عربي 21
أبدت دوائر رسمية مصرية انزعاجها الشديد من وصف القناة الأولى الرسمية بالتلفزيون المغربي لعبدالفتاح السيسي، مساء الخميس، بـأنه “قاد انقلاباً”، في الوقت الذي وصفت فيه الدكتور محمد مرسي بـ”الرئيس المنتخب”.
واعتبرت صحيفة “المصري اليوم” -الصادرة الجمعة- الأمر “سابقة هي الأولى من نوعها، تعكس تغيراً شديداً في الموقف المغربي الرسمي تجاه مصر”، مشيرة إلى أن نشرات الأخبار بالقناة الأولى للتلفزيون المغربي، تمثل صدى لسياسة المغرب الخارجية، على حد قولها.
وكانت قناتان حكوميتان بالمغرب وصفتا في وقت متأخر من مساء أمس الخميس، الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ”قائد الانقلاب” بمصر، ومحمد مرسي بـ”الرئيس المنتخب”، في تطور مفاجئ في خطاب التلفزيون المغربي الرسمي.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يصف فيها الإعلام الرسمي بالمغرب تدخل الجيش المصري لعزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، بمشاركة قوى سياسية ودينية في 3 يوليو/ تموز 2013 بـ”الانقلاب”، بحسب مراسل الأناضول.
وقال مقدم نشرة الأخبار المسائية بالقناة الأولى المغربية، في مقدمة تقرير له حول ما أسماه “الآثار السياسية للانقلاب العسكري في مصر”: “عاشت مصر منذ الانقلاب العسكري الذي نفّذه المشير عبد الفتاح السيسي عام 2013 على وقع الفوضى والانفلات الأمنِي، حيث اعتمد هذا الانقلاب على عدد من القوة والمؤسسات لفرضه على أرض الواقع، وتثبيت أركانه”.
وجاء في مطلع التقرير أن “الثالث من يوليو (تموز) 2013 يوم غير مسبوق في ذاكرة الشعب المصري، ففي ذلك اليوم قام الجيش بانقلاب عسكري تحت قيادة عبد الفتاح السيسي، وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعطل العمل بالدستور”.
وتضمن التقرير تصريحات لمحمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية (غير حكومي) قال فيها إن “الانقلاب العسكري الذي قادة السيسي أجهض مسلسل الانتقال الديمقراطي بمصر، وأن هذا الانقلاب وضع حداً لمطامح الشعب المصري”.
وأضاف قائلاً: “رغم كل ما يقوم به النظام المصري القائم حالياً، وما يقوم به الرئيس السيسي بعد سيطرته على السلطة ومروره عبر عملية انتخابية، فإن حالة الاحتقان لا تؤشر بأن مصر ستدخل في مرحلة إعادة ثقة أو مرحلة حوار أو مرحلة إعادة بناء استقرار شامل”.
وتحدث التقرير عن أن يوم 14 آب/ أغسطس 2013 كان “يوماً دموياً، عندما قامت قوات الجيش والشرطة للتحرك لفض اعتصامات المعارضين للانقلاب في ميداني رابعة العدويَّة بالقاهرة (شرق العاصمة)، والنهضة بالجيزة (غرب)، وفاق عدد الضحايا 500 قتيل والآلاف من الجرحى”.
وأشار التقرير إلى أنه “جاءت ردود الفعل الدولي آنذاك على ما يحدث في مصر منددة، ومعتبرة أن التدخل العسكري في شؤون أي دولة هو مبعث قلق، داعية إلى تعزيز الحكم المدني وفقاً لمبادئ الديمقراطية”.
من جهتها، خصصت القناة الثانية المغربية “دوزيم” في نشرتها المسائية ليوم أمس تقريراً عن الوضع الاقتصادي في مصر بعد وصول السيسي إلى الحكم، مشيرة إلى أنه أصبح على رأس السلطة “عبر انقلاب”.
وقال التقرير إن “الوضع الاقتصادي تدهور أكثر بعد مجيء السيسي للحكم إثر انتخابات كانت محسومة مسبقاً، مكنته من بسط القبضة الحديدية على مصر”، بحد تعبير القناة المغربية الرسمية.
وكان ملك المغرب محمد السادس هنأ في حزيران/ يونيو الماضي السيسي بـ”الثقة” التي حظي بها من الشعب المصري في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في مايو 2014.
كما أبدت المملكة المغربية دعمها لـ”خارطة الطرِيق” التي أعلنها السيسي، ومطامح الاستقرار في مصر، قبل حصول ما وصفته “المصري اليوم” بأنه “تغير في رؤية الرباط للأوضاع في مصر، باعتبار أن القناة الأولى الرسمية المغربية لا تنطق إلا بما يتوافق مع السياسية الرسمية للدولة”، على حد قولها.
وعلق مراقبون على التغير في الموقف المغربي بالقول إن المغرب يبني سياسته الخارجية على أساسين: الموقف من الصحراء، والمصالح الاقتصادية، مشيرين إلى أن هناك شعوراً مغربياً متنامياً منذ مجيء السيسي إلى الحكم بتقارب غير ودي مع الجزائر على حساب المغرب، وقضية الصحراء.
واستدلوا على ذلك بالتقارب المصري – الجزائري، وإشادة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالسيسي، وزيارة رئيس الوزراء المصري للجزائر مرتين في أقل من 6 أشهر، مما كان له تأثير شديد في تغيير موقف المغرب من 30 يونيو، مشيرين إلى أن الموقف الرسمي المصري من قضية الصحراء يميل تجاه الموقف الجزائري، وذلك على عكس الموقف حال وجود مرسي بحكم البلاد.
وأضافوا أنه تكررت في الآونة الأخيرة أخطاء إعلاميين وفنانين مصريين وحتى أزهريين في حق المغرب، وتلا ذلك اعتذار بداعي أن الأمر كان غير مقصود.
ورجحوا أنه من الواضح أن الدولة في المغرب تود إيصال رسالة إلى القاهرة، مختصرها أن لصمت القصر الملكي حدوداً، إزاء تلك السياسات، والتصرفات، على حد قولهم.
يذكر أنه في مطلع تموز/ يوليو الماضي، أثارت تصريحات المذيعة المصرية، أماني الخياط، على إحدى القنوات الفضائية الخاصة، حالة من الغضب بين المغربيين، بعدما انتقدت دور المغرب في القضية الفلسطينية، وقالت إن أهم دعائم اقتصاد المملكة من “الدعارة”، وأن البلاد لديها ترتيب متقدم بين الدول المصابة بمرض الإيدز، وتهكمت بأن ذلك يتم تحت حكم “الإسلاميين”.
وطالب المغاربة حكومة بلادهم بالمطالبة باعتذار رسمي من الحكومة المصرية عن تصريحات “الخياط”، ودشنوا “هاشتاغ” على تويتر بهذا المعنى، وهو ما قامت به الإعلامية خلال برنامجها مساء أمس عقب بيان للخارجية المصرية قالت فيه إن “تصريحات الإعلامية المسيئة للمغرب لا تمثل إلا صاحبها”.
وفي أيلول/ سبتمبر 2014، قال وزير الشؤون الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، في القاهرة، إنه تم الشروع في الإعداد لعقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة المغربية المصرية.
وقال مزوار، عقب مباحثات ترأسها إلى جانب نظيره المصري، سامح شكري، إن البلدين يرغبان في أن يعطيا للجنة العليا المشتركة المغربية المصرية “طابعاً عملياً يكون فيه للقطاع الخاص دور كبير”.
يذكر أن اللجنة العليا المغربية المصرية برئاسة قائدي البلدين تأسست سنة 1997، وتعقد اجتماعاتها بالتناوب في البلدين.
وانتخب محمد مرسي في حزيران/ يونيو 2012، كأول رئيس مدني لمصر، وخامس رئيس لجمهورية مصر العربية، والأول بعد ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
من جهة أخرى ذهبت بعض المصادر المغربية إلى أن الموقف الجديد كما عبرت عنه وسائل الإعلام الرسمية هو نوع من الرد على العلاقات المصرية الجزائرية المتنامية، وما يتردد حول احتمال اعتراف القاهرة بدولة البوليساريو في الصحراء المغربية، مقابل الحصول على غاز من الجزائر.
https://www.youtube.com/watch?v=4WYtiuicwQU#t=50
اترك تعليقاً