بيروت – قال الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان الأربعاء انه “لا يجوز افساد العلاقات التاريخية مع السعودية بتوجيه التهم اليها جزافا”.
وبدا أن كلام الرئيس اللبناني موجه لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله الذي شن الثلاثاء هجوما وصفه مراقبون بالفج على المملكة العربية السعودية متهما إياها بأنها تشن حربا على إيران بالوساطة.
واعرب الرئيس سليمان خلال افتتاح مؤتمر (الحوار الحقيقة والديمقراطية) عن ادانته توجيه التهم الى المملكة العربية السعودية جزافا ومن دون أدلة.
واتهم نصرالله في مقابلة مع قناة “او تي في” اللبنانية السعودية الداعمة للمعارضة السورية بالوقوف خلف التفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف السفارة الايرانية في بيروت في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، وادى الى مقتل 25 شخصا على الاقل، وتبنته مجموعة مرتبطة بالقاعدة.
وقال ان “مشكلة السعودیة هو أنها تعاطت منذ البدایة مع إیران على أنها عدو”، مؤكدا ان السعودية التي موّلت صدام للحرب ضد ايران “لا تمتلك جرأة الذهاب إلى حرب.. لكنها تخوض بالمال حروبا بالواسطة”.
وأضاف نصر الله ان “الحرب السعودیة على ایران لم تهدأ منذ العام 1979″، زاعما ان “مشكلة السعودیة مع ایران لیست مذهبیة، والدلیل ان السعودیة سابقا کانت لدیها مشكلة مع مصر ومع الیمن ومع سوریا”.
وأعرب عن اسفه بأن “السعودیة لا تقبل شریكا او صدیقا بل ترید ان تكون کل دول المنطقة العربیة تابعة لها”.
وأجج الصراع السوري خلافا مستحكما بين السعودية وحزب الله الشيعي تعود جذوره إلى الساحة اللبنانية نفسها حيث تدعم السعودية حلفاءها السنة هناك، الأمر الذي يعتبره زعيم حزب الله تحديا مباشرا لنفوذه الشخصي ونفوذ طائفته الشيعية في لبنان.
وأدانت السعودية في مناسبات عديدة وقوف الحزب اللبناني كراس حربة في مشروع إيران التوسعي في لبنان وفي عدد من الدول العربية لدعم جماعات شيعية تعمل على إثارة النعرات الطائفية لـ”مصلحة مشروع شيعي صفوي” نجح إلى حد كبير في توتير الأوضاع الأمنية الهشة في اليمن والبحرين بشكل خاص وفي السعودية نفسها إلى حد كبير، هذا بالإضافة إلى سيطرة الشيعية على العراق واجتماعهم على القتال تحت راية واحدة في سوريا في موقف يقول مراقبون إنه يخدم بشكل مباشر ما يصطلح عليه بمشروع الهلال الشيعي في المنطقة.
واشار نصرالله الى ان “هناك جهات إقلیمیة ودولیة کانت تدفع خلال السنوات الماضیة باتجاه خیار الحرب من ایران، وکان لخیار الحرب علیها تداعیات خطیرة على المنطقة.. لكن ایران لیست دولة ضعیفة او معزولة”.
وقال محللون إن كلام زعيم حزب الله ربما يشير إلى روسيا التي وقفت كحليف قوي لإيران وسوريا ضد الدول الغربية الكبرى، لكنه اساسا يلمح إلى حزبه وإلى المليشيات الشيعية الأخرى الموجودة في أكثر من دولة عربية والمستعدة للقتال من أجل إيران ومشروعها اذا ما فرضت عليها الحرب في أي وقت من الأوقات.
وقبل نحو أسبوع، أطلقت جماعة تدعى “جيش المختار” الشيعية العراقية ويتزعمها المسمى واثق البطاط، قذائف هاون على الأراضي السعودية في هجوم هو الأوّل منذ عقود، وبدا كأنه رد على تبني تنظيم القاعدة للتفجيرين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت.
وأقر وزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي الخميس الماضي في اجتماع لهم بالمنامة، مجموعة إجراءات جديدة وصفت بالحاسمة ضد مصالح حزب الله والمنتمين له.
وكشف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج عبداللطيف الزياني، أن وزراء داخلية دول المجلس بحثوا في عدد من “الإجراءات اللازمة ضد مصالح حزب الله، والمنتمين له والمتعاونين معه في دول مجلس التعاون”.
ولم يحدد الزياني، طبيعة هذه الاجراءات، التي بحثها وزراء الداخلية في اجتماعهم بالعاصمة البحرينية المنامة الخميس، لكن تقارير صادرة خلال الفترة الماضية كانت اشارت إلى ان الدول الخليجية باتت متفقة على ضرورة تجفيف مصادر تمويل الحزب لديها، كما تعمل على ترحيل كل من تثبت علاقته بالحزب اللبناني الشيعي ممن يقيمون لديها من اللبنانيين ومن غيرهم، وذلك بناء على أن الحزب بات يشكل خطرا رئيسيا على الامن الوطني في هذه الدول لارتباطه الوثيق بإيران.
وفي اللقاء التلفزيوني، دافع زعيم حزب الله بشراسة وبكل جوارحه على الموقف الإيراني، مشيدا بالاتفاق النووي الأخير بين طهران والقوى الغربية، وبما وصفه بانتصار المشروع الإيراني السلمي ضد القوى الإقليمية والدولية التي دعت الى الحرب عليها.
وقال نصر الله إن “اتفاق جنیف کرّس تعدد الاقطاب في العالم، وهذا یعني عدم تفرد قطب واحد بالعالم أجمع ولا حتى قطبین وهذا یفتح باب للمناورات وإعطاء هوامش للتحرك في کثیر من المجالات”.
وشدد نصر الله على ان “الاتفاق النووی مرحلي لکن البعض سارع للقول ان الاتفاق بین ولی الفقیه والشیطان الاکبر”، و اکد ان “ایران صمدت بوجه العقوبات ولم یستطع الامیرکی اسقاط النظام في ایران والیوم هناك واقع اوروبی وأمیرکي جدید والولایات المتحدة لا ترید ان تذهب الى حرب وهي تعبت من الحروب”.
وأضاف “بحسب معلوماتی فإن الأميركیین کانوا جاهزین لفتح ملفات أخرى في المفاوضات مع إیران”، الا ان “الایرانیین اصروا على ان یکون التفاهم على الملف النووی فقط، وهم من طلب حصر النقاش بالموضوع النووی وتأجیل البحث في الملفات الأخرى”.
وبالنسبة للقضية السورية، اكد نصرالله خلال اللقاء ان عناصر الحزب يقاتلون في دمشق ومحافظة حمص (وسط) وصولا الى الحدود اللبنانية.
وقال مبررا موقف حزبه من مشاركته في الحرب السورية، إنه “سیأتي یوم نُشكر فيه على تدخلنا بسوریا”، زاعما أن مئات السيارات المفخخة كانت ستأخذ طريقها إلى لبنان لو لم يرسل قوات حزب الله للقتال في سوريا.
لكن الرئيس ميشال سليمان أدان أيضا حزب الله عندما أدان “التدخل في سوريا لمناصرة فريق ضد آخر من اي طرف”.
اترك تعليقاً