الحمد لله تعالى لم تتح لنا فرصة اللقاء بالشرفاء ( على قول رئيس بلطجية العزل ) ، غير أننا التقينا بكتاب مراجعاتهم وخلاصته الرائعة جداً جداً جداً . كما لم نلتق بكثير من المناضلين ( الذين طالبوا بالتعويضات وأخذوها ) !!!!( نضال وجهاد ومطالبة بالتعويض !!!!!!) . وكذلك لم نلتق بعديد ممن يطالبون ب ( التعويض والقصاص ) !!!! يا سلام .. ( دية وقصاص ) !!!!
نحن التقينا بمعزول سياسياً وزلم من أزلام القذافي وفقاً للقانون الذي فرضه ( أصحاب الرياء المقيت ) أتباع كتائب علي بابا !!!! في ذلك الوقت كانت الدنيا ( غير ) !! ولا مكان ( للعب ) !!!!
في أحد أيام شتاء 2003 وأمام محكمة جنايات بنغازي ( الكويفية ) كنا بانتظار الوالد ( محامي ) خارج المحكمة فخرج ومعه ( زلم ومعزول وفقاً لقانون عصابات علي بابا ) شخص فأجلسه في المقعد الأمامي بجانبنا وجلس هو في الخلف .
لم نكن نعرفه ، عرفنا الوالد ببعض هذا ابني فلان وهذا فتحي الجهمي !!! أهلاً وسهلاً تشرفنا ، لم يكن الاسم يعني لنا ولغالبية الليبيين شيئاً ..
وبدا فتحي الحديث معنا وكأننا من أعز أصدقائه ، بل ابنه البكر ، كان يقول لنا ( يا ابني ) .. بدأ بالكلام !!!! نظرنا في المرآة الأمامية لننظر في وجه الوالد ، فوجدناه متبسماً ، فانطلقنا في الحديث معه !!!
أخبرنا فتحي بأنه أرسل رسائل لمعمر القذافي على بريده ( لا أتذكر اسم البريد بالتحديد ) متحدياً نظامه ويخبره فيها بأن نظامه أفسد ليبيا !!! سألناه معمر معمر ؟! أجابنا نعم معمر معمر !!!! .. سألنا بالعامي وبابتسامة ( كيف خايف ؟!! ).. لم يكن خوفاً ، ولكن كان بين التعجب والتكذيب !!!! ولكن عندما دخل الوالد في النقاش عرفنا أن الموضوع جدي ..
نصحنا فتحي بعدم اليأس ، وأخبرنا بأن نظام معمر ساقط ، وقد بدأ انهياره وتداعي ملكه .
سألناه ( وين ماشي ؟ ) ، أجابنا لإرسال رسالة أخرى يتحدى فيها القذافي ونظامه !!!! 20 دقيقة ، كم تمنينا أن تدوم شهوراً..وصلنا إلى المكان ، نزل فتحي ، توادعنا ربي يرفقك ، ويا رب ( يخلصنا من هالجثامه ) !!! مع تنهيده تترجم لغوياً بيا رب …
حقيقة كانت الشجاعة كقيمة مجرده تجلس بجانبنا !!! وأكد لنا ما كنا نعتقده من أن أعلى مراتب الشجاعة أن يقف رجل ضعيف أعزل أمام قوة باغية غاشمة مسلحة ليقول ما يعتقد انه الحق !!! لا لكي يستفيد تعويضاً ، أو لأنك أذى شخصي حاق به ، بل يقولها لأنه يراها رداً على ظلم أو فساد ، وأكثر وأكثر رفعة عندما يقول ذلك بخصوص أشخاص لا تربطه بهم رابطة قرابة عائلية او دينية أو مذهبية أو قبلية أو مدينية ( نسيبة لمدينة ) أو جهوية .
كأن فتحي الجهمي ما قصده صلى الله عليه وآله وسلم : ” ” أفضل الجهاد كلمة عدل ( وفي رواية : حق ) عند سلطان جائر ” وهذا فيه تأكيد لسوء فهم كثير الناس من أن الجهاد = القتال !!!!.. والأنكى والأمر أن يجعل العديد الجهاد مرادفاً للقتل لا القتال …
نعم ، لأن السلاح يعطيك شعوراً بالقوة. نعم كنا على قناعة بأن ما يطلق عليه شجاعة ليس شجاعة ، بل هي القوة .. وليس أدل من تشبيهنا الشجاع بالأسد أوالنمر أو الفهد !!!! ألا يفترس الأسد والنمر والفهد الحيوانات الضعيفة !!! تشبيه العالمين للشجاع بالأسد يدل دلالة واضحة على أننا نقدس القوة لا الشجاعة …
كنا نرى في موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقولته الشهيرة وهو أعزل مدافعاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ ) . وقد كاد يقتل بسبب ذلك !!!! نعم قمة الشجاعة أن تقول الحق وأنت أعزل ضد من يستقوي بالسلاح أو قلة أخلاقيته أو بملك أو بقبيلة أو مدينة أو أي شيء !!!! وأعلى المراتب أن يكون من أجل ظلم حاق بالناس لا بك شخصياً أو عائلتك …
ذات يوم ونحن نتابع برنامج عن ليبيا في قناة الحرة .وجدنا ذات الرجل يتحدي معمر القذافي علناً من طرابلس !!كررها حتى بكى وبكى وأبكانا معه ، حتى ما عدنا نرى شيئاً .
لقد كانت كلمات المعزول سياسياً فتحي الجهمي تبعث الحياة في جسد الأمل الذي قارب على الهلاك من إحباط الناس وتثبيطهم وظنهم بأن عائلة القذافي هي قدر الله على ليبيا .وكان قول الله تعالى قبل كلمات فتحي الجهمي وبعدها كجرعة للأمل والطمأنينة ..حيث..يقول تعالى : ” حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ. ” .
رحمك الله يا فتحي ، رحلت وتركت ليبيا قبل أن تتشرف بلقاء بالشرفاء والمناضلين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً