قال نشطاء ان سريان وقف لاطلاق النار تدعمه الامم المتحدة في سوريا بدأ صباح الخميس دون أن ترد تقارير فورية عن قتال، وذلك في وقت دعا فيه رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون الخميس السوريين الى التظاهر، مطالبا الدول الداعمة لخطة كوفي انان بتامين وسائل حماية الشعب خلال هذه التظاهرات.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بسماع انفجارات في بلدة الزبداني القريبة من الحدود مع لبنان بعد وقت قصير من موعد سريان وقف اطلاق النار في الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي (3:00 بتوقيت غرينتش) لكنه قال انه لم يتضح سبب الانفجارات.
وقال مقيم في الزبداني ان البلدة تعرضت لقصف مدفعي خلال ليل الاربعاء لكنه لم يسمع شيئا بعد الموعد المقرر لسريان وقف اطلاق النار. وقال نشطاء اخرون في مدن حماة وحمص ودمشق ان الوضع هادئ.
ووعدت وزارة الدفاع السورية الاربعاء بوقف العمليات صباح الخميس لكنها لم تشر الى سحب قوات الجيش من المدن وقالت انها ستتصدي “لاي اعتداء” من جانب الجماعات المسلحة.
ونقل التلفزيون الحكومي السوري عن مصدر بوزارة الدفاع السورية يوم الاربعاء قوله ان الجيش سيوقف عملياته صباح الخميس لكنه سيواجه “اي اعتداء” من جانب الجماعات المسلحة.
لكن التقرير لم يذكر شيئا عن انسحاب القوات من المناطق السكنية وهو ما كان يفترض ان يبدأ الثلاثاء وفقا لخطة السلام التي جرى الاتفاق عليها مع المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان.
وقال غليون في اتصال هاتفي “ندعو الشعب الى التظاهر للتعبير عن نفسه، والحق بالتظاهر السلمي نقطة اساسية من نقاط خطة انان”، موفد الامم المتحدة وجامعة الدول العربية الخاص الى سوريا.
واضاف “التظاهر حق مطلق للشعب السوري، لان لا قيمة لوقف اطلاق النار الا لانه يسمح للشعب بالتظاهر”.
وتابع ان “لا قيمة لخطة انان اذا لم تنقل البلاد الى حكومة ديموقراطية تعددية، وبداية هذه العملية الانتقالية الحرية واطلاق حق الشعب في التظاهر والتعبير عن نفسه وحرية الصحافة”.
وطالب رئيس المجلس الوطني الذي يضم غالبية اطياف المعارضة السورية “جميع الدول التي تؤيد مهمة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية ان تراقب تطبيق خطة انان بحذافيرها لا سيما حق الشعب بالتظاهر والتعبير مباشرة بعد وقف اطلاق النار”.
كما طالبها بـ”ان تؤمن وسائل حماية الشعب اذا تعرض للقتل واذا تجاوز النظام الخطة التي رسمها انان”.
وشدد على “ضرورة ان يكون المراقبون الدوليون في اسرع وقت على الارض” في سوريا.
وردا على سؤال عن دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ صباح الخميس، قال غليون “يجب ان ننتظر لنرى، اليوم لم ينته بعد”، مضيفا “نحن غير واثقين بتاتا بالنظام خصوصا ان القوات العسكرية لم تنسحب بعد” من الشوارع.
واضاف ان النظام قال “ان القوات ستبقى متأهبة. ماذا يعني هذا؟ وقف اطلاق نار مع تأهب لاطلاق النار في اي لحظة؟”.
ولم يقل أحد من النشطاء انه شاهد أي علامات على انسحاب الدبابات من المدن والبلدات وهو أحد البنود التي وافقت عليها سوريا بمقتضى وقف اطلاق النار.
وحتى مع اعلان التعهد بوقف اطلاق النار كان النشطاء يتحدثون عن دخول مزيد من الدبابات الى مدينة كبيرة.
وقال متحدث باسم عنان ان الحكومة السورية قدمت للامين العام السابق للامم المتحدة تأكيدات على أنها ستوقف القتال بحلول الفجر وهو الموعد النهائي لوقف العمليات القتالية.
لكنه أكد أيضا ضرورة انسحاب القوات من المناطق السكنية.
وقال احمد فوزي المتحدث باسم عنان في بيان نقلا عن خطاب أرسلته اليه وزارة الخارجية السورية ان دمشق وافقت “على وقف كل العمليات القتالية العسكرية في أنحاء سوريا بحلول الساعة 3:00 صباحا (3:00 بتوقيت غرينتش) غدا الخميس الموافق 12 ابريل 2012 في الوقت الذي تحتفظ فيه بحق الرد بشكل متناسب على اي هجمات تشنها جماعات ارهابية مسلحة ضد المدنيين أو القوات الحكومية أو الممتلكات العامة والخاصة”.
وقالت روسيا المدافع القوي عن الرئيس السوري بشار الاسد امام الضغوط الغربية والعربية انه يجب أيضا على المعارضة المسلحة ان تحترم وقف اطلاق النار.
وفي وقت سابق قالت المعارضة المسلحة التي تفتقر الى هيكل قيادة منسق بشكل واضح انها ستوقف اطلاق النار اذا انسحبت القوات السورية والتزمت بالهدنة.
وقال قاسم سعد الدين المتحدث باسم الجيش السوري الحر داخل سوريا ان اعلان وزارة الدفاع السورية التفاف على خطة عنان التي تلزمه بسحب الدبابات وإنهاء العنف. وقال ان المعارضة ستنتظر حتى الخميس وترى ما سيحدث.
لكن غالبية المعارضين يعتقدون ان الاسد لا ينوي الالتزام بخطة عنان لانهاء العنف.
وتحدث نشط بصوت ساخر في خلفية مقطع فيديو يظهر فيه مركز تجاري تشتعل فيه النار بعد أن أصيب في قصف استهدف حي جورة الشياح في حمص وقال “عنان هذا هو وقف اطلاق النار”. وتعالى صوت اطلاق الرصاص في الخلفية بين الحين والاخر.
وقال نشطاء ان 12 شخصا على الاقل قتلوا يوم الاربعاء.
وسخرت القوى الغربية ايضا من وعود الاسد التي قدمها لعنان باحترام الهدنة لكن تلك القوى تفتقر حتى الان الى سياسة فعالة لوقف العنف في سوريا في ضوء عدم رغبتها في التدخل العسكري وفي ظل رفض روسيا والصين لاي تحرك من جانب مجلس الامن الدولي.
وقالت السفيرة الأميركية في الامم المتحدة سوزان رايس للصحفيين “تم من قبل تقديم التزامات مرارا قبل الحنث بها المرة تلو الأخرى”.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارة لاندونيسيا “استغل النظام فرصة المفاوضات الدبلوماسية لتصعيد الحملة ضد شعبه”.
وأظهرت لقطات فيديو بثها نشطون على يوتيوب قذائف تسقط على حي الخالدية في حمص.
ولم يتسن التحقق من جهة مستقلة من مصداقية اللقطات وتمنع الحكومة السورية معظم وسائل الاعلام المستقلة من دخول البلاد.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض ان ثلاثة اشخاص قتلوا في حمص وان قصفا استمر نحو ساعة اسفر عن مقتل رجل وامرأة وطفل في القصير قرب الحدود مع لبنان بينما قتل ثلاثة أشخاص قرب دمشق.
وقال الناشط وليد الفارس في حمص حيث اسفر القصف عن مقتل 26 شخصا على الاقل الثلاثاء “بدأ القصف بقذائف المورتر في السابعة صباحا. يمكنني سماع صوت انفجار كل خمس دقائق”.
وقالت جماعة المعارضة الرئيسية قبل ساعات من انتهاء مهلة وقف اطلاق النار انه اذا لم يلتزم الاسد بوقف اطلاق النار فعلى العالم ان يتحد ضده ويفرض عليه عقوبات تشمل حظرا للسلاح.
وقالت بسمة قضماني المتحدثة باسم المجلس الوطني السوري “فرص التزام النظام بوقف اطلاق النار أو تنفيذه ضعيفة كما نعلم جميعا. لا توجد علامة في الوقت الراهن على الارض”.
واضافت “نود ان نرى قرارا بالاجماع من أعضاء مجلس الامن يبعث بانذار الى النظام بمهلة ليست بعيدة تقول انه في يوم كذا ستطبق اجراءات”.
ويحتاج تحرك الامم المتحدة دعم روسيا والصين اللتين سبق ان عرقلتا محاولتين سابقتين لاصدار قرارات بشأن سوريا خوفا من تكرار التدخل الذي جرى في ليبيا والذي من شأنه في رأيهما ان ينتهك السيادة السورية.
وقالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية انها ستجتمع الاربعاء مع سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي في مسعى لاقناع روسيا بتغيير سياستها.
وقالت كلينتون “سنقوم بمحاولة أخرى لاقناع الروس بأن الموقف يتدهور وبأن احتمال نشوب صراع اقليمي وحرب اهلية يتصاعد”.
وعبرت الصين عن “مخاوفها العميقة” بشأن العنف في سوريا ودعت جميع الاطراف الى احترام وقف اطلاق النار.
وقالت تركيا التي تستضيف نحو 25 الف لاجئ سوري ان وزير خارجيتها احمد داود اوغلو سيناقش الازمة السورية مع نظرائه في مجموعة الدول الثماني الكبرى الاربعاء عبر الهاتف.
وحثت انقرة مجلس الامن على تبني قرار يحمي الشعب السوري قائلة ان دمشق لم تلتزم بوعد سحب قواتها من المراكز السكنية وزادت العنف.
وقال عنان انه تجب اتاحة الفرصة امام خطته.
وقال خلال زيارة لطهران تهدف لكسب التأييد لخطته “اذا احترم الجميع ذلك فأعتقد أننا سنرى بحلول الساعة السادسة صباح يوم الخميس تحسنا في الاوضاع على الارض”.
لكن الجيش السوري واصل هجماته على عدد من معاقل المعارضة بدلا من ان ينسحب الثلاثاء كما تدعو خطة عنان.
وقال المتحدث باسم المبعوث الدولي الاربعاء ان عنان سيواصل الضغط من اجل تنفيذ خطته التي تتضمن ست نقاط بما في ذلك البند الثاني الذي يدعو الى ضرورة انسحاب القوات من المدن والبلدات.
وقال نشطاء في مدينتي حماة والرستن ان الجيش السوري نشر دبابات بوسط حماة الاربعاء وبدأ أيضا قصف الرستن.
وقال نشط في حماة ان “ما لا يقل عن 20 دبابة تتحرك الى حيي الدباغة والمجايلي في وسط مدينة حماة”.
وفي الرستن الواقعة على الطريق السريع بين حمص وحماة قال نشط “بدأوا قصف الرستن بكثافة الان.. منذ نحو 20 دقيقة. يستخدمون المدفعية”.
وقال المرصد السوري ان شخصين قتلا في هجمات للجيش على دير الزور في وادي نهر الفرات الى الشرق وقصفت المدفعية منطقة جبل الاكراد في محافظة اللاذقية المطلة على البحر المتوسط.
وفي درعا في الجنوب مهد الانتفاضة المستمرة ضد حكم الاسد منذ 13 شهرا قال نشطون ان قوات تدعمها عربات مدرعة تدفقت على المدينة وتقوم بمداهمة المنازل.
وقال الناشط عمر الحريري انه لم ير من قبل مثل هذا العدد من الجنود. وقال “الجيش يستغل وقف اطلاق النار للقبض على مزيد من المعارضين وقوات الامن تحرق المنازل”.
وحث عنان في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي ايران على المساعدة في حل الازمة وحذر من “عواقب لا يمكن تصورها” اذا ساءت الامور اكثر من ذلك.
وقال صالحي ان السوريين يجب ان يكونوا قادرين على اجراء انتخابات حرة تتنافس فيها الاحزاب السياسية لكنه اكد معارضة ايران لاي تدخل اجنبي في الشؤون السورية واوضح ان الجمهورية الاسلامية تريد استمرار الاسد في الحكم.
وأضاف وهو يقف بجوار مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الخاص الى سوريا “يجب منح الفرصة للحكومة السورية لاجراء تغييرات تحت قيادة بشار الاسد”.
ولا يبدو حتى الان ان المأساة السورية تقترب من الحل.
وتقول الامم المتحدة ان قوات الاسد قتلت اكثر من 9000 شخص في العام الماضي. وتقول دمشق ان المعارضة المسلحة قتلت اكثر من 2600 من قوات الشرطة والجيش.
وقال كاميرون في تصريحات موجهة بوضوح الى موسكو وبكين “هذه لحظة حاسمة” وان مجلس الامن عليه “مسؤولية واضحة” لدعم خطة عنان والاصرار على تنفيذها.
اترك تعليقاً