عقدت المؤسسة الدولية للمؤتمرات القانونية (ILS) المؤتمر السنوي الخامس للتحكيم وفض النزاعات في قطاع الطاقة في الشرق الأوسط وإفريقيا خلال الفترة 10 و11 فبراير 2022 في العاصمة البريطانية لندن.
وبحسب ما أفاد بيان تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منه، فقد شهد المؤتمر حضورا كبيرا بالإضافة إلى الحضور الأثيري من مختلف أرجاء العالم، وضم ممثلين من حكومات ومؤسسات قانونية وصناعية، علاوة على ممثلي السلك الدبلوماسي والأوساط الأكاديمية، حيث ناقش كبار المتخصصون في مجالات القانون الدولي والعلاقات الدولية وقانون الطاقة، الأبعاد القانونية والجيوسياسية والاقتصادية والأمنية الدولية لنزاعات الطاقة في الشرق الأوسط وإفريقيا وقدموا مقترحات عملية لمعالجتها.
وألقى اللورد أنغس غليني، قاضي الاستئناف في محاكم مركز دبي المالي العالمي؛ وديامانا دياوارا، المدير الإقليمي لإفريقيا في غرفة التجارة الدولية، كلمتي الافتتاح، وشارك أيضا أكثر من عشرين متحدثا رفيع المستوى يمثلون مؤسسات مرموقة حول العالم.
وتضمنت الموضوعات الرئيسة في برنامج المؤتمر التحديات الاقتصادية والسياسية المحتملة التي أوجدتها الحاجة إلى الجمع في معظم أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط بين التنويع القطاعي والتحول في مجال الطاقة، مع التركيز على تأثيرها على نشأة وفض النزاعات.
كما تم تقييم مؤسسات التحكيم الإقليمية والجهود التي تبذلها بعض الدول لإنشاء سلطات قضائية “صديقة للتحكيم”، فضلاً عن تأثير التحديات الأمنية المستمرة بما في ذلك إدارة المخاطر السياسية لعقود الطاقة المعقدة.
ملخص اليوم الأول
بدأ اليوم الأول بكلمة افتتاحية ألقاها اللورد أنغس غليني، وقال إن وجود محكمة محترمة ومقبولة لفض المنازعات في الشرق الأوسط سيحفز المستثمرين القادمين على ممارسة الأعمال التجارية في المنطقة، وحسب خبرته قاضيا في مركز دبي المالي العالمي، أكد أنغس أن نظام المحاكم الحالي يعمل بكفاءة وييسر للمتعاملين الاستفادة من خدماته، حيث تتم المداولات باللغة الإنجليزية، وتُطبق الإجراءات والقوانين الإنجليزية المألوفة.
أما البروفيسور بول كاميرون، مدير مركز قوانين وسياسات الطاقة والبترول والمعادن بجامعة دندي الاسكتلندية، فتحدث عن التحول إلى الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط نتيجة للاعتبارات البيئية ولتناقص تكاليف الطاقة النظيفة، موضحا وجود حاجة ماسة للتنويع الفاعل في قطاع الطاقة.
وخاطب البروفيسور كريغ باركر، عميد كلية القانون و العلوم الاجتماعية في جامعة لندن ساوث بانك، في محاضرته مسألة التحكيم وحصانات الدول، مسلطاً الضوء بأنه رغم انتقال القانون من الحصانة المطلقة إلى الحصانة التقييدية (والتمييز المباشر نسبيًا بين الأعمال التجارية والأفعال الرسمية للدولة الجاري تنفيذه حاليا)، ما زال التأكيد ينصب على الأفعال السيادية للدول بما يتجاوز الآراء التجارية. كما طرح مجموعة قيمة من النصائح العملية لخبراء التحكيم.
وتطرقت الحلقة التالية، والتي ترأستها بروفيسورة إيميليا أونيما، الأستاذة بجامعة SOAS لندن، بمشاركة عدد من الخبراء إلى اختيار مقر التحكيم، مع الأخذ في الاعتبار التطورات في مجال التحكيم في الشرق الأوسط، حيث أقرت السعودية والإمارات وقطر خلال السنوات الماضية قوانين جدية للتحكيم مستوحاة من قانون الأونسيترال النموذجي، مما أدى لتطور ملحوظ في مشهد التحكيم الإقليمي، وأشارت دانيا فحص، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط لدى غرفة التجارة الدولية، في مداخلتها إلى أن بيانات غرفة التجارة الدولية تشير إلى حدوث نمو كبير في عدد القضايا المرفوعة في المنطقة بسبب الزيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع المعاملات التجارية الدولية، ولجوء المزيد من الأطراف إلى التحكيم وسيلة لفض النزاعات التجارية؛ قائلة إن الزيادة في نسبة اللجوء إلى التحكيم في الدول العربية ترجع لعدة عوامل حفزت الشركات والمؤسسات التجارية على اختيار مقرات التحكيم هناك بدلا من المملكة المتحدة وفرنسا وأمريكا وسويسرا، وهي المراكز التقليدية للتحكيم العالمي، وأشارت السيدة دانيا فحص بشكل خاص إلى الإمارات التي أصبحت الدولة السادسة على مستوى العالم في التحكيم التجاري.
وركزت الجلسة التالية على تأثير التحول إلى الطاقة المتجددة على منازعات الطاقة في الشرق الأوسط، واتفق المتحدثون على أنه ما زال محدودا بسبب الانخفاض النسبي في حجم الاستثمارات في الطاقة المتجددة بالمنطقة، وأشارت الدكتورة سالي السواح إلى واقع الطاقة المتجددة في مصر، وما تشهده من تحديات كبيرة في تغطية الاحتياجات الصناعية والتنموية المتزايدة في البلاد، وما يرتبط بذلك من حاجة لتطوير المنظومة القانونية الخاصة بالتحكيم وفض النزاعات.
وتناولت الجلسة اللاحقة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرها على نزاعات الطاقة، وتطرقت إلى كيفية معالجة التدخل السياسي الحكومي في عقود الطاقة، مع الاستشهاد بأمثلة واضحة من إيران وإسرائيل، فضلا عن التحكيم في مجال الطاقة والأسواق الذكية، وشدد المشاركون على الحاجة الماسة لإنشاء نظام مقاصة عالمي محايد للمدفوعات لا تهيمن عليه أي دولة بعينها، وناقشوا مسألة كون الاعتبار الجيوسياسي هو الدافع الحقيقي للنزاعات المتعلقة بالطاقة في المنطقة، ولكنه ليس العامل الوحيد المؤثر، فالتقلبات في أسعار النفط، والاعتبارات التجارية، والعقود، و المخاوف البيئية تضطلع أيضا بدور ملموس.
ثم ألقى المحامي أوشورا أونوامايغبو محاضرة حول الأساليب البديلة للتحكيم في مجال الطاقة وحل النزاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا، وذكّر بأن إفريقيا تحوز كميات هائلة من المعادن التي تزود طاقة المستقبل، وتشمل الليثيوم والكوبالت المستخدم في الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات الكهربائية.
ملخص اليوم الثاني
تناولت الجلسة الأولى مفهوم الانتقال العادل إلى الطاقة النظيفة وتأثيراته على إفريقيا، وما إذا كان سيؤدي للمزيد من النزاعات في مجال الطاقة.
وألقى البروفيسور بيتر كاميرون محاضرة عن التحكيم الأفريقي غطت نزاعات الطاقة خلال العقد الماضي، وركز على دراسات حالة محددة من الجزائر ومصر وأوغندا وجنوب إفريقيا ونيجيريا.
وتناولت الجلسة التالية مدى تأثر التحكيم في إفريقيا بالثورة الافتراضية، وبدأها المتحدثون بملاحظة أن التنوع في تعيين المحكمين الأفارقة في غرفة التجارة الدولية قد انخفض في الواقع وفقا للإحصاءات الأخيرة، وبالتالي فإن العالم الافتراضي ووجود الإنترنت لم يحسن الظاهرة بعد.
وناقشت الجلسة الأخيرة للمؤتمر ما إذا كان التحكيم الاستثماري يعزز سيادة القانون أم لا، وبشكل عام، اتفق المتحدثون بأن انعكاس معايير القانون الدولي الأخرى في معاهدات الاستثمار سيؤدي لتعزيز سيادة القانون. كما أثارت الجلسة التفاعل بين معاهدات الاستثمار وحقوق الإنسان وقانون البيئة والصحة العامة، وقال المشاركون إن تناول هذه المسائل بشكل صريح في معاهدات الاستثمار يمثل تعزيزا لسيادة القانون.
وعلّق مدير المؤتمر براندون مالون، رئيس مركز التحكيم الاسكتلندي، على المؤتمر قائلا “كان المؤتمر الخامس حدثا خاصا للغاية، إذ جمع بين الخبراء والأكاديميين والقانونيين والتكنوقراط، واكتسب أهمية خاصة إذ أنه أول مؤتمر عالمي يُعقد في لندن بعد تراجع جائحة كورونا. لقد نجح المتحدثون في تعريف كافة العوامل بشكل متخصص، وطرحوا حلولا عملية لمعالجتها. إنني سعيد للغاية بنجاح هذا المؤتمر”.
يُشار إلى أن المؤسسة الدولية للمؤتمرات القانونية (ILS)، تُقدم سلسلة من المؤتمرات والفعاليات القانونية الدولية والإقليمية والوطنية التي تعزز النقاش وتبادل المعرفة حول القانون الدولي وممارساته في جميع أنحاء العالم، وبمشاركة خبراء مرموقين من شتى المجالات ذات الصلة.
اترك تعليقاً