إن ما حدث في مدينة صبراته من حرب نفوذ راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى من أبناء الوطن من الطرفين الذين أُستخدموا ويُستخدموا من قبل أطراف الصراع على السلطة تحت مسميات مختلفة رنّانةٌ في كثير من الأحيان مثل الحرب على داعش أو الإخوان المسلمين أو القاعدة أو الإرهاب لاستقطاب كثير من الناس ممن لا يدركون أو لا يريدون أن يدركوا أو لا يكلفون أنفسهم إدراك حقائق الأحداث وما يجري خلف الكواليس ومصالح من يستخدمهم تارة بحجة حماية الدين من المفسدين وكأن الله خصّهم بذلك دون غيرهم، فياويلنا ؟!! وتارة بحجة حفظ مصالح الوطن وتارة بحجة محاربة الفساد وأخرى محاربة الخارجين عن القانون والمجرمين وغيرها من الحجج المتعددة ذات الأهداف المتعددة التي تختلف وتتعدد عن الآخر كلٌ حسب وجهته ومصالحه !!!
فالجيش الذي أعلن سيطرته على مدينة صبراته ما هو إلا خليط لا يخلوا من انخراط المجرمين وأصحاب السوابق فيه ولنا في مدينة بنغازي مثلا: فهي مدينة تتقاسمها مجموعات نفوذ تشمل أفرادا من الجيش الذين يتصفون بالخضوع لقائده ويتلقوا وينفذوا أوامره وهم أهون وأفضل المجموعات، مجموعة الأمن الداخلي ولضعف الدولة وتفككها فهم غالبا ما يقومون بأعمالهم وفق ما يرونه مناسبا، ومجموعة تدّعي السلفية والسلفية من أغلب تصرفاتهم برآء وهم فكرا ومنهجا يتبعون لشيخ لا يدري من نحن ؟ وما يجري بيننا ! ولا يعترفون بغيره ويصبون جامّ غضبهم على من يخالفهم من العلماء وغالبا يغالون في التشدد الذي يصل أحيانا إلى حد التكفير فهم يجمعون أسراهم ليقوموا بقتلهم جماعيا دون محاكمة “شهادة سجين سابق لديهم”، ومجموعة أولياء الدم وغيرهم من المجموعات المسلحة التي لا سلطان عليها في غياب الدولة، فعش أيها المواطن في الظلام ولا تتظلّم ؟؟؟
ومن خلال المثال السابق نقول نحن نريد بما لا مجال فيه للشك جيشا وأجهزة أمنية ولا نريد ميليشيات ومجموعات مسلحة تمتهن السرقة والخطف والإبتزاز وفي أحسن الأحوال تشتغل وفق مزاجها ووفق رؤيتها الخاصة للأوضاع وليس وفق رؤية وطنية، لقد سئمنا ما نحن فيه من انقسام وانفلات أمني. نريد جيشا وطنيا منضبطا ولائه ليس لفرد أو لتوجه سياسيا أو دينيا ولكن لوطن، فالوطن أكبر من الفرد أو توجهه وليس هناك وجه شبه أو مقارنة، فمتى يستقظ النائم ؟
ألم نكتفي من الدماء بعدُ ونكتوي !!! ألم يكتفي قادة الجيش المزعوم من لعنة دماء الليبيين ؟! كم يريد هؤلآء من الموتى من أبناء الوطن لينتهوا عن جهلهم وسفاهات أحلامهم ؟! متى نستمع إلى الآخر الذي يشاركنا هموم الوطن وهو منا وفينا ؟! متى نكف عن سياسة التخوين والتكفير والتسفيه لأبناء وطننا ؟! متى ننظر لبعضنا كأبناء وطن واحد صرنا كعير سيقت لبئر طلح كلٌّ يشرب ؟! فأنت يا أخي لا تستطيع إقصائي مهما كنت سيئاً وأنا لا أستطيع إقصائك أيضا لأن الوطن وطني كما هو وطنك ؟! متى نحتكم إلى العقل والحكمة ونعرف أننا جسدا واحدا كلانا يكمّل الآخر ولا يستطيع الحياة بأمن وسلام وراحة دون الإقتسام العادل لكل شيئ ؟! متى ندرك أن الحقيقة واحدة ولكنني قد أنظر أو قد ينظر إليها غيري من زاوية مختلفة فنختلف في وجهات النظر ولكن حقيقتنا وهدفنا واحد ؟! متى يعي القادة السياسيين أن أمرهم أصبح مكشوف مفضوح وتعنتهم وجهلهم وتقديم مصالحهم عن مصلحة الوطن صار واضحا معروفا وما قاله مبعوث الأمم المتحدة الجديد السيد غسان سلامة من أن من قابلهم بليبيا لا يهمهم الوطن وكل ما يهمهم هو الحفاظ على مصالحهم !!! كما أعرب عنها وزير الخارجية الإنجليزي بقوله: سنكون هناك للمساعدة في إعمار ليبيا بعد اجتثاث جثث الليبيين وبالأحرى بعد موت رموزها المتصدرين للمشهد الآن ؟! هذا هو حالنا فمتى نعلوا ويتنفس المتألّم ؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً