عجبٌ أمرنا نحن المسلمون أو المتمسلمون يلمز بعضنا بعضا ويسب بعضنا بعضا ويكره بعضنا بعضا ويمكر بعضنا لبعض إلى الحد الذي انتقل فيه هذا المرض الناتج عن قلة الإطلاع والإنغلاق وقلة الإيمان وانعدام التفكر إلى ولاة أمورنا “مع تحفظي لهذه التسمية فهي أكبر من حكامنا بكثير” ؟! فصاروا قادة في المكر والكيد والخداع ضد بعضهم وضد شعوبهم بلا منازع فأصبحنا أضحوكة للعالم؟؟؟
يجرنا الحديث هنا عن الفتوة الضحلة الضيقة التي صدرت من قبل ما يسمى بأوقاف الحكومة المؤقتة في ليبيا التي تكفر أتباع المذهب الإباضي بليبيا ؟؟!! هو الجهل بعينه والنقل عن آخرين من خارج البلد دون تدبر ولا تفكر، يقول نص الفتوى: “الإباضية فرقة منحرفة ضالة، وهم من الباطنية الخوارج، وعندهم عقائد كفرية، كعقيدتهم بأن القرآن مخلوق وعقيدتهم في إنكار الرؤية، فلا يُصلّى خلفهم”.
أقول إن الفتوة لا أشك إنها وليدة أفكار وفتاوى مستوردة ففي ليبيا عشنا أزمان طويلة مع بعضنا لا نعرف مثل هذه الفتن بين المذهبين فعلاقتنا بالإخوة الأمازيغ علاقة تاريخية طيبة من الناحيتين الدينية والإجتماعية ربما لأننا بعيدين جغرافيا عن البلد التي أُقتبست منه الفتوة والتي تضع الإباضية في كفة واحدة مع الشيعة الذين يلعنون الصحابة وأم المؤمنين ليلا ونهارا وهذا لعمري مغالطة كبيرة في حق إخوتنا الإباضية…!!! أستطيع أن أقول أن الحال يختلف تماما، ولأن المكان غير مناسب للإطالة أقول: ما الغرض من هذه الفتوة ؟ هل ليبيا تبحث الآن عن من يضمد جراحها ويوحد صفها أم تبحث عن من ينقب ويثير فتناً كفانا الله إياها ؟ هل الفتوة الصادرة بتكفير إخواننا الإباضية تحل أي مشكلة أو تفرج هماّ من همومنا ؟ هل من الحكمة أن نكفر عامة الأمازيغ بشئ لا يعرفونه ولا يعرفه غالبية الليبيين بل والمسلمون ؟ أخيرا إن مسئلة الرؤية والصفات لا أظن أنها تحيل بيننا في التعامل ولنترك حكمها لله، فالله يحكم بيننا يوم القيامة ؟ وكذا مسئلة هل القرآن كلام الله أو مخلوق هل يحيل بيننا وبين من يقول أنه مخلوق أن لا نتعامل معه ونكفره لا أظن ذلك فلنترك الأمر لله فهو الفصل؟
إن إخوتنا الإباضية يصومون معنا شهرنا ويحجون بيتنا يؤمنون ويعتزون بأركان الإيمان والاسلام مثلنا فمسائل الإعتقاد فيها أصول وفروع، إن التسرع والحماس والإتباع الأعمى في غير موضعه قد يضر ولا ينفع ؟ فرؤيةُ الله تَعَالىَ من الأمورِ الغيبية التي اختلف فيها العلماء بين مثبت للرؤية وناف لها وكلٌ له دليله، ورغم أَنَّهَا ليست في الأصل من أركان الإيمان ولا من أركان الإسلام التي نص القُرآن عليهَا، إِلاَّ أَنَّها صارت من أهم المسائل التي جعلها العلماء كأصل من أصول العقيدة، وقد تشدَّد بعض المشائخ وأتباعهم والفرق فيما بينها حتَّى كفّرت بَعضها البعض بهذه المسألة وغيرها، وأصبحت من أبرز المسائل الخلافية بين المذاهب الإِسلاَمية، كمسئلة الصفات فهي مسئلة كلامية خاض فيها الكثير.
فهل الأصل أن نكفر ملايين المسلمين ممن يؤمنون بأركان الإسلام والإيمان مثلنا ويأخذون السنن من الكتب الصحاح مثلنا ولكنهم يخالفوننا في مسائل اجتهادية أقرّها بعض العلماء قد يصيبوا فيها وقد يخطئوا ؟؟!! أم الأسلم في هذا الأمر الخلافي، الذي تركه الله ولم يحدده تفصيلا في كتابه المبين وخاض فيه من هو قاصر من دونه في الفهم والـتأويل، هو تركه لله وحده فهو علام الغيوب وهو الحق وإليه يرجع الأمر كله، أليس كذلك؟؟؟
إن تصنيف المسلمين بفتاوى قاصرة تحتكر فهم الدين على قلة قليلة ذلك لا يزيد إلا الكراهية بيننا ويشق الصف أكثر مما هو عليه كما يشكل خطرا كبيرا على التكافل والسلم الإجتماعي بين المسلمين فالدين الإسلامي دين عظيم كبير لا يحق لأحد أن يدّعي فهمه دون غيره ويحتكره لنفسه مهما كان الأمر.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
بارك الله فيك وجزاك خيرا على هذا الطرح الرائع الذي يوافق رؤيتي مطابقة تامة واحس كانني شاركتك في صياغته