كانت للكاتب مقالات بشأن تشخيص الأزمة في ليبيا إلا أنه لم يفرد مقالة مستقلة للمجموعات المسلحة ودورها في الأزمة. وبعد ما حصل ليلة االخميس لا يمكن السكوت عليه. فيما سبق كانت تقريباً جميع المناوشات بين طرف مع فبراير والدولة المدنية، ولو ظاهريا، وأطراف ضد فبراير وعودة دكتاتورية العسكر أو مشاكل شخصية يوظف فيها الخطف والابتزاز وطلبات الفدية. ومع أن السبب الرئيس هو الانسداد السياسي، الممول للمجموعات المسلحة، إضافة إلى الامتيازات المالية التي أكتسبها قادة المجموعات والمسلحة وعلاقاتهم المشبوهة مع دول خارجية ممولة لهم تفرض قرارات الحرب عليهم في أحياناً كثيرة. وظفت الدول العربيةـ والتي جعلت من الدين واجة أحياناً والعلمانية أحياناً أخرى بل لجأت لتوظيف القبلية والمناطقية أيضاً، لتعلب دور الوكيل بعد التمويل بالمال والسلاح. مما مكنها من تجميع المعلومات بما فيها الأمنية والعسكرية وبذلك وقعت الكثير من المجموعات المسلحة تحت سيطرتها المباشرة.
المجموعات المسلحة المرتهنة للأخر:
تعنت الدكتاتور معمر ورفضه لمطالب أحرار ليبيا السلمية في فبراير 2011 ، وحقهم في بناء دولة العدل والقانون والمواطنة، ومواجهة المتظاهرين بمضادات الطيران التي مزقت أجساد شباب ليبيا النحيلة مما اضطرهم لحمل السلاح والتشكُل في مجموعات مسلحة لموجهة الكتائب الأمنية للقذافي، وبمساعدة النيتو، ولغاية في نفسها وليست خدمة للشعب الليبي، انتصرت فبراير. وبعد تصفية المجتمع الدولي حساباتهم مع معمر القذافي وفي نشوة الفرحة كانت سلاسة التعامل مع الأجنبي بل لا نبالغ وصلت إلى كسب ثقة المجموعات المسلحة والتعاون معهم. ولم يستفق الكثير إلا بعد أن تورطوا واستلموا منهم الأموال والسلاح.
الانسداد السياسي والصراع الدولي:
صحيح من الواضح أن هناك توافق، إلى حد ما، بين دول الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي بعد تدخل روسيا بالحرب لوقف انضمام أوكرانيا للنيتو مما غير مجريات الصراع السياسي في ليبيا. وتوفرت فرصة أفضل للدول العاملة بالوكالة بالتدخل، باستثناء تركيا التي فتحت قنوات تدخلها بناء على اتفاقية بحرية وعسكرية. بالتأكيد محاولات السيد فتحي باشاغا دخول طرابلس، بعد مشاورات دولية، وإصراره على، ورغبته الجامحة في، ذلك لا يستغرب الكاتب أن يكون أحد الأسباب التي كانت وراء الحرب الأخيرة.
تجدر الإشارة إلى أن السبب الظاهري للحرب حسب ما حصل هو اعتقال أحد العناصر لطرف مما ترتب عليه تأزم الموقف واستعراض للقوة إلى أن وصل للاقتتال داخل أحياء سكنية على الأطراف الشرقية لطرابلس. في وجهة نظر الكاتب ما كان ذلك إلا تحفيز للرفع من شدة التوتر.
من غير المنطق!
تمركز المجموعات المسلحة داخل طرابلس لتكون قريبة من صناع القرارات والبنوك أزم من الوضع الأمني وشعب من مصالح المجموعات المسلحة بعد تقاسم المناطق الجغرافيا للسيطرة على البنوك ومحطات الوقود والغاز بل وصل الأمر للتحكم في محطات توزيع الكهرباء.
ومع تحسن الوضع بانحسار التدخل بعد أن ضاقت دائرة التدخل إلا أنه استقر على مستويات عليا كالحكومة والرئاسي والممولة لها. لا يوجد منطق لوجود المجموعات المسلحة، والتي تسمى بأشخاص، في دواليب المؤسسة العسكرية إلا أذا قبلنا عذرهم بأن مبرر وجودهم هو خوفهم من غزو حفتر وهنا تكون الإجابة المكان المناسب لصد حفتر هو وجود معسكرات المجموعات المسلحة خارج طرابلس وليس بوسط الأحياء السكانية وبوسط المدينة وحول المؤسسات والمقرات الحكومية.
هل ستستمر المجموعات المسلحة؟
الواقع يقول بأن خلال حقبة السيد السراج تقلص عدد المجموعات المسلحة إلى عدد محدود والواقع يقول أيضاً بأن صلاحيتها ستكون محدودة فالأدوار التي تقوم بها مؤقته ولن يكون لها نفس طويلة. فما أن تصل الدول المتدخلة في ليبيا إلى توافق ستنتهي مهمتها وسيكون نهايتها بأحد السيناريوهات التالية:
- من أنجع الأساليب كما رأينا في الماضي صناع الحروب التي تأكل الحرب وتسقط الكثير من المنضمين للمجموعات المسلحة مما يضعف بعضها فلا تستطيع مقاومة الاستمرار.
- توظيف النعرات القبيلة، والمناطقية، والعرقية، ليكون عدد كبير من الشباب المقاتل وقود لهذه الحروب الخاسرة.
- نتيجة لاعتماد كل مجموعة على شخصية “كمتاتورية” فتفكيكها قد يكون بإغراء بعض قادة المجموعات المسلحة بمناصب بالداخل والخارج ويكون مصيرها الزوال.
- تجميع ملف الجرائم لقادة بعض المجموعات المسلحة وتوجيه اتهامات لهم من محاكمة الجنايات الدولية. ولا يستغرب الكاتب تصفية بعض القادة كما حصل من اغتيالات.
- التصفية ليس للمسرفين في القتل فقط بل ستصل التصفية أيضاً لمن قد يفكر في الاعتزال ودمج الشباب المقاتل في العمل المدني والسياسي كما حصل مع أخونا الشهيد أبراهيم زغدود النالوتي!!!
كلمة أخيرة:
أكرر نلوم ونعذر معالي رئيس الحكومة السيد عبدالحميد الدبيبة ولكن بعد اتخاذه قراره الجريء بإقالة السيد مصطفى صنع الله، بالتأكيد بعد مشاورات دولية، لماذا لا يباشر في اتخاذ قرار بإخراج المجموعات للتمركز خارج طرابلس، مع قناعة الكاتب بأن الدول الراعية ستعارض، ولكن لا بأس بالمحاولة.. كما وأنه عوضاً عن إقالة معالي وزير الداخلية السيد خالد مازن الأجدر دعم الداخلية بالإمكانيات وتوفير بيئة آمنة لهم بإخراج المجموعات المسلحة خارج العاصمة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً