير أبسط ضروراته الأساسية”.

ويخلص الكاتب إلى القول بأن “المعركة بين قوى تملك فرض إرادتها ونفوذها، وأخرى تكابر وترى أنها بنفس الموازاة، لا تخضع للعناد والعواطف وكسب الشارع في مغالطات لا تستند على المنطق”.

ولم يُظهر المسؤولون الإيرانيون قلقا بشأن الحظر النفطي، بل ظلّوا يكابرون بينما يجري خنق الاقتصاد الإيراني تدريجيا.

وقال وزير النفط الإيراني رستم قاسمي الأحد إن النظام ليس قلقا من فقدان زبائن نفطه الخام بسبب العقوبات.

واتخذت إيران خطوات تحدي يوم الاثنين ردا على العقوبات الدولية المكثفة التي تهدف إلى خنق صادراتها النفطية، حيث أعلنت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني عن تشريع يجيز إغلاق مضيق هرمز، الطريق الحيوي للشحن في الخليج، لمعاقبة الاتحاد الأوروبي.

كما قامت إيران باختبار صواريخ في تدريب عسكري صحراوي، يهدف بوضوح إلى تحذير إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

إيران على أبواب “كارثة اقتصادية” و”انتفاضة عامة”

لكن المعلومات المؤكّدة الواردة من إيران تفيد بأن العقوبات خلقت بيئة تزداد قسوة يوما بعد يوم وتحرم الناس العاديين من ضروريات الحياة.

وجاء في تقرير مطوّل بصحيفة “الديلي تلغراف” البريطانية أن تكاليف الغذاء في ارتفاع ونسبة البطالة تتفاقم وأن “العقوبات النّوويّة بدأت تفعل فعلها‎” في إيران.

وأضافت الصحيفة أن “الإيرانيين يتخلّون عن عاداتهم الغذائية التقليدية، إذ يجري طردهم من العمل بمعدلات مثيرة للقلق، كما يعانون من نقص في الأدوية، وأن عائلات الطبقة المتوسطة تتخلّى عن شراء الدجاج واللحوم الحمراء والفاكهة وحتى السكر”.‏

وقالت الصحيفة أن “التضخم يجعل من تلك المواد، التي كانت أساسية في وقت ما، غير مقدور عليها الآن” وأن “البطالة ارتفعت في القطاع الصناعي إلى نسبة مقدرة بشكل غير رسمي إلى 35 في المائة”.

وبحسب الصحيفة “لا يمكن للحكومة أن توازن ميزانيتها إلا إذا بقيت أسعار النفط فوق مستوى 80 دولارا للبرميل. ومن المرجح أن يحدث انخفاض بأكثر من 50 في المائة في التجارة الخارجية الإيرانية على مدى الشهور الثلاثة المقبلة. وذلك ليس أقل من كارثة بالنسبة للاقتصاد الوطني”.

وخلصت الصحيفة إلى القول بأن هناك “قلقا من أن السخط الاقتصادي قد يؤدي إلى انتفاضة عامة”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً