يسعى نواب في مجلس الأمة الكويتي لاسقاط رئيس الورزاء البريطاني الاسبق توني بلير مع أعضاء في اسرة آل صباح في “لعبة الباب الدوار” التي منحته عقدا بقيمة 43 مليون دولار من أجل رسم مستقبل الامارة الغنية بالنفط.
وذكرت صحيفة “اندبندانت” في عددها الصادر الأربعاء أن عدداً من نواب مجلس الأمة الكويتي يخططون لاستجواب وزير مالية بلادهم حول عقد مثير للجدل بملايين الجنيهات الإسترلينية مع شركة يملكها بلير، لتقديم المشورة للعائلة الكويتية الحاكمة.
وقالت الصحيفة في تقرير كتبه “ريتشارد هيل”إن شركة الإستشارات الخاصة التي يملكها بلير حصلت على 27 مليون جنيه استرليني عام 2009 مقابل تقديم المشورة لحكام الكويت حول التوجهات السياسية والإقتصادية والإصلاحات الحكومية.
وسبق وان دخلت السلطات الكويتية في لعبة سمتها وسائل الاعلام بـ “الباب الدوار” مع رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير ومنحت شركته عقدا بقيمة 43 مليون دولار من أجل رسم مستقبل الامارة الغنية بالنفط.
وكانت الكويت أول زبون لشركة “توني بلير وشركاؤه” والتي أسسها مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط في لندن عام 2009 لتقديم استشارات في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي والاتجاهات الحكومية، وتعاقدت معها لوضع تقرير حول المستقبل السياسي والاقتصادي للامارة الخليجية الصغيرة والغنية بالبترول تحت عنوان “رؤية الكويت 2035” سلّمته إلى الحكومة الكويتية في وقت سابق من العام 2010.
واضافت الصحيفة البريطانية أن عدداً من النواب الكويتيين هم الآن في طور جمع المعلومات حول العقد مع شركة بلير، ويخططون لاستجواب وزير المالية مصطفى جاسم في وقت لاحق هذا الشهر.
واشارت إلى أن العقد وُضع بإطار السرية بطلب من الحكومة الكويتية، لكن عملية تدقيق قامت بها اللجنة الإستشارية لتعيينات العمل التي تدقق بوظائف الوزراء البريطانيين السابقين كشفت لاحقاً أن بلير حصل على مليون جنيه استرليني لتقديم المشورة للأسرة الحاكمة في الكويت.
وقال متحدث باسم بلير “إن الرسوم المدفوعة لشركة (توني بلير وشركاه) من الحكومة الكويتية مبالغ فيها، ولم تصل أبداً إلى الرقم المذكور 27 مليون جنيه استرليني”.
واضاف المتحدث للصحيفة أن بلير “يعمل مع حكومة الكويت على برنامج للإصلاح والتحديث، يتطلب وجود فريق تم توظفيه بدوام كامل على مدى عدة سنوات لتنفيذ المشروع.. ونحن فخورون جداً بالعمل ونعتقد أن الكويت لديها مستقبل عظيم شريطة أن تنفّذ الخطوات المطلوبة للإصلاح”.
وسبق وان ذكرت مصادر كويتية مطّلعة على الصفقة لصحيفة “ديلي ميل” أن شركة بلير ستحصل على أكثر من 12 مليون دينار كويتي (27 مليون جنيه إسترليني)، فيما نفى متحدث باسم بلير هذه المزاعم واعتبر أنها مبالغ فيها، لكنه اعترف بأن فريقاً من شركة “توني بلير وشركاؤه” ستعمل مع الكويتيين لعدة سنوات.
ولم يرد على سؤال عما إذا كان بلير أو موظفيه قد نقل المتدربين الكويتيين الى مبنى الحكومة “وايتهول”.
وأشارت الصحيفة في تقريرها الذي كتبه نبيلة رمضاني من الكويت وتيم شيبمان من لندن، إلى أن بلير ومستشاريه يساعدون الحكومة الكويتية منذ ذلك الحين على تنفيذ نتائج التقرير ويقومون بتدريب فريق من كبار الموظفين الحكوميين الكويتيين على النموذج البريطاني في إدارة البلاد.
ونسبت الصحيفة إلى مصدر حكومي في الكويت قوله “إن شركة بلير حصلت على أكثر من 12 مليون دينار كويتي مقابل العمل الاستشاري الجاري والمتعلق بالتقرير، وتم تكليف بلير بهذا العمل بسبب مكانته الدولية العالية وخبرته الواسعة في شؤون إدارة الحكومة، وحقيقة أنه ساعد في هزيمة العراق في عهد صدام حسين”.
ووصف مراقبون الاعتراف الكويتي بما يشبه مكافأة بلير على دوره المحوري في احتلال العراق مع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش تحت ذريعة البحث عن اسلحة الدمار الشامل التي ثبت فيما بعد لا وجود لها.
وقال المصدر الكويتي أن بلير “يزور الكويت بشكل منتظم في الوقت الراهن وكذلك موظفوه، فيما توجه شركته في المقابل دعوات لمتدربين كويتيين إلى لندن لاطلاعهم على طرق عمل الحكومة البريطانية وتزويدهم بالنصائح من الفترة التي أدار بها بلير المملكة المتحدة كرئيس للوزراء.
وقالت “ديلي ميل” إن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح انتقل لتنفيذ بعض التوصيات التي اقترحتها شركة بلير في تقريرها “رؤية الكويت 2035″، وخصص 45 مليار جنيه إسترليني لتنفيذ 250 مشروعاً على مدى السنوات الأربع المقبلة، بما في ذلك مركز تجاري باسم مدينة الحرير وميناء جديد ونظام للمترو والسكك الحديدية وربما سيطلق على شارع في الكويت اسم بلير اسوة بشارع بغداد الذي غير اسمه الى شارع بوش.
وذكرت الصحيفة ان شيري بلير قد سكنت في جناح أميري بفندق الشيراتون بمدينة الكويت يكلف 2400 دولار في الليلة الواحدة على حساب سلطات الكويت.
وينتاب المراقبون البريطانيون القلق من استثمار بلير وظيفته كمبعوث للجنة الرباعية لعملية السلام في مصالحه التجارية الخاصة لجمع ثروة طائلة. فيما وصف وزير التربية الكويتي السابق موضي الحمود الصفقة بالسلبية والغامضة.
وقال المحلل الكويتي أحمد سعيد “لست الوحيد في الكويت الذي يأمل أن تفسر لنا الحكومة كيف يمكن تجسيد الحكم الرشيد في صفقتها مع توني بلير”.
وسبق وان فشل توني بلير في أخفاء عشرين مليون جنيه استرليني كسبها عبر تسهيل مهمات شركات نفطية عالمية في العراق بعد احتلاله عام 2003.
ونفذ صبر لجنة التعيينات التجارية البريطانية المشرفة على عمل رؤوساء الحكومة السابقين بعد مماطلة بلير في اخفاء المبالغ التي حصل عليها.
وذكرت صحيفة “ديلي ميل” في عدد سابق إن بلير بذل جهداً لإخفاء صفقات كبيرة مع شركة النفط الكورية “UI Energy Corporation” العاملة في العراق بما فيها محافظات كردستان، وحصل بموجبها على عمولة تقدر بالملايين منذ عام 2007.
وتتباهى الشركة الكورية بمستشارين غربيين من الولايات المتحدة واستراليا مثل بوب هوك.
واضافت صحيفة “ديلي ميل” في تقريرها الذي كتبه “جايسون جروفز” الى ما سبق وان اخفاه بلير من حصوله على مليون جنيه استرليني من استشاره شكليه قدمها لشيوخ آل صباح بالكويت.
ووصف المراقيون آنذاك استشارة بلير “بالرشوة الكويتية” تقديرا لمجهوداته في احتلال العراق.
ووصفت الصحيفة الصفقات السرية التي انهالت على بلير بـ”سياسة الباب الدوار” لتحقيق مكاسب غير شرعية من احتلال العراق، وتناسي المسوغات التي اعلن عنها في انقاذ العالم من اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق.
واتهمت الصحيفة بلير ببناء شبكة معقدة من الشركات الوهمية التي تسمح له تجنب نشر حسابات مفصلة عن الاموال التي يحصل عليها.
ووصف النائب دوغلاس كارسويل صفقات بلير بـ”النتنة” مؤكدا انها ليس مجرد افعال سيئة وجشعة.
وأكد النائب الليبرالي الديمقراطي نورمان بيكر على ان الكشف عن صفقات بلير التجارية تؤكد لنا ان رئيس الوزراء الاسبق كان يعرض مواقفه السياسية للبيع، وكل ما فعله في حرب العراق كان يهدف لكسب المال لنفسه.
واستغرب روث تانر الذي يرأس منظمة دولية ضد الحرب والفقر استسالة المبالغ الهائلة على الشركات الدولية من دون توفير الحاجة الواقعية للعراقيين من الوقود.
وعبر تانر عن صدمته في تصريح لصحيفة “صاندي تايمز” بقوله “بدلا من أن يحاسب بليرعلى افعاله في احتلال العراق، صار ينتفع على حساب الشعب العراقي”.
وأتهم بلير بدعم مصالح شركات النفط الغربية مع غزو العراق عام 2003، الا انه نفى هذه الاتهامات واصفاً اياها بـ “نظرية المؤامرة” واقترح ان توضع عائدات النفط العراقي في صندوق يدار من قبل الأمم المتحدة.
واشرفت على الصندوق سلطة الائتلاف التي كان يرأسها آنذاك بول بريمر الحاكم المدني للعراق بعد الاحتلال، وكشف فيما بعد الفساد الذي شاب التعامل مع الاموال العراقية وتهريب كميات هائلة من النفط العراقي لحساب أحزاب طائفية شاركت في مجلس الحكم.
اترك تعليقاً