نُشر على إحدى صفحات الفيسبوك مقالة لجريدة لواء الحرية العدد 15 بتاريخ 2 يوليو 1951م مقالة بعنوان: “صراع بين الحق والقوة” تُحاكي واقعنا المر الذي نعيشه اليوم في ليبيا التي: لا نعرف كيف ستكون هويتها؟ ولا شكل نظام حكمها ولا الوثيقة التي سترسم محدداته؟ ولا أصلاً من سيحكمها؟ ليبيا وصلت من التشتت والتشرذم والانقسام إلى درجة تتجاوز حدود التعقُل والتدبُر، والفضل يرجع للبار الدكتاتور معمر القذافي الذي تجاوز حدود العمالة والخسة ليلعب دور الفاسد والمُفسد والمُخرب في ليبيا والمنطقة بشكل عام. نعم ما تعيشه ليبيا من فوضى وما يتفجر من براكين الكراهية من نفوس بعض الليبيين، بل معظمهم، إلا صناعة زريبة الجماهيرية! ففكر الجماهيرية الذي صنعه الدكتاتور عبارة عن: الجميع يتربص بالجميع ليدمرهم خدمة للجماهيرية المختزلة في شخص معمر ليفوز بالجائزة: رضى معمر والعبث بليبيا وشعبها.
من أصحاب الحق؟
القليل من أفراد الشعب الليبي يحلمون بدولة العدل، والقانون، والمساواة، والحرية. فبعد أن تم التجهيل المُمنهج وتدمير مؤسسات التعليم بتمكين الغش بين الطلاب، بواسطة المعلمين والمعلمات، وكذلك أولياء الأمور، وباتت القاعدة العامة هي الغش، في جميع المعاملات الإدارية، ووراءها أصحاب، عملاء، القوة بينما التمسك بالنزاهة والأخلاق شذوذ وهم أصحاب الحق اليوم في ليبيا. بالطبع تقف الدول المنتصرة: أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، ومعهم المنهزمة إيطاليا، وألمانيا ومعها ربما بعض الدول الدولة التي تراوح بين أصحاب الحق والقوة مثل تركيا لتوظيف أصحاب الحق لتحقيق النتائج التي ترغبها في الانتخابات. فجميع الدول وظفت بعض أصحاب الحق لمصالحها وأقنعتهم بحمل السلاح، الذي وُفر لهم، وأقحمتهم في وهم الدفاع على مصلحة ليبيا، وهم ينفدون مخططات لا علاقة لها بأصحاب الحق، ومن هنا اختلطت النوايا عند بعض أصحاب الحق!.
من أصحاب القوة؟
المجتمع الدولي ومن في فلكهم بشكل منبطح، والمستعدون لتنفيذ أي مخطط يُرضى الأجنبي في سبيل الوصول للسلطة، وتحقيق مكاسب آنية شخصية تلتصق بالأرض ولا ترفع عيونها إلى أفق السماء. التفاوض مع الأجنبي مهم، والشراكة قد تكون الأهم لبناء دولة مستقرة ولكن بشكل نِدي. أما اليوم، فنجد المتصدرون للمشهد يؤمنون بأن المال قوة، وهذا صحيح، ولكن بدون اشتراط أي معايير أخلاقية أو اجتماعية. نرى اليوم من يصرفون على ترشحهم بمئات الآلاف بل وملايين الدينارات من أجل الفوز بالسلطة، أو بالأحرى تحقيق الرغبة الجامحة عنده في الحلم بالسلطة، بعد أن عاشوا عبيد للدكتاتور معمر الذي حرمهم من التفكير في الحلم بالسلطة. ونجد أيضاً المجتمع الدولي الغربي المسيحي يفرط في استخدام القوة، باستخدام شبابنا ومالنا، لتصفية حساباته على أرضنا. والانتخابات اليوم تمثل الفصول النهائية لكتابة صراع الغرب فيما بينهم وبين أمريكا وتحوطاتها تجاه تنين أسيا الصين في أفريقيا الموارد الطبيعية والعمالة الرخيصة، وما تلعبه ليبيا جغرافيا في ربط ذلك بأوروبا.
من سيكون رئيس ليبيا القادم؟
الواضح أن ما يحدث اليوم هو استعداد لتقديم رئيس ليبيا القادم. المجتمع الدولي تقريباً أتفق على أن الحرب لن تكون الوسيلة في صناعة جغرافيا سياسية موحدة، بعد وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر 2020، فالجغرافيا العسكرية هي التي تفرض نفسها اليوم. وهذا ربما يجعلنا نقف على بعض النقاط المهمة والتي تتلخص في الآتي:
- فتح باب الترشح على مصرعيه لتشتيت التفكير في أي أسم من الأسماء أو بالأحرى ردم الاسم، أو الأسماء المجهزة تحت نصوع الأسماء الجدلية: سيف، حفتر، باشاغا، بوسهمين، الوافي، وغيرهم. واستبعاد 25 أسم بداية لغربلة الأسماء وتجهيز الاسم المتوافق عليه
- استقالة يان كوبيتش بدون مبررات مقنعة، هي أيضاً إمعان في تمويه الاسم الجاهز لمنصب الرئاسة
- بالتأكيد الوصول إلى اتفاق يعني إلغاء جميع الأسماء المستثمر فيها، والتي هي أيضا جدلية وغير متفق عليها. فاتفاق المجتمع الدولي يتطلب أسم مجهول عن الشعب الليبي وليس عنده موفق معه أو ضده
- كانت روسيا مع الحلفاء ضد المحور، قبل أن تتحول من المسيحية إلى الشيوعية، وكان الصراع على أشدة للتموضع على جغرافيا ليبيا ومحاولة تمرير مشروع بيفن سفورزا ولكن التأكيد على إجهاض المشروع تم بمساعدة أمريكية، وتوافق مع تطلعات الشعب الليبي. اليوم يوجد طرف لم يكن حاضراً، وهو الصين، القابل للتمدد في أفريقيا. وهذا سيفرض ضرورة التوافق بين المصالح المتناقضة للدول الغربية المسيحية، ومعهم تركيا المسلمة، ضد التنين الكونفوشيوسي. فبات ضروري التوافق على أسم لرئيس الدولة
- لو المطبخ الدولي لم يفلح في ترتيب الانتخابات بالقوة المستخدمة اليوم، تمرير الشخصية المطلوبة، فسيعطل الانتخابات وسينصب من جهزه للمهمة
- مازال المجتمع الدولي على قناعة بالاستثمار في الأشخاص وليس في استرضاء الشعب الليبي، وهذا لا يتوافق مع ثورات: الاتصالات، والمعلومات، والحقوق، والتكنولوجيا الإعلامية والسوشيل ميديا، وهذا ما سيوسع من دائرة أهل الحق وسيُضعف أهل قوة المال
ستكشف لنا الأيام القادمة كيف ستكون الصياغة النهاية للقوة، ولكن سنأمل أن يكون لأهل الحق (الشعب) نصيب أفضل في الانتخابات البرلمانية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً