محمد الأصفر يؤكد في المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء أن القذافي ترك الثقافة الليبية عند نقطة الصفر.
كان حاضرا كالعادة بخفة دمه وظله، وأجوبته كانت تزيد فقط من فضول المتحلقين حول اللقاء الذي احتضنه رواق وزارة الثقافة المغربية الأحد معه، على هامش الدورة الثامنة عشرة للمعرض الدولي للكتاب والنشر، إنه الكاتب الليبي الثائر دائما محمد الأصفر الذي تحدث في جلسة مكاشفة حميمية وشيقة سيرها الشاعر المغربي الجميل عبدالرحيم الخصار عن تجربته الذاتية مع الكتابة وعن التغيرات في المشهد الثقافي الليبي بعد الثورة وسقوط نظام معمر القذافي.
استعاد الأصفر بداياته مع الكتابة وكيف نشأت ذات حب جميل مع صحفية ليبية كان يراسلها، أقنعته بأن يركز جهوده في الكتابة، ومنها انطلق مشواره بنشر قصة قصيرة على صفحات إحدى الجرائد الليبية لتدشن مشوار كاتب مشاغب.
اعتبر محمد الأصفر أن الكتابة رديف للحياة لذلك فهو يكتب كل ما يعيشه، وأكمل: “كل التجارب التي عاشها ويعيشها الانسان هي جديرة بان تكتب بما فيها تجارب الفشل والخسارة”، إنه يكتب الواقع، فمعظم شخصيات رواياته شخصيات موجودة فعلا على أرض الواقع له بها معرفة شخصية أو قد يكون التقاها بشكل عابر خلال أسفاره الكثيرة، لكن هذا لا يمنع أن يوظف شيئا من “الخيال” في أعماله.
محمد الأصفر الذي غامر بأشياء كثيرة من أجل الأدب والكتابة تحدث أيضا عن واقع المشهد الثقافي الليبي بعد الثورة ، ويعتقد أن عهد القذافي ترك الثقافة الليبية عند نقطة الصفر بحيث سيكون أمامها مشوار طويل بعد أن كانت تتمحور كل الإنتاجات في عهد الكتاب الأخضر على تمجيد الرجل الأوحد وبالتالي فغياب الإنتاجات الأدبية بعد الثورة يبقى أمرا مفهوما، ويضيف: “الثورة كانت مفاجئة للكثيرين وحتى بالنسبة للمثقفين، لقد كانت ثورة شباب فالثقافة لا يمكنها وحدها القيام بثورة بل من مهامها توجيه الحركة التغييرية نحو وجهتها الصحيحة فهي الضمير الذي يصد محاولات سرقة الثورة”، ويعتقد الأصفر أن المثقفين والكتاب في حاجة إلى لحظات من التأمل لاستيعاب الأحداث السريعة التي حدثت وحتى يتسنى لهم تفريغها والكتابة عنها.
وقرأ الكاتب الليبي على الحضور الذي تفاعل بشكل إيجابي معه مقاطع من كتابه “ثوار ليبيا الصبورون” الذي أراد من خلالها المساهمة بشيء لأجل الثورة الليبية على حد قوله. في كتابه جمع عددا من النصوص والمقالات والقصص والحوارات التي كتبها منذ اندلاع ثورة 17 في فبراير في بنغازي ورصد من خلاله مختلف التغيرات التي طرأت على نفسية وعقلية الإنسان الليبي بعد اندلاع الثورة، تحدث عن المظاهرات وصلاة الجمعة في الساحات والرسومات على الجدران إلى جانب النوستالجيك من خلال استحضار أسماء مناضلين ناضلوا ضد نظام القذافي وقضوا نحبهم في سجونه أو على مشانقه، ولأنه مشاكس بطبعه لا يهادن سلطة كيفما كانت، فعلاقته بالسلطة الليبية الانتقالية الجديدة ليست طيبة تماما، فهو دائم الانتقاد ولا يصلح لأن يكون سياسيا لأنه شخص متهور.
يقول الأصفر ساخرا: “رشيد نيني أفضل من حسنين هيكل وعلى السلطات المغربية إطلاق سراحه”.
وأطلق الأصفر النار على الكاتب المصري محمد حسنين هيكل في معرض إجابته على أحد أسئلة الحاضرين حول كلام هيكل حول الثورة الليبية حين قال إنها ثورة ليست ناضجة. قال الأصفر: “هيكل رجل أصبح من الماضي لأنه يفكر بعقلية الستينيات، ومن يقرأ كتبه في الزمن الحالي فهو يضيع وقته فقط، والأحرى به أن يقرأ كتب الشباب التي تساير التحولات الحادثة في العالم العربي”.
وأكمل الكاتب الليبي: “حسنين هيكل كان يرسل له القذافي طائرة خاصة إلى طرابلس ليستشيره حول خططه وأفكاره، وبالتالي فكلام صديق للديكتاتور لا يؤخذ به لأنه يكتب فقط لأجل المال ويكون مع من يدفع فقط، كنا كليبيين رغم كل شيء نحترمه، لكن الآن فقدنا احترامنا لهذا الرجل” .
وقبل أن يختم وجه محمد الأصفر نداء للسلطات المغربية لإطلاق سراح الصحفي رشيد نيني الذي اعتبره واحدا من أفضل كتاب الرأي في العالم العربي، وتابع: “.. رشيد نيني كاتب متميز من أفضل الأقلام عربيا .. إنه أفضل حتى من محمد حسنين هيكل لأنه يحارب الفساد من خلال مقالاته وآرائه، ومكانه ليس السجن خصوصا في أجواء الربيع العربي وأتمنى من السلطات المغربية أن تسرع بإطلاق سراحه”.
عماد استيتو ـ صحفي وكاتب مغربي
اترك تعليقاً