هل يختم الليبيون نهاية عامهم الرابع بالسلام؟ أربع سنين عجاف على قيام الثورة والتخلص من طاغية أذاق شعبه ويلات التخلف والعذاب والفقر والجوع والخوف، هذه من تلك، فما نعانيه خلال هذه الأربع من سوء خلق وقتل وسرقة على كل المستويات هو نتيجة منطقية وحتمية لا ريب فيها نجني ثمارها من غثاء تلك الأربعين الغابرة التي رسّخ فيها النظام كل نظم الإبتذال والإنحطاط الأخلاقي والتعليمي، فما كان الليبيون ولا هُم. ولا شك إن الخروج من دائرة الإنحطاط الفردي والجماعي الذي أُصبنا به يحتاج إلى طويل وقت وجهد مصحوبا ببرامج ومناهج ذات أهداف محددة لمحو آثار هذا الإنحطاط الذي يبدوا واضحا جليّا بعد زوال آلة الخوف والبطش والتنكيل.
بعد مرور أربع سنوات على زوال تلك الآلة المقيتة البغيظة التي أدارة ليبيا نحو الهارية بدأ الليبيون في التخبط حالهم كالذي أصابه الشيطان من المس فعلى سبيل المثال تجد السياسي الليبي وهو الذي يُعوّل عليه لقيادة البلد والوصول بها لبر الأمان تجده في الخصوص يشتم هذا ويسفّه رأي ذاك ويحرض على هذا ويكيد لمدينة بعينها بل لبلده كاملة وقد يتواطأ مع غير الليبيين في سبيل أن يحكم ويتصدر المشهد!!! ولقد قرأنا وسمعنا وشهدنا أمثلة من هؤلآء الذين لو كان هناك دولة وقانونا يحميها لحوكموا على ما أقترفوه في حق الوطن؟ ألا لعنة الله على الظالمين، ولكن إنفراط عقد الدولة شجّع كثيرا ممن على شاكلة هؤلآء المبتذلين المنحطين الذين لا هم لهم إلا أنفسهم من التمادي في إنحطاطهم السلوكي، فإلى متى يا ترى؟
ألم يكتفي المتصارعون المراهقون من الساسة والمجرمون القتلة بما أحدثوا في البلاد من تشريد وقتل وتدمير؟ ألم يرتووا من دماء الليبيين بعد؟ ألم ينتقموا ويشفوا غليلهم من هذا الشعب الذي ناشد الحرية والكرامة؟ أربع سنوات من الجراح العميقة التي أصابت أفئدة الليبيين من طيش وحمق صاحب الأربعين الذي من طيشه وحمقه حين خرج الليبيون ينشدون حقوقهم وصفهم بالخروج عن الطاعة وشق عصى الجماعة فأي جماعة تراهم للصف شقّوا؟؟؟ وأنفاذ الليبيون لهذا الطيش الذي وعدهم به الأحمق فأخذوا من الحُمق ما نرى في وطننا وبيننا! لقد مات كثيرٌ من فتية هذا البلد لنحيا في عزة وكرامة لا أن نتقاتل ويضرب بعضنا بعضا، أليس من حق أولئك الفتية الذين دفعوا أرواحهم علينا أن نراعي دمائهم بحقن دمائنا والإلتفاف حول بعضنا والتفاهم فيما بيننا ؟ أليس من حق أولئك الفتية علينا أن نبني وطنا كانوا يحلمون ببنائه؟
أمنَ الحكمة أن نقف بين الموت والحياة ؟ فهذا هو حالنا فلا نحن حيينا ولا نحن متنا. الوقت قد يكون مناسبا الآن أكثر من ذي قبل لتضميد الجراح والخروج من الفراغ، لقد تحقق ما لم يتحقق وإن كان دون المستوى ولكنها ربما تكون البداية فأول الغيث قطرة، وإن الجبال من الحصى، توصلٌ إلى اتفاق وتشكيل حكومة وطنية، لقاء الإخوة الأعداء رئيسي المؤتمر والبرلمان وهذا عمل في الإتجاه الصحيح يحتاج لدعم من أعضاء المؤسستين فلا تغرنكم ألقاب الإمارة فأنتم لعمري كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسد. كل ذلك وغيره يوحي بأن على المسئولين اغتنام الفرص وتخطي العقبات وأن الآخر وإن لان فقلب الأخ ألين وأنعم.
نعم، نعلم أن للحرية ثمن من الأنفس والراحة والثمرات فلم نسمع بشعب نال حريته وكرامته دون ثمن قال الشاعر: وللحُريّة الحمراءِ بابٌ بِكلّ يدٍ مُضرّجَةٍ يُدقُّ. لقد قدّم الليبيون نساءً ورجالاً ثمنا غاليا للحرية فعلى الساسة أن يكُفّوا عمّا هم فيه ويعوا حجم التضحيات التي قُدّمت لتغيير الوضع البئيس. فالتضحيات لم تقدم لتغيير وجوه بئيسة بأخرى أو تستنسخ نظام بأخر؟؟؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً