حذر الباحث في الشأن الليبي أ. محمد درميش من الآثار السلبية لتخفيض سعر صرف الدينار الليبي على الاقتصاد الوطني، وخاصة على الواردات الصناعية، وأسعار السلع، والقوة الشرائية لدى المواطن الليبي.
وقال درميش في تصريح خاص ل “عين ليبيا” إن الصناعة في ليبيا تعتمد على استيراد معظم السلع الوسيطة والآلات والمكنات، ويؤدي تخفيض سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأخرى، إلى زيادة في أسعار هذه السلع الموردة، وارتفاع كلفة منتجات الصناعة المحلية وبالتالي ارتفاع أسعار السلع وانخفاض الطلب العالمي عليها واضعاف قدرتها التنافسية.
وأضاف درميش أن تخفيض سعر الصرف الحقيقي، سيؤدي الى زيادة عد الوحدات من العملة المحلية مقابل الوحدة من العملات الأجنبية، وبما أن الصناعة في ليبيا تعتمد على استيراد معظم السلع الوسيطة من الخارج وكذلك الآلات والمكنات، فان ذلك سيؤدي الى زيادة تكلفة استيراد هذه الحاجيات الصناعية ما يؤدي في النهاية الى ارتفاع تكلفة المنتجات الصناعية الليبية وبالتالي زيادة الأسعار.
وبالنسبة للصادرات الصناعية التي تعتمد على سلع وسيطه محليه، مثل “الإسمنت” فإن تخفيض قيمه سعر الصرف على هذا النوع من الصناعات سوف يكون سلبيا ولكن ليس بدرجة كبيرة، لأن السلع الوسيطة المستخدمة في هذه الصناعات يتم انتاجها محليا.
أما الصادرات الصناعية، التي تعتمد على سلع وسيطه مستوردة، سوف يكون تأثير تخفيض سعر الصرف كبيرا عليها، وزيادة تكلفة استيرادها ما يعني ارتفاع تكلفة الصناعات النهائية، وإضعاف قدرتها على المنافسة، حسب درميش.
وأشار درميش إلى الانخفاض الكبير في متوسط دخل الفرد الليبي، الناجم عن سياسة تخفيض قيمة الدينار مقابل العملات الأخرى، حيث انخفض متوسط دخل الفرد من 500 دولار في الشهر الى 125دولار، معتبرا أن هذا الإجراء الأحادي أثر تأثيرا كبير في الحياة العامة للمواطن الليبي مما تسبب في زيادة نسبه الفقر والحرمان من الحقوق الأساسية.
وبحسب درميش فإن الدولة الليبية تكرر نفس أخطاء الماضي، عندما فرضت ضريبة على الواردات وعلى شراء العملة الأجنبية، مشيرا إلى ما قامت به المؤسسات المالية في نهاية سنة 2020م عندما قامت بتوحيد سعر الصرف بقرار من مجلس إدارة المصرف المركزي عند (4.48) دينار مقابل الدولار الواحد، مما زاد من حدة التشوهات والتضخم في أسعار السلع والخدمات وزيادة أرقام وتضخم بنود الميزانية العامة وخروج وحدات العمل الصغيرة والمتوسطة عن العمل وفقدان العمالة لوظائفهم.
وأشار درميش إلى أن توجه محافظ البنك المركزي لفرض رسم إضافي على بيع العملة الأجنبية، سيزيد معاناة للمواطن ويفاقم التشوهات كإجراء أحادي سيؤدي إلى زيادة تضخم أرقام الميزانية العامة ويزيد من الطلب على الوظائف الحكومية، مما يكبل كاهل الخزينة العامة.
وأكد درميش أن الدينار الليبي لن يعود إلى سابق قوته إلا بوجود إرادة سياسية تملك رؤيه واستراتيجية محدده الأهداف، قابلة للتحقيق والتكيف مع المتغيرات، تخلق التناغم بين السياسات الاقتصادية (المالية، النقدية والتجارية)، معتبرا أن هذا بعيد المنال في ليبيا اليوم.
وقدم درميش مجموعة من المقترحات لتنظيم الوضع المالي و الحد من التضخم و كبح تراجع قيمة العملة الوطنية منها:
تنظم فتح الاعتمادات من أجل تحقيق العدالة في توزعيها، يقدم العميل أو المستفيد أو طالب الاعتماد (مصنع. وكيل، مورد، تاجر جملة، شركات، وسيط… إلخ) في نهاية كل شهر يونيو الموازنة الاستيرادية له إلى أقرب مراقبة خدمات اقتصادية، في محل الإقامة أو البلدية الموجود بها، موضح فيها الاحتياجات الكلية للسنة القادمة، ويبين (نوع البضاعة، سعر الشراء من المورد، سعر إعادة البيع، سعر البيع للمواطن) موزعه على أيام وأسابيع وأشهر السنة، ومقسمه على أربعة أرباع في السنة.
وبيَّن درميش أنه بهذه الطريقة نضمن العدالة في توزيع الاعتمادات ومراقبها، وتدفق السلع والخدمات طول العام والمحافظة على مخزون الأمان، والمحافظة على أسعار السلع والخدمات ومراقبة الجودة .
واقترح درميش أن تقوم إدارة التجارة الخارجية وإدارة التجارة الداخلية، بالإشراف المباشر على هذا العمل، وتكون عندهم قاعدة بيانات ومعلومات تجدد كل ثلاثة أشهر من خلال متابعة عمل كل الشرائح لتكون نواه لقاعدة بيانات الموزانة الاستيرادية للدولة الليبية.
ودعا درميش في مقترحاته إلى إلزام العميل عند فتح الاعتمادات بنسبة معينه يدفعها نقدا، من أجل الاستفادة منها في خلق استدامه لدوران السيولة، و تطوير القطاع البنكي ومواكبه الحداثة والعمل على تأهيل وتدريب الكوادر البشرية، والسماح للبنوك الأجنبية ذات السمعة الحسنة بالعمل في البيئة الليبية، وتشجيع الزبائن على فتح حسابات بالعملة الصعبة، وتشجيع المودعين لمن يودع أكبر مبلغ بحافز الضعف يتم منحه اعتمادات وتسهيلات بنكية.
كما دعا درميش لسحب فئة الخمسين والعشرين والعشرة والخمسة وما دون من الإصدار السابع وما دون ومتابعة الأحداث أولا بأول، والتعامل مع المتغيرات الطارئة بطرق مدروسة والتكيف معها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، من أجل استمرار الانسجام بين السياسات الاقتصادية الثلاث (النقدية والمالية والتجارية)، والحفاظ على أسعار سعر الصرف ودوران السيولة والاستدامة المالية وتنويع مصادر الدخل القومي.
اترك تعليقاً