يخطط رؤساء جهاز الأمن الخارجي البريطاني “إم آي 6” لتقديم أكثر من مليون جنيه استرليني كرشوة إلى عبد الحكيم بالحاج، الذي يشغل حالياً منصب قائد المجلس العسكري في طرابلس، بعد أن اتهم الجهاز بتسليمه إلى نظام الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي لكي يتعرض للتعذيب.
وذكرت صحيفة تيلغراف في عددها الصادر الثلاثاء إن جهاز “إم آي 6” يسعى إلى منع بالحاج من كشف تفاصيل حول قضيته، عقب الكشف عن قيام وزير من الحكومة البريطانية السابقة بالمصادقة على تسليمه لنظام القذافي مخالفاً بذلك سياسة المملكة المتحدة بشأن التعذيب.
وأكدت مصادر بارزة بالحكومة البريطانية للصحيفة أن رؤساء جهاز “إم آي 6” على استعداد لدفع كل ما يتطلبه الأمر لإسكات بالحاج، فيما حذّر نشطاء من أنه بحال رفض بالحاج التعويض المالي وأصرّ على الذهاب إلى المحكمة فإن خطط الحكومة الإئتلافية البريطانية بشأن اجراء محاكمة المشتبهين بالإرهاب في محاكم سرية يمكن أن يمنع الكشف عن الحقيقة الكاملة أمام الجمهور.
واشارت الصحيفة إلى أن الرعب انتشر في قلب جهاز “إم آي 6” بعد الكشف عن أن حكومة حزب العمال السابقة صادقت على خطة لتسليم بالحاج إلى نظام القذافي عام 2004 قبل وقت قصير من توقيع رئيسها، وقتها، توني بلير صفقة تجارية مع القذافي.
ونسبت الصحيفة إلى مصدر وصفته بالبارز قوله إن “القضية تتعلق بتغطية مخالفات بريطانية، ويواجه جهاز “إم آي 6″ أسئلة يحتاج للرد عليها وهو يجهد حالياً لايجاد تسوية لقضية بالحاج عن طريق شراء صمته بأي ثمن”.
وكانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) كشفت الاثنين أن الحكومة البريطانية وافقت على تسليم بالحاج إلى نظام القذافي عام 2004 بتهم على علاقة بالإرهاب حين كان أمير الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة، وقالت إن رسالة من ضابط في جهاز الأمن الخارجي البريطاني “إم آي 6” حول تسليم بالحاج هنّأت الليبيين بالوصول الآمن لما وصفته “الشحنة الجوية”.
واضافت أن رسالة الضابط البريطاني مارك ألن الموجّهة إلى موسى كوسا رئيس الإستخبارات الليبية في نظام القذافي، كان عُثر عليها في مكتب كوسا بعد تدميره بغارة شنتها مقاتلات منظمة حلف شمال الأطلسي “ناتو” في طرابلس العام الماضي.
وكان بالحاج حرّك أواخر العام الماضي اجراءات قانونية في لندن ضد الحكومة البريطانية، واتهم أجهزتها الأمنية بالتواطؤ في تسليمه إلى نظام القذافي، وطالب باعتذار علني وباعتراف منها أن ليس لديه أية صلات بتنظيم القاعدة وأن جماعته، الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، كانت تركز فقط على التخلص من نظام القذافي.
وقال بلحاج إنه اعتُقل هو وزوجته في تايلند أثناء محاولتهما التوجه جواً إلى بريطانيا عام 2004، وكانا على متن رحلة متجهة من كوالا لامبور إلى لندن حين قام عملاء ليبيون وأميركيون بناءً على بلاغ من جهاز “إم آي 6” بترتيب نقله إلى طائرة لوكالة الإستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” خلال توقف طائرته في بانكوك، ومن ثم نقله إلى ليبيا عبر الأراضي البريطانية في المحيط الهندي في جزيرة دييغو غارسيا، وتعرّض للتعذيب بصورة منتظمة على أيدي رجال الأمن الليبي والضرب بوحشية والحرمان من النوم لدرجة الهذيان والتعليق من جدران زنزانته.
وأُخلي سبيل بالحاج من السجن عام 2010 بموجب عفو بعد موافقته على المشاركة في برنامج اجتثاث التطرف والمصالحة الذي اطلقه نجل القذافي سيف الإسلام.
وسبق وان أقر بلحاج انه حارب في صفوف الجهاديين في القاعدة في افغانستان لكنه قال ان مجموعته الليبية لم تعتنق أبدا نفس عقائد اسامة بن لادن زعيم القاعدة.
وقال بلحاج الذي تردد انه يبلغ 45 عاما لصحيفة لوموند الفرنسية ان “الجماعة الاسلامية المقاتلة لم تكن ابدا جزءا من القاعدة لا من الناحية العقائدية ولا من ناحية العمليات”.
وقال “تصادف اننا كنا في نفس المكان وفي نفس الوقت مثل القاعدة: كان هذا في أفغانستان حيث حاربنا في بعض الاوقات جنبا الى جنب عندما كان الهدف هو تحرير البلاد. لكننا لم نكن ابدا تحت سلطتها”.
اترك تعليقاً