شيء جميل وعمل عظيم ما تقوم به زليتن خلال فترة وجيزة من الزمن، رغم قسوة هذا الزمن القاسي والمقصي لها، فقد عُزِلت عن باقي المدن خلال عقود طويلة ورسمت لها طريق واحد من خلال بث صور طقوس ترسم المزارات ومسير ضرب الدفوف.
لم تكن هذه المدينة في حقيقة أمرها إلا مدرسة اقتصادية اجتماعية كبرى بها كبار شيوخ وعلماء وطلبة علم، أطباء ودارسين وأصحاب مهن اقتصادية وتجارية.
أعلنت زليتن عن نفسها من خلال مسك زمام المبادرة حين أوكل أمر المدينة لأهلها، عمرت المدينة وأصبحت بها طفرة عمرانية رائعة تضاهي بلدان كبيرة لها باع طويل في العمران.
ذكاء المجلس البلدي في عدم ملاحقة أو البحث عن حلول سياسية من أجسام ميتة تبحث عن كيفية سرقة الميزانية فقط لمن هم في السلطة! جعل من المدينة تسابق الزمن وتقطع الطريق أمام أي شرخ اجتماعي.
عرفت وفهمت أن لغة العصر هو الاقتصاد، فيه الاقتصاد أنهض الشعب وثورته، لأجل الاقتصاد صرخت شعوب تبحث عن حياة كريمة وسعيدة، الاقتصاد والتجارة هي اللغة التي يفهمها العالم ويعمل بها في كل مكان.
لا تنهض الشعوب لأجل إعفاء مسؤول من منصبه ولكنها قد تثور إذا مس رغيف الخبز أو قطاع البترول مثلا.
لهذا اتجه القائمون على زليتن نحو البناء والعمار بتفعيل عمل المصانع داخل المدينة ورصف الطرق وتشييد المباني ووضع حجر بناء مطار تجاري وآخر بحري، كلها عوامل لأجل تمهيد الطريق نحو استثمار اقتصادي قادم.
مع ضبط سكان المدينة نحو بوصلة الاقتصاد، انتهى الخلاف السياسي وكل من لديه رأي يحتفظ به فلا مجال نحو خلاف مريض وعقلية تقاتل على زعيم سياسي أمنيته الوحيدة أن يقتلنا ذلاً.
فهم أهل المدينة أن الاصطفاف ما هو إلا مرض يعاني منه الأقلية وأن الاقتصاد هو العلاج والمرهم لوضع البلاد.
فإذاً كانت المدينة أصبحت لها وضعية اجتماعية وأمنية ممتازة، يبقى البحث عن استثمار أجنبي يأتي بالشركات فيما بعد.
وإن كان رفض كثير من الشركات القدوم إلى ليبيا بسبب الأوضاع، إلا أننا شاهدنا قدومها إلى مدينة زليتن دون شروط، وهذا ما حدث مع الشركات التركية التي تعمل في مجال البناء (الطبي) زليتن وتقوم بصيانة أجزاء أخرى بالمدينة.
عوامل عدة جعلت من مدينة زليتن قبلة لسكان الوطن الباحثين عن علاج أو نازحين من سكناهم أو لعوامل أخرى.
فشل الدولة في ملف الكهرباء والصحة، نجحت فيه مدينة صغيرة المساحة كبيرة بعدد السكان وحجم التضحيات والأفعال، فلها أن تعمل وتستقبل المرضى وزد على ذلك أصبحت ركيزة لمكافحة جائحة كورونا.
وضع العراقيل أمام المدينة بحجج واهية وقانونية حول احتكار موضوع الطاقة لدولة فقط، لم يثني رجال المدينة عن الاستماع لأهل المدينة حول الكهرباء وسارعوا في جلب محطة كهرباء خاصة بهم.
هي إرادة فإذا تحركت الإرادة كان جبل النجاح مكتمل بدعاء وتصفيق الجماهير… حمى الله الوطن وكفى زليتن شراً وعدوان.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً