هل قتل الشيخ نادر نتيجة خلاف فكري؟ أم أنه كان الضحية لعمل استخباراتي قذر؟ بل هل قتل الشيخ نادر فعلاً؟ وإن كان كذلك فلماذا طمست معالم الجريمة؟ أين جثمانه الطاهر؟ كي يدفن ويقام الدين وتبرد النفوس وينال القاتل عقابه. مهما يكن من أمر فإن تبعات هذا الحدث الجلل خطيرة وفصولها لم تنته بعد.
ما يحدث في العاصمة طرابلس هذه الأيام لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا؛ فيكاد يلحقها بالمدن الليبية التي تحن للاستقرار، والتي يروع آمنها أزيز الرصاص، وتنعدم فيها أبسط مقومات الحياة. أتابع كغيري من أبناء ليبيا العمليات التي تمزق سكينة العاصمة، وتقض مضاجع أهلها منذ أيام.
طرابلس عاصمة كل الليبيين وملاذهم الآمن والأم الحنون، من يأتيها يحبها ويحب أن يسكنها ويهنئ فيها، الكتائب التي تتولى حمايتها، والأجسام المسؤولة فيها، تنجح دائما في إيقاف محاولات العبث في مهدها، واستعادة السكينة التي لا أحد يخدمه هتكها، أو زوالها.
أعتقد إن أكثر ما يسيء للشيخ نادر تقبله الله في الصالحين هو؛ أن يتردد اسمه وسط غبار المعارك وإراقة الدماء بدعوى الثأر له، لتحريك دواعي الحرب والاقتتال الداخلي وتقويض أمن العاصمة وتمزيق الوطن بدعوى المطالبة بمحاكمة قاتليه، وهذا لا يقل سوء عن جريمة اغتياله، والغدر به.
العبث بأمن العاصمة لم يتوقف وزعزعة أمنها هدف. مرصود منذ سقوط النظام الاستبدادي، وكانت محاولات وأد الثورة تمر كل مرة عبر محاولة تحريك آلة القتل في العاصمة، وظل أبناء طرابلس طيلة السنوات الأربع الماضية متمسكين برفض استيراد نماذج الاقتتال الداخلي إلى طرابلس؛ فلا ننسى بيان الانقلاب التلفزيوني بتجميد الإعلان الدستوري وبيان الساعات الخمسة لتسليم السلطة، كما لا يغيب عنا ما سبق وما رافقه من محاولات تخريب في العاصمة، فانتشرت الجريمة المنظمة وخربت المرافق العامة وخلقت بؤر التوتر تمس حياة المواطن اليومية.
لا شك أن مقتل الشيخ نادر، شأنه شأن كل الجرائم السياسية، صار قضية رأي عام وجب على الجميع المطالبة بالقصاص من أثميها، ولكن لا شك أيضاً أن كشف ملابسات الجريمة من شأن وزارة الداخلية وأن التحقيق فيها وإحالة الجناة للعدالة من مسؤولية مكتب النائب العام.
لكننا لا ينبغي أن نستبعد، في ظل اختفاء جثمان الشيخ نادر، أو ننكر وجود من يعمل ليلا نهارا للانتقام من العاصمة القاهرة، لهذه النفوس المريضة ذات الأطماع الشخصية، والدوافع الانتقامية، أن يأتي بدم كذب على قميص الشيخ نادر العمراني، لخلق قضية، “المطالبة بالقصاص” من قتلة الشيخ نادر كنوع جديد من أنواع تجارة الحروب وخلق دوافعها، وتصفية لحسابات لا علاقة لا للشيخ ولا العاصمة بها.
من يتحمل المسؤولية؟
أريد هنا أن أسلط الضوء على موقف طرفين من أطراف المشهد السياسي والأمني داخل العاصمة في التعامل مع جريمة مقتل الشيخ، وما تلاها من اقتتال في العاصمة طرابلس.
هناك من يرى في مقتل الشيخ نادر فرصة لتصفية الحسابات القديمة، وإعادة توزيع كعكة السلطة، أو النفوذ في العاصمة، وعلى طاولة النقاش السياسية، أو موائد الداعمين الدوليين والإقليميين، والغريب أن تلتقي في هذا إرادة طرفي النقيض في الموقف من قتلة الشيخ، ومن عملية الغدر به.
كما هناك من يرى أنه بنقله المعارك إلى طرابلس يستثمر طاقات يملكها ظلت معطل لفترة طويلة، ولم يستطع الاستفادة منها في الحرب التي يخوضها منذ سنتين، كما أنه يعتقد أن إدخال العاصمة وبعض مدن الغرب في دوامة الاقتتال الداخلي، سيقلص من إمكانية اتخاذها قاعدة خلفية لإمداد خصومه لوجيستيا، وبشريا وإعلاميا.
كما يعتقد، أو ربما يعي، أن بعض داعميه يريدون مزيدا من الفوضى في ليبيا، وليس بالضرورة السيطرة، فالفوضى ستوفر ما لن توفره السيطرة لمصالح هذه الأطراف الإقليمية، والدولية.
الواضح أن المسؤولين الحقيقيين عن قتل الشيخ نادر سيكونون أبرز المستفيدين من طمس الحقيقة وسط أزيز الرصاص وقعقعة السلاح، فلا شيء يخدمهم مثل مزيد من الإرباك، ومزيد من القتل، حتى تختلط بدماء الشيخ نادر دماء مآت، أو آلاف من الأبرياء، في العاصمة وما حولها.
وأما أكثر الأطراف تضررا، وأكثرها إحجاما، إن لم نقل جبنا عن اتخاذ أي موقف تجاه هذه الأحداث. وأعتقد أن علي هنا أن أسمي هذا الطرف وضعا له عند مسؤولياته، وبيانا لخطورة موقفه الخائف. فالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عليه أن يعي بأنه إذا استمر القتال لأيام أخرى فإن ما تبقى من شرعيته سيتلاشى بشكل نهائي.
ليعلم الجميع أن ورقة الشرعية هي أقوى سلاح في ليبيا، وبما أن كل هذه الكتائب، تدعي تبعيتها لوزارة الدفاع وأركانها أو لوزارة الداخلية، فإن أقل ما يمكن للمجلس الرئاسي القيام به هو رفع الغطاء الشرعي عن أي قوة تسعى لتقويض أمن العاصمة، وما حولها، وتحاول استنساخ نموذج بنغازي فيها، وبالتالي تصبح هذه القوات خارج القانون.
إذا فشل المجلس الرئاسي في احتواء هذه الأزمة فإنه سيوسم بأنه غير قادر على السيطرة على الأمور، بالنظر إلى ضعف أدائه، وبحكم عشرات الفرص التي ضيعها انتظارا لأن يقوم الآخرون (داخليا، أو خارجيا) بالعمل بدلا منه، فإذا ما عجز عن حماية العاصمة، عليه الرحيل طواعية بدلاً من أن يرغم على الرحيل.
إذا ما اتخذ الرئاسي القرارات المصيرية اللازمة لحماية العاصمة من العبث، فإنه سيقدم للرأي العام فصلا واضحا بين إرادة زعزعة الأمن في العاصمة، وبين المطالبة بأن تأخذ العدالة مجراها في حق قتلة الشيخ نادر العمراني تقبله الله.
إن الواضح من مجريات الأحداث أنه لا أحد يهمه أمر العاصمة؛ فلا الأطراف التي تراهن على كسب الحرب يعنيها في شيء استقرار طرابلس، ولا المجلس الرئاسي قادر على فعل شيء، ولا المجتمع الدولي يمكن أن يكون جزءً من التهدئة الداخلية، لعدم توحد إرادته، وتضارب مصالح دوله الكبرى، فليس أمام أهل العاصمة إلا أن يتجمعوا لإنقاذ مدينتهم من الغرق في أتون حرب أهلية، لن ترد دم الشيخ نادر، وستلحق به مزيدا من أخيار العاصمة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
الفتنة اكبر من ليبيا و صانعي الفتنة اكبر من منفيدها … ضعاف النفوس بائعي الوطن من جميع الأطراف عليهم ان يعلموا ان مسانديهم من الدول الغربية او ألعربيه هم صانعي الفتنة و ان كوبلر هو الغاز علي هذه الفتنة …المطلوب الان حل الأحزاب اولاً و قفل باب كوبلر و خيرات الصخيرات و خروج كل من كان في المشهد منذ فبراير عن المشهد و قيام انتخابات نزيهه و عدم ترشح اي من المتحزبين او من انخرط في المليشيات او كان في المشهد من حاملي الكراسي … و ان لم ترضوا بهذا الحل فسوف يكون ما توقعت انت في طرابلس و بعدها سوف يكون حكم العسكر ليس لسنة بل الي مائة سنة قادمة