وتستمر براكين الكراهية في نفث دمها وقيحها على وجه طرابلس.. ليبيا.. الحزين.. محاولة تشويه جمالها وتحضرها ورباطة جأشها.. نعم في آخر مقالة للكاتب بعنوان: “لنخمد براكين الكراهية والانتقام ونبي وطن” حذرنا فيه من ارتدادات مسلسل الرعب والكراهية الذي ألفه وأخرجه الدكتاتور معمر وأعطى لأزلامه لعب الأدوار الدموية والتدميرية فيها من خلال لجانه الثورية وشياطينه الإنسية الكاره للخير والسلام.. نعم لقد غذى النظام السابق جميع أصحاب العقد النفسية الجائعة والمحرومة من التعليم والمتشبعة بجلف البداوة الرافضة للاستقرار والتحضر والعمارة والمتشربة للانتقام من كل من تحسبه مخالف لقيمها الغوغائية المدمرة والمشحونة بالثأر لأولياء نعمتها وأسيادها.. غذها بالكره للأخر والحسد لما يملكه الأخر من مال وعقار وتعليم وأرض وتجارة.. غذها بالعربدة والرعونة و”التفنيص” ورفع الصوت وسرقة مال ليبيا لتشترى معالم الحضارة في مدينة طرابلس وتعيث فيها البداوة والقسوة فيها فسادا بحيث ينتكس الاحترام وتسقط الأخلاق في عفونة الدكتاتورية فيتحول كل من يجزر بدون وجه حق الأمر الناهي وينهي المسؤول عن الخير تبجحا ومفخرة بل يأمر بالمنكر الظالم ويهدم البيوت ويشنق البشر جهرا..
قبل الانقلاب الأسود:
تعاقبت مختلف الأمم على طرابلس ولم تكن في يوم من الأيام إلا مدينة ولا مكان للبداوة فيها.. فقبل انقلاب سبتمبر الأسود كانت طرابلس مدينة نظيفة حيث كانت تنظف شوارعها بالماء والصابون وتعبق رائحتها بالفل والياسمين وتزين شوارعها أشجار الزينة الطبيعية.
كل من يدخل طرابلس، ذكر أم أنثى، يضع نصب عينيه بأنه بالتعليم يلقى احترام المجتمع الطرابلسي وتتوفر له فرص العمل وتقلد المناصب.. كما ويتمسك جميع الطرابلسيين بشعار: “كول ما يعجبك وألبس ما يعجب الناس”.. ففي طرابلس إن لم تكن صاحب قيافة بالزي الإفرنجي او الليبي، وهذا ينطبق على النساء قبل الرجال حيث استمرت الفراشية تمثل الأناقة والحشمة، فسترفضك طرابلس ولن تحسبك من سكانها.. نعم من يخرج عن المألوف في القيافة والتأنق واللباقة لن يحسب طرابلسيا بل سينعت بأنه: شلافطي، ركلت أو عوكعك..إلخ نعم لو كنت من ضواحي طرابلس وتريد دخول مركز المدينة فعليك أن تهيأ نفسك بأن تقول “بنمدن” أي ستدخل مدينة طرابلس وهذه الطقوس ترافقها القيافة والتجمل والتعطر !!!!
بعد سبتمبر الأسود:
العقيد المعقد صاحب العقد النفسية الكاره للخير والمدنية والحضارة ما أن أخذ مكانه في السلطة إلا وبدأ بتخريب النسيج الاجتماعي الطرابلسي متعدد الألوان والأطياف والمواهب، وللأمانة أحداث 1967 سبقته ومهدت له الطريق، والمذاهب الفكرية والسياسية والدينية.. ففكريا رفع مقولته: “من تحزب خان” وربطها بالخيانة العظمى فقتل الفكر وحطم العقل وروج للدهماء أن تداهم وتكسر وتزحف على كل المنابر والقامات الفكرية والدينية والسياسية .. بل بالتصعيد الشعبي اعتلى سفهاء القوم سدد مؤسسات الدولة الليبية.. وأمتد التخريب وتعميق الكراهية باغتصاب الأملاك والأراضي والسيارات والمصانع والمتاجر فمكن للبداوة بغنم ممتلكات الناس بشريعة: “الزائد عن حاجتك ملكا لغيرك”!!!! فشرعن النهب والسرقة والاغتصاب.. بل وتطاول برعونته وأحقاده ليتم الزحف والهدم والحرق والشنق أمام مرأى ومسمع العالم دون أن تحرك ساكن أي مؤسسة حقوقية في العالم.. بل مسلسل الرعب والشنق جعله حلقات في رمضان 1984 لتواكب مدفع الإفطار.. بالمختصر المفيد داس الدكتاتور معمر بحدائه العسكرى كل القيم والمعالم والموروث الحضاري في طرابلس وليبيا.. لتعامل أحدث السيارات على أنها ناقة فتربط بها الحبال من الخلف وتلف الرؤوس الفارغة بقطعة قماش “الخاصة” بشكل نشاز مع أطقم لأحدث البدل الباريسية والايطالية!!! أو أن تنصب الخيام في قلب طرابلس وتقفل شوارع وأزقة بحجة التمسك بعراقة البداوة لطرابلس.. مع احترامنا للبداوة في مكانها الطبيعي لم تكن ولن تكون طرابلس مرتعا للبدو وتغول البداوة.. طرابلس المعمار والتمدن لن تسمح إلا لمن أراد المدنية ويريد أن يعيش على أرضها .. أما الغوغائين الذين زرعهم القذافي لتخريب طرابلس فأمامهم حلين لا ثالث لهما: فرصة التمدن والتحضر للعيش في أحضان طرابلس أو الخروج النهائي منها بلا عودة.
مظاهرة الجمعة الماضية:
نعم بعد انتفاضة 17 فبراير لا يمكن تكميم الأفواه الداعية للخير والسلام والعدل وبناء دولة المواطنة والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة.. لكن أن تصبح حرية التعبير مدعاة للفتنة والقتل والتهجير لسكان طرابلس.. فهذه دعوة لإعادة صياغة خراب سبتمبر الأسود لطرابلس. كل حر من أحرار طرابلس وليبيا وكل غيور على انتفاضة 17 فبراير ومبادئها في بناء دولة مدنية سيرفض أن تتحول المظاهرات في طرابلس إلى التصرفات المتردية المنحطة التالية:
- الدعوة للقتل والعنف.
- تهجير أي أحد من الساكنة على أرضها إلا لو شكل خطرا عليها وكان بحكم محكمة.
- سب أي رموز دينية مثل المفتي.. والكاتب يختلف مع المفتي ويرفض ما يسمى بالدولة الدينية.
- استخدام الأسلحة في مهاجمة أي قنوات إعلامية مدنية.
- اقتحام السجون وتغييب العدل.
- تمجيد الحكم العسكري.. فالعسكر لا يمكن أن يكونوا داخل المدينة، فطبيعيتهم تتطلب أن يكونوا بمعسكرات خارج المدينة.. بل للنظر إلى أمريكا التي جعلت معسكرات جيوشها بجزر عائمة “حاملات طائرات” خارج أمريكا.
- الاستهزاء بأي ديانة.. أو خيارات الناس المذهبية.
كلمة أخيرة:
نؤكد على حرية التعبير في إطار المطالبة بالعدل والحقوق والمساواة وتطبيق القانون واحترامه.. كما ويجب إصدار تشريعات تجريم تجرم الدعوة للكراهية والعنف والحرب والقتل والحرق.. أو الاستهزاء بالنسب إلى مدينة أو قبيلة أو عرق أو مذهب أو دين.. طرابلس لجميع الليبيين والليبيات الممتثلين للقيم المدنية والحضارية.. والمؤمنين بالآنسنة البشرية والدينية.. ومن يريد حياة البداوة عليه أن يكون خارج طرايبلس..
حفظ الله طرابلس.. وليبيا.. تدر ليبيا تادرفت..
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً