“وادي أومو”، الواقع جنوب غربي إثيوبيا، والمصنف ضمن مواقع التراث العالمي لليونيسكو، عام 1980، يتميز بوجود العديد من القبائل التي لا تزال تحتفظ بحياتها البدائية منذ آلاف السنين، بينما المسافة بينها وبين الحياة المدنية بعيدة تماما.
وقد أثبتت الأبحاث العلمية أهمية المنطقة التي تعتبر مختبر للدراسات الأثرية والجيولوجية والأنثروبولوجية، فضلا عن أهميتها في دراسة التطور البشري.
وبينما تحيط بمنطقة “نهر أومو” المناظر الطبيعية والمثيرة من كافة جهاتها، إلا أن هناك وفرة أخرى في العادات والطقوس التقليدية والتي تبدو غريبة، ومنها عادات الزواج.
تعيش قبيلة “الهامر” في “وادي أومو”، وتشتهر باللون الأحمر الذي يحتل مكانة وخصوصية لافتة، حيث يقومون بطلاء أجسادهم بالطين الأحمر القاني، وكذلك رؤوسهم حيث يتم استخدام طين طبيعي يستخرج من الأرض، وذلك بعد خلطه بشحوم ودهون نباتية وحيوانية ومواد طبيعية أخرى.
كما أن لهذه القبيلة طقوس مميزة في الزواج، وخاصة مع بدء سن البلوغ، والتي يتسنى للفتى أو الفتاة، بحسب قوانينهم الاجتماعية، طلب الزواج، لكن بشرط النجاح في تنفيذ طقس هذه المرحلة العمرية التي ينتقل فيها من مرحلة الطفولة للشباب.
يتمثل هذا الطقس في أن يقوم الفتى بالقفز على أكثر من 15 إلى 20 ثورا أو جاموسا، والتي تنتشر تربيتهما في هذا الإقليم، وعندما ينجح في مهمته تقوم الفتيات بإعطائه أعوادا رفيعة من “الخيزران” ليضربن بها على جسد من يرغب الزواج بها عدة مرات حتى الإدماء، بيد أن الفتاة التي شاركت في التجربة تكون مهمتها الرئيسية هي تتويج الفتى بالاعتراف بعبوره مرحلة الطفولة، كما يحق لها الزواج من أي شاب آخر داخل القبيلة، في مقابل نجاحها هي الأخرى.
ووفق ما ذكرت شبكة “سكاي نيوز “، يرى المحاضر بجامعة أديس أبابا حسن كاو أن هذه الطقوس عريقة منذ آلاف السنين للحفاظ على النسل والروح الخاصة بالقبيلة، على الرغم من وجودها ضمن عدة قبائل في هذا الإقليم.
ويلفت كاو إلى أن “المثير للدهشة في ظل رغبة الفتيات بالزواج في سن صغيرة، هو تحملهن لهذه السياط وقدرتهن على زيادة عدد الضربات في مشهد راقص”، مشيرا إلى أن الفتيات “يحملن المزامير والأبواق أثناء الضرب ليشجعن أنفسهن على تحمل الألم واثبات جدارتهن بالزواج”.
وتابع: “أمام هذا العدد الكبير من الفتيات يمكن لرجال قبيلة (هامر) الارتباط بثلاث زوجات، وتحدد مرتبة المرأة في هذه القبيلة وفقا لمجوهراتها؛ فالزوجة الأولى ترتدي عقدا مكونا من حلقة حديدية تنتهي بشوكة كبيرة بنهايتها، أما الزوجة الثانية والثانية فترتدي كل منهما حلقات حديدية أكثر بساطة”.
على جانب آخر، وفي منطقة قبلية مختفية عن أنظار العالم في إحدى زوايا إقليم “أومو” النائية، يعيش السكان الأصليون من قبيلة “المرسي” بالطرق البدائية، في معزل عن التمدن، ويوصلون رغبتهم في الصمود والعيش رغم طبيعة أراضيهم القاسية.
وتشتهر قبيلة “المرسى” بكثير من العادات الغريبة، منها تزين النساء بوضع لوح خشب أو فخار على الشفاه السفلية، حيث يتم قطع “الشفة” من قبل أمها أو النساء المقربات عند بلوغ البنت 15 سنة، ثم وضع قطعة خشبية صغيرة حتى يلتئم الجرح وتركيب قطع أكبر فأكبر على فترات زمنية حتى الوصول إلى الحجم المرجو.
وهناك بعض نساء القبيلة يضعن لوحة قطرها 15 سنتمترا، وكلما كبر حجم اللوحة تكون أجمل في نظر شباب القبيلة، ويكون مهرها أكبر البقرات في القبيلة.
والفتاة في قبيلة “المرسي” التي لا تلتزم بوضع اللوح الخشبي، يتضاءل مهرها، رغم أن هذا الطقس المثير يتسبب في إزالة أسنانها الأمامية لتفادي احتكاكها باللوح الخشبي.
ويعتقد رجال قبيلة “المرسي” أن النساء هم كهنة الموت، وهناك عدة طقوس يتم ممارستها من قبل الزوجين قد تكون غير مألوفة، ولكنها داخل منظومتهم المجتمعية تعتبر “رحمة” لهم، من بينها طقوس دس السم للزوج ولكن بطريقة تحافظ على حياته.
وتشير الخبيرة بمنظمة اليونسكو منى شاكر في تصريحات لـ”سكاى نيوز عربية”، إلى أن هناك غموض شديد بخصوص سبب وضع هذا اللوح الخشبي في فم الفتيات والنساء في قبيلة المرسى، ولكن “هناك تكهنات كثيرة تتمثل في أن حجم اللوح له علاقة بقيمة المهر حيث إن من يخالف ذلك يتم الاتفاق بين العائلتين في الزواج على المهر قبل بلوغ البنت سن 15 سنة”.
والمثير للدهشة في هذه القبائل عندما تم توثيق هذه المنطقة كمحمية تراثية وإنسانية، أصر أهل هذه القبائل على رفض المدنية ما أدى إلى قلة عدد السكان بسبب سوء الأحوال الصحية، بحسب الخبيرة بمنظمة اليونسكو.
اترك تعليقاً