فشل حوار الفرصة الأخيرة في جنيف بين رئيسي مجلس النواب ومجلس الدولة، في التوافق على شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وهذا الفشل كان متوقعا من قبل أن يبدأ الحوار. لم يكن بالإمكان تجاوز نقطة الخلاف الرئيسية، وهي السماح للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالتقدم للترشح، وهو ما يريده رئيس مجلس النواب، ورفضه رئيس المجلس الأعلى للدولة. الإخفاق الآخر في هذا اللقاء كان من نصيب مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، فبدعوتها الرئيسين للاجتماع تشطب على العمل المؤسسي الجماعي لكلا المجلسين، كان الأمر مقبولا على مستوى اللجان، لأنها تضم نخبة من الأعضاء والنواب تمثل الطيف السياسي والاجتماعي للمجلسين، لكن اختزال المجلسين في شخصيتين حتى لو كانا يشغلان منصب الرئاسة، يساهم بشكل خطير في إضعاف السلوك الديمقراطي، ويصادر رأي الأغلبية في المجلسين.
لا أظن بعد هذا الإخفاق أن ثمة من يؤمل التوصل إلى حلول لهذا لحالة الانسداد السياسي المزمنة، من بوابة مجلسي النواب والدولة، لا سبيل لأي حل من المجلسين، كما أكدت الحوارات المتعددة، ومن ثم لا مناص من البحث عن طريق آخر بعيد عنهما، أو اشراكهما بمستوى محدود لا يمكنهما من الهيمنة علي القرار، ولا يمنحهما الفرصة لنسف أي حلول توافقية يمكن التوصل لها، ولعل تجربة الملتقى السياسي السابق، الذي أنتج السلطات الرئاسية والتنفيذية، مفيدة في هذا الجانب، ويمكن البناء عليها. فالملتقى ضم طيفا واسعا من خارج مجلسي النواب والدولة، ولم يتجاوز تمثيل المجلسين فيه الثلث، كما أن إصرار البعثة الأممية كان حاسما في إنجاح الملتقى.
بالعودة إلى الحوارات الأخيرة في القاهرة بين لجنتي النواب والدولة، ثم التتويج بالفشل في لقاء خالد المشري وعقيلة صالح، كان الخلاف واضحا بين فريق يصر على تفصيل شروط الترشح على مقاس شخصية محددة، يراد لها أن تفوز بمنصب الرئيس، دون اعتبار لحاضر الوطن ومستقبله والملايين من مواطنيه، الذين يعانون أصعب الظروف المعيشية.
الفشل في توجيه البوصلة نحو الانتخابات، يعد نجاحا للمجلسين وللرئيسين في الحفاظ على وجودهما في المشهد، فلا مصلحة لهما في الذهاب للانتخابات، لأنها سوف تقصيهما من المشهد، من دون تجاهل قناعة ورغبة بعض النواب والأعضاء في ضرورة إنهاء المجلسين عبر الانتخابات، ولكنهم القلة التي تثبت القاعدة.
وماذا بعد فشل حوار الفرصة الأخيرة؟
لم يعد أمام الناس سوى التحرك عبر الساحات والميادين، وإعمال كل آليات الضغط السلمي لفرض التغيير عبر الانتخابات البرلمانية. لم يعد الصمت ولا الانتظار مجديا، ولا يمكن استمرار هذا الوضع المتردي، الذي لن يزول إلا بإسقاط مجلسي النواب والدولة، فهل نشهد تحرك فعليا ينطلق هذه الجمعة بأعداد ضخمة؟ مع التأكيد أنه يتعين على قادة الحراك الصمود وعدم العودة حتى تحقق المطالب، وأن تأخذ الحذر من محاولات اختراق الحراك لتوجيهه نحو خدمة أجندة الأطراف السياسية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً