التقدم له شروطه العامة التي تخطط لها الحكومة وترعاها ويشارك فيها الشعب جله إن لم يكن كله ومن شروط التقدم الاهتمام بالتعليم والبحث في جميع المجالات بقواعد معروفة لدى المختصين، ثم الاهتمام بجميع القطاعات الأخرى التي تمس حياة الإنسان كما تأتي الموارد الإقتصادية كركيزة مهمة تسهّل الطريق لتقدم الدول والأمم ويعد وجود قيادة قوية أمينة أهم عامل من عوامل التقدم.
كما ذكرنا هناك العديد من العوامل التي تساهم بصفة أساسية في التقدم ومنها أن يكون هناك نوع من الاستقرار المبني على أسس سليمة كي نستطيع تحقيق التقدم، وكثير من دولنا العربية إما أنها لا تتمتع باستقرار أو لديها استقرارا غير مبنيّ على أسس نهضة سليمة تشمل المجالين السياسي والاجتماعي ومن أمثلة الاستقرار المزيف أو المبني على غير أسس سليمة هو ما اصطلح عليه بحكم العسكر لأن الحكم فيه مبني على انقلاب مجموعة من الجيش على نظام رسمي يكاد يكون واضح المعالم ثم استفراد أحد العسكر بالحكم المطلق بعد تحييد الآخرين من زملائه بطرق شتّى وهؤلاء في العموم غير مؤهلين للحكم فكم من دولة حكموها أو يحكمونها مواردها كثيرة ومتعددة وقوية ولكنها متخلفة تعاني مشاكل لا حصر لها وشعبها فقير نتيجة لذلك النظام ومن أمثلة هذه الدول ليبيا العراق مصر الجزائر وغيرها وفي الجانب المقابل ليس لنا مثال للتقدم والنجاح من بين دولنا في الوقت الحالي غير تركيا وماليزيا لقد استطاعت الدولتين تخطي عقبات كثيرة ومنها تحكم العسكر كما في تركيا وسارت بخطى ليست سهلة فضربت لنا مثلا بتجربتين مختلفتين يستفاد منهما في وقت وجيز مع الفارق بين منهاج الدولتين لتتبوأ الدولتين مكانتهما بين الأمم مقارنة بالدول العربية التي مازالت تتخبط وتدور حول نفسها مرتابة في أمرها.
إن الاهتمام بحاجيات المواطن اليومية هي أساس التقدم وما أريد قوله هو أن الاهتمام بالإنسان هو جوهر عملية التقدم فعلى سبيل المثال لا نستطيع أن نُولي اهتماما بالتعليم والبحث العلمي والمدرس أو الأستاذ الجامعي أو الباحث يلهث وراء مرتبه الشهري الذي يتأخر عنه كثيرا أو لا يستطيع الحصول على غيره من المستحقات التي ينالها على ما قدّم من أعمال أخرى في مجاله أو يلهث لعلاج أطفاله وتوفير حاجياته فأنّى لمواطن لا ينال أبسط حقوقه أن يهتم أو نطلب منه الاهتمام بالتدريس أو البحث عن حلول لمشاكل أكبر في مجتمعه وهو فاقد لأبسط حقوقه؟!!.
بالرغم من أهمية الموارد الطبيعية كوسيلة للتقدم إلاّ أن هذه الموارد ترتبط ارتباطا قويا وتدار بالفرد فالإنسان هو المحور ومن أهم ذلك وجود قيادة قوية أمينة كما ذكرنا لأن هذا هو صمّام الأمان للحفاظ على هذه الموارد الطبيعية والإقتصادية واستغلالها الإستغلال الأمثل ووضعها موضع التنفيذ ليُستفاد منها وإلا فقد تضيع هذه الموارد، بل قد تكون وبالا على شعوبها كالذي يحدث في بلادنا العربية. وحين نتحدث عن قيادة قوية أمينة نتحدث عن اهتماما بالإنسان أولا علما وتربية وأدبا وخلقا وثقافة ودينا بالمفهوم السليم العميق وليس الفهم السطحي للدين، نتحدث عن بناء الإنسان فهو جوهر هذا الكون، نتحدث عن الحقوق الكاملة واحترام الإنسان عامة وتعليم وتأكيد واجبات هذا الإنسان تجاه وطنه والآخرين من حوله، ثم وفي نفس الإتجاه نتحدث عن اهتمام هذه القيادة القوية الأمينة بمظاهر التنمية جميعا والتي تصب في دورها في خدمة الإنسان محور هذه الحياة.
لقد انهار الإتحاد السوفيتي وهو ثاني أكبر دولة في العالم في بداية التسعينات بقوته وهيمنته بسبب الجوع فإذا جاع الناس فعن أي تقدم وبحث نتحدث؟ كانت رواتب جنود الإتحاد السوفيتي تتأخر عنهم لمدة تتراوح أربعة أشهر متتالية فأنت تتحدث عن ثاني قوة عسكرية في العالم، ولكن جنودها يتضرعون جوعا فهل ترى معي روحا معنوية لجيش جائع؟ كان السبب الرئيسي للإنهيار هو الجانب الاقتصادي بالرغم من الموارد التي يملكها السوفيات، ولكن النظام السياسي الشيوعي كان السبب الذي أثّر على الحياة بما فيها الاقتصاد ليتفكك الإتحاد السوفيتي إلى دول عديدة مثلنا مع الفارق.
إن مثال الإتحاد السوفيتي مثال ينطبق على ما يجري في العديد في بلداننا منذ الإستقلال إلى وقتنا هذا مثل ليبيا والعراق ومصر واليمن وسوريا والجزائر والقائمة تطول فمتى نستيقظ ويفيق الساسة؟ إن المجتمع وحدة واحدة لا تستطيع فصل التعليم أو الصحة عن السياسة كما لا تستطيع فصل ثقافة الناس وأخلاقها عن السياسة فالقيادة السياسية تؤثر في سلوك الناس قبل أن تؤثر على تنمية البلاد ولأن سياساتنا متخبطة وعشوائية وفردية نرى أثرها في بلداننا وفي ثقافتنا وسلوكنا، ولكن مع التقدم الهائل وكمية المعلومات المتاحة أمام كثير منا وحتى لا نقف موقف المتفرج مما يحدث لنا علينا أن نتحمل جزءا كبيرا من التغيير عن طريق تغيير سلوكنا وثقافتنا وهذا لا يتحمل التأخير فعلى كل واحد منا أن يبدأ بتغيير نفسه طريقة تعامله مع الآخرين والقيام بعمله على أكمل وجه وما يستطيع على غيره من الأعمال أليس هذا من الدين يا مسلمين؟ إن تغيير أنفسنا يساهم بشكل أو بآخر في تغيير أحوالنا والتأثير على سياسيينا وتقدم مجتمعاتنا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً