مشاهد من الثورة الليبية مع المؤرخ فرج نجم

المؤرخ الليبي دكتور فرج نجم

ضمن النشاط الثقافي للجاليية الليبة بلندن، وبالتنسيق مع الملتقى الثقافي العربي ببريطانيا، تحدث المؤرخ الليبي دكتور فرج نجم حول مشاهد من الثورة الليبية بقاعة المؤتمرات بفندق بلاز نورفولك-Norfolk Plaza Hotel، وقد حضر اللقاء لفيف من المثقفين العرب ببريطانيا.

في بداية اللقاء، ألقى الدكتور رمضان بن زير كلمة شكر فيها تعاون الجالية مع الملتقي ورحب بالحضور وبالمحاضر، ونوه باهمية هذه المحاضرة لانها توتق لما حصل في ليبيا خلال ثورة 17 فبراير الظافرة، مذكرا بان التاريخ الليبي المعاصر لم يكتب بعد، والتاريخ الذي كتب في الحقبتين السابقتين بعد الاستقلال لم يكون هو التاريخ الحقيقي لليبيا، وان ذلك التاريخ لم يتناول الملاحم الكبرى التي خاضها الليبين كمعركة القرضابية التي توحد تحت رايتها جل الليبين، واهمل عمدا الحديث عن الجمهورية الطرابلسية التي تعتبر اول جمهورية في الوطن العربي. كما ذكر ايضا انه يعول كثيرا على دور الشباب الذين عاصرو وشاركوا بل صنعو ثورة 17 من فبراير، وضيفنا اليوم شاهد على بعض احداثها ومشاركا فيها.

ثم بداء الاخ المحاضر بالحديث، في محاضرته تناول بعض مشاهداته من الثورة الليبية، ذاكرا بان ارهاصات الثورة لا تعود الى فبراير، بل ترجع بتاريخها الى عام 6200 وتحديدا الى 17 فبراير من ذلك العام حيث خرجت جماهير بنغازي عقب الصلاة الى الميادين العامة منددة برسوم الكرتون الدنمركية المسئة لشخص الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، ورغم ان النظام كان قد حاول المتاجرة بهذا الموضوع وحرض الناس عن الخروج، الا ان المظاهرة خرجت عن الدور الذي حدده النظام لها وانقلبت عليه وتحولت الى التنديد به، الا ان قسوة النظام عملت على اخماد المظاهرة وانهائها.

من النقاط الجديرة بالذكر حديثه عن دور النساء، فقد اشار في معرض حديثه الى ان من اشعل فثيل ثورة 17 فبراير هن النساء، فقد اعتصمن بميدان الشجرة وطالبن السلطات الامنية بالافراج عن المحامي فتحي تربل الذي ثم احتجازه، واشار المحاضر نقل عن لسان فتحي تربل ان عبد الله السنوسي كان هو من افرج عنه بعد ان طالبه بان ينهي اعتصام النساء بالميدان، ويطلب منهن الرجوع الى بيوتهن. اذا، على الشعب الليبي ان يفتخر بان له امهات واخوات وزوجات قادرات على هز عروش الجبابرة ودك كراسي المستبدين.

وكان الحديث عن التلاحم الوطني حديث ذو سجون، فقد شارك فيها كل مكونات الوطن الليبي من عرب وامازيغ، وتحدث عن الدور الذي لعبه الثوار بالمنطقة الغربية في جبل نفوسة والزاوية وزوارة ومصراته، وفي حين استطاعت جغرافيا الجبل توفير بعض الحماية لسكان نفوسة، الا ان مصراته عانت الكثير وحوصرت من جهاتها الثلاث، من الغرب ومن الشرق ومن الجنوب، وقد تحملت الكثير، وكان صبرها وعنادها في مواجهة كتائب النظام سبب رئيسي في حماية اللحمة الوطنية، وفوتت بذلك على النظام تقسيم ليبيا، وبفضل جهود اهلها وتكاتفهم، وبسبب بسالة ابنائها الشباب استطاعت ان تحطم اكثر كتائب النظام شراسة، وتحطمت عند عتباتها اكثر من 10 كتائب امنية، فكانت السبب المباشر في هزيمة النظام وسارعت في انهائه، الا انها بالمقابل قدمت العديد من الضحايا وقوافل من الشهداء حتى استحقت ان تسمى بجدارة عاصمة الشهداء.

اشار المحاضر ايضا الى اهمية الدور الذي لعبته الدول الصديقة والشقيقة الغربية والعربية في نجاح الثورة، وحرص في الثناء على تلك الدول، وهي جديرة بهذا الثناء الذي نراه دين في رقابنا لما قامت به من اجلنا. وتحدث عن الدور البريطاني والدور التونسي والمصري والسوداني والقطري والامارتي، واشاد بالدور الانساني الذي قدمته تونس خاصة في ايواء الللاجئن الليبين الذين وجدو اهل لهم في مدن تونس القريبة عن الحدود، شاركوهم المسكن والملبس رغم الفاقة وشح اليد. واشاد بالدعم الذي قدمته الحكومة السودانية وتزويدها للثوار بالسلاح والدخيرة، واشاد بالدور القطري واسهامات الجزيرة في انجاح الثورة، وتمنى ان يرى نفس الدعم يقدم الان لاخوتنا الذين تحصدهم الة الاسد العسكرية في سوريا المناضلة.

ايضا تحدث عن التجربة الانتخابية الرائدة التي بدتها مدينة زوارة في انتخاب رئيس مجلسها المحلي، وتحدث عن التجربة الرائعة التي تمت بمدينة مصراته والتي شارك فيها كمشرف على الانتخابات، والتي نالت اعجاب وثناء المراقبين المحليين والاجانب. وكذلك تجربة بنغازي والتي شارك فيها ايضا كمشرف للانتخابات المحلية التي حضت بتغطية كبيرة لاهميتها التي اكدت على تلاحم الليبين.

وبمناسبة الانتخابات اشار الى نقاط مهمة منها، نتائج انتخابات بنغازي التي فاز فيها مرشحين ينتمون الى كل الوطن الليبي من المقيمين ببنغازي، وان اكثر الاصوات قد نالتها امراءة.

هذه النتائج تكمن اهميتها في امور عدة منها شغف الليبين بالتجربة الديمقراطية وتقتهم فيها والتي ابرزتها المشاركة الكثيفة في العملية الانتخابية رغم انها الاولى من نوعها، وتقديرهم لدور المراءة وعدم اقصائها، واشارت اكثر الى اللحمة الوطنية وانتفاء القبلية السياسية، فالمرشحين الذين فازوا ينتموا الى مناطق ليبيا المختلفة.

والنقطة الاخرى التي اشار اليها المحاضر هي المحاصصة الايدلوجية، فقال ان الانتخابات ابرزت حقيقة ان ليبيا لن يحكمها طيف واحد، واستبعد وصول الاسلاميين الى الحكم او استفرادهم به، مستشهد بنتائج انتخابات مصراتة وبنغازي، حيث نجح شخص واحد فقط عن التيار الاسلامي، واوعز هذا الامر الى الطبيعة المتدينة للشعب الليبي، الذي لا يرى في امتياز تيار عن غيره. وفي نهاية المحاضرة قام المحاضر بعرض صور توثق مشاهداته الميدانية، وحملت الصور في مجملها صور مشرفة للواقع الليبي ابان الثورة.

بعد الانتهاء من عرض الصور فتح الباب للنقاش، وكان اولى المداخلات من السيد الغرابي المحامي، حيث عاتب المحاضر عن تناسي الازمة العراقية في معرض حديثه عن الاوضاع التي تمر بها المنطقة. تلى الغرابي سؤال عن موضوع الفيدرالية المطروح في المنطقة الشرقية من الاستاذ منير، ثم جاء سؤال الدكتور محمد عبود الذي اثنى عن المحاضرة الا انه عاتب المحاضر في تقصيره عن ايراد احصائيات وارقام عن الشهداء والقتلى والمفقودين والجرحي، مؤكدا على اهمية هذه الاحصائات.

المحاضر اكد في رده عن مداخلة الاستاذ الغرابي بالاهتمام المتجدر في ليبيا بالشأن العراقي، وتمنى للعراق ان يتعافي من ازمته السياسة. بالنسبة للفيدرالية، اكد بانه لا يناهض الفيدرالية، الا انه لا يراها مناسبة للشان الليبي باعتبار المدن والاقاليم الليبية هي خليط من كل مكونات المجتمع الليبي، وبالتالي فهي لا تصلح ولا يمكن ان يكتب لها النجاح، وتحدث عن البديل الذي يكمن في النظام الاداري اللامركزي، والى العمل على طمأنت المنادين بالفيدرالية واقناعهم بان التهميش قد انتهى بانتهاء النظام الجائر الذي كان قائم. وفي رده عن تسال الدكتور عبود اشار الى صعوبة القيام بعمل كبير كهذا، رغم ان التفكير فيه كان وارد، وقد طلب منه شخصيا انشاء مركز لتولي هذا الامر، الا انه قال ان كل مدينة تعمل الان على تدوين وحصر وجمع البيانات الممكنة عن شهدائها ومفقوديها وجرحها، وسيتم انشاء قاعدة بيانات بعد الانتهاء من عملية الحصر.

بالنسبة لمداخلة السيد على الحاج، كان تسأله فيها عن سبب النجاح في الالتفاف حول المجلس الانتقالي في ليبيا بينما فشل هذا الامر في الموضوع السوري. اعقب السيد على الحاج احمد معيوف الذي اثنى على التقديم الذي قام به دكتور رمضان بن زير وشكر المحاضر على محاضرته وقدم مجموعة من تسالات، منها استفساره عن الانتقادات التي توجه الى محمود جبريل، ثم انتخابات المجالس المحلية في باقي المدن الليبية اسوة بزوارة ومصراته وبنغازي واخيرا دسترة اللغة الامازيغية، وكانت المداخلة الاخرى من الدكتورة ملك التي اظهرت استغرابها لما سمعته من المحاضر عن دور المراءة في تفجير الثورة الليبية.

في معرض رده على مداخلة السيد علي، اشار الى اهمية وجود الرمز الذي يثم الالتفاف حوله، وقد كان الرمز في الحالة الليبية السيد مصطفي عبد الجليل الذي ثم الاتفاق عليه بعد تزكيته واختياره من قبل اهل طرابلس لثمتيلهم بالمجلس حين علموا بوجوده في الاجتماع التأسيسي للمجلس الانتقالي ببنغازي، وقد اشار المحاضر الى ان السيد محمود جبريل نصح السوريين في بنغازي بضرورة البحث عن شخص تلتف حوله المعارضة حتى يتحقق النجاح للمجلس. وفي رده على تسألات احمد معيوف، اشار الى ان محمود جبريل كما الكثيرين من المجلس كانوا على علاقة وثيقة بالنظام السابق، وهم غير صالحين لمرحلة ما بعد الثورة، فهم ذاهبون. بالنسبة لانتخابات المجالس المحلية اشار الى ان الترتيبات جارية لاقامة انتخابات محلية في باقي المدن الليبية، وبالنسبة لدسترة اللغة الامازيغية قال انه يؤمن بضرورتها، وهو عن نفسه سيدافع عن هذا الامر ان ثم انتخابه كعضو في المؤتمر الوطني. بالنسبة لسؤال الدكتور ملاك، يرى ان دور المراءة بارز في كل الثورات واستشهد بدورها في الحالة السورية ايضا الذي نشاهده الان.

المداخلة الاخيرة كانت من المحامي نوح الذي اشاد بالثورة الليبية وما حققته من انجازات حتى الان، الا انه عقب عن دور السودان الذي لم يعتبره موقف مبدائي، وانما اعتبر ان السودان وقف موقفه المساند للثورة الليبية لانه كان على عداء مع النظام الليبي. وكانت اجابة المحاضر بهذا الخصوص متوقعة، فالجميع يعلم بان المشاكل التي سببها نظام القذافي للسودان لا تحصر، فكان سببا في انفصال السودان، وسببا في مشاكل دارفور ودعم الانفصاليين في كل السودان، وبالتالي من السهل تفهم دور النظام السوداني، الا انه يستحق التقدير لانه كان عونا في محله.

اقترح تصحيحاً

التعليقات: 2

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً