قمة جدة سبقها إعداد جيد لإنجاحها، المؤكد أن بعض الزعماء العرب استشعروا الخطر الذي يحدق بشعوبهم، التحولات الإقليمية واندحار القطبية الأحادية ربما سرعت في ذلك، محاولة تفهم مصالح الآخرين وخاصة دول الجوار، كانت خطوة بارزة نحو الالتفات للداخل العربي، ولم الشمل، فمعظم دولنا العربية شهدت خلال العشرية الماضية، تدخلا خارجيا سافرا بحجة حقوق الإنسان وإنهاء الحكم الفردي الديكتاتوري، فسالت دماء، وشردت الملايين، أما الضحايا فقد جاوزوا المليون، ناهيك عن الدمار الشامل بحجة امتلاك شعوبنا لأسلحة الدمار الشامل التي كانت إحدى الذرائع للتدخل في شؤوننا.
أعرب المجتمعون عن رغبتهم في إنهاء الصراع المسلح في السودان واليمن وليبيا كما تمنوا على اللبنانيين بأن ينتخبوا رئيسهم في أقرب وقت ممكن، وجددوا “الأرض مقابل السلام”.
غالبية الزعماء العرب رحبوا بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وطالبوا بعدم التدخل الأجنبي في شأنها الداخلي كما دعوا القوى الأجنبية المتواجدة على أرضها دون طلب من حكومة سوريا بمغادرتها وهذه إشارة إلى تركيا وأمريكا وكذا مساعدة الدولة السورية على تحرير كامل أراضيها من المرتزقة الذين استجلبوا وللأسف من قبل بعض حكامنا لزعزعة الأمن والاستقرار بسوريا، إنها ولا شك أمور ليست بالهينة، ولكنها صرخة في وجوه الدول المعنية، بترك سوريا وشأنها، ومن ثم العمل على تأمين عودة اللاجئين السوريين بدول الجوار من خلال المساهمة في توفير سبل العيش الكريم لهم وتسوية أوضاعهم.
نعتقد أن قادة السعودية والقائمون على الإعداد للقمة استضافوا الرئيس اﻷوكراني، تطمينا للرئيس بايدن لإطفاء غضبه، وأكدت للرئيس الأوكراني أن حل أزمة بلاده يأتي بالطرق السلمية، ومعلوم أن دول الخليج النفطية عملت ضمن مجموعة “أوبك+” على ضبط أسعار النفط من خلال العرض والطلب الأمر الذي أغضب أمريكا واعتبرته خروجا عن طوعها، وهو ما لم تألفه من قبل، ربما يريد بايدن أن يجر دولنا الغنية إلى المساهمة في إعادة إعمار أوكرانيا، حيث قام بايدن بجر أوروبا إلى تدميرها من خلال مساهمتها بالأموال والسلاح في حربها ضد روسيا وأصبحت الخاسر الأكبر وأن الرئيس الفعلي لأوروبا هو زيلينسكي الذي يملي شروطه عليها من خلال طلبه لهم بمساعدته، فقادة أمريكا والغرب يدفعون ثمن التدمير ورؤساؤنا يدفعون ثمن الإعمار.
الرئيس السوري ورغم حجم المآسي التي ارتكبها بعض الحكام العرب بحق شعبه، إلا أنه رأى في انفتاح بعض الدول العربية الفاعلة على سوريا، طي صفحة الماضي، وتحدث على أن العروبة انتماء ومصير، أما الاحتضان فإنه سلوك عابر، تعبيرا عن وقفات جدية في عشرية القتل والتشريد والتدمير، قد تكون تلك الوقفات لأجل مصالح، فلا شيء يقدم مجانا، فيأتي الاحتضان كنوع من الاعتراف بالجميل.
المؤكد أن أمريكا وبعض الدول الغربية ليست راضية على استرجاع سوريا لمقعدها بجامعة الدول العربية وستسعى بكل جهد إلى عرقلة العودة الكاملة، لأنها لا تريد لهذه الأمة الخير، فالغرب هم من قاموا بتقسيم العرب إلى دويلات وفق اتفاقية سايكس- بيكو، وهنا يقع العبئ الأكبر على زعمائنا الذي استشعروا خطر الانفراد بدولنا، واعتقد أن لهم من الحنكة وحسن التدبير ما يجعلهم يحققون أهدافهم في لم الشمل، وتجنب ردة فعل أمريكا ومن معها، للأسف الشديد أن معظم مدخراتنا موجودة بأمريكا، فقد تلجأ إلى تجميدها وهذه سياسة من لا يعترف بحق الاخرين في انتهاج سياسة مخالفة (من ليس معي فهو ضدي).
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً