يؤكد شهود عيان من مدينة سرت بوسط ليبيا التقيتهم بمدينة مصراتة الأيام الماضية أن أن عدد القتلى والجرحى في المواجهات المسلحة الأخيرة التي شهدها الحي رقم 3 بمدينة سرت بين مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية من جهة ، والمدنيين المسلحين من الأهالي من مختلف القبائل وخصوصا من قبيلة الفرجان ومن يدعمهم من العسكريين ممن كانوا منتسبين لكتيبة تسمى”كتيبة الجالط”وهي إحدى كتائب الجيش الليبي لم يتجاوز الخمسين قتيلا والعشرين جريحا،حيث حدثوني أن المواجهات اندلعت على خلفية قيام مسلحي التنظيم بقتل أحد قيادات التيار السلفي في سرت وهو الشيخ”خالد بن رجب الفرجاني”الذي أعلن مناوءته الصريحة لهم،وكشف عن ذلك علانية على المنبر في إحدى خطب الجمعة التي قال فيها:إن تنظيم الدولة خوارج يجب قتالهم والجهاد ضدهم.
وكاد تنظيم الدولة أن يخسر المعركة في ساعاتها الأولى لولا أن هناك دعما مسلحا تمثل في مائة وخمسين سيارة مسلحة بمختلف أنواع الأسلحة قدمت من منطقتي هراوة والنوفلية وطوقت الحي بشكل دائري وقصفته بالمدفعية الثقيلة وصواريخ الهاون والغراد وراجمات الصواريخ،ولكن في الوقت نفسه نفى لي من تحدثت معهم – وأحدهم شارك في هذه المواجهات – قيام مسلحي التنظيم بحرق المستشفى الميداني بالحي رقم ثلاثة خلافا لما أشيع وقتها ، ونفوا لي ما أشيع حول تكدس الجثث في سيارات النقل جراء المعارك وقيام مسلحي التنظيم بقطع الرؤوس ورميها في الشوارع،وقالوا لي إن هناك ما وصفوها”خلايا نائمة”وهم أفراد من سرت ينتمون لمختلف القبائل بالمدينة يوالون التنظيم ويقدمون له الدعم المادي واللوجستي والمعلومات التي تساعده في إحكام سيطرته على المدينة، فهو أكبر قوة على الإطلاق توجد حاليا في مدينة سرت الخالية تماما من الخدمات والمؤسسات الحكومية حيث لا وجود فيها لأي سلطة تشريعية أو تنفيذية ما يعني أن التنظيم يسيطر على مطار المدينة وقاعدتها العسكرية وكافة الإذاعات المسموعة التي توجد فيها ويبسط كذلك سيطرته على مبنى فرع التلفيزيون الرسمي”القناة الوطنية”فيها
وتتمركز كامل قوة التنظيم من سلاح وعتاد ومقاتلين في منطقتي”هراوة”و”النوفلية”شرق مدينة سرت،وهناك أعداد كبيرة من المقاتلين ينتمون لجنسيات عربية وإفريقية ، إلى جانب أن هناك مقاتلين في صفوف التنظيم قدموا إلى سرت هاربين من مدينة درنة عقب المواجهات الأخيرة مع مقاتلي مجلس شورى مجاهدي درنة
وتعاني مدينة سرت نقصا في الوقود والغاز ، في ظل تردي الخدمات الصحية وإغلاق المستشفيات وارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية وخصوصا تلك التي تهم شريحة الأطفال بالدرجة الأولى كالحليب مثلا.
أحد المواقع المهمة التي يتمركز فيها مسلحو التنظيم هو مجمع المؤتمرات في سرت المعروف باسم”مجمع واقادوقو”وهو أهم مجمع حكومي في سرت بناه النظام السابق وفق نظام بناء معين يتمثل في مقاومة جدرانه للقذائف المدفعية من الدبابات والمدافع المختلفة والقصف الجوي، حيث تتمركز فيه أحيانا القيادات البارزة للتنظيم التي يوجد من بينها قيادات عربية وإفريقية إلى جانب مقاتلي التنظيم.
وإلى جانب ذلك كشف لي شهود العيان الذين تحدثت معهم أن التنظيم اتبع سياسة الفترة الماضية تتمثل في إغرائه الشباب بمبالغ مالية ( 1500 دينار ) مقابل الانضمام إلى صفوفه والقتال معه ، وهذا مصدر من مصادر قوته وهو كثرة المقاتلين الذين يقدر عددهم بأكثر من ألفي مقاتل يصلهم دعم مستمر وخصوصا من جهة الجنوب الليبي ( الصحراء ) ولكن لا يعرف على وجه التحديد الوجهة التي يصل منها الدعم ، سواء المالي أو المسلح.
وخلافا لما يشاع فإن التنظيم ليست له حاضنة اجتماعية في سرت بل إن وجوده في المدينة وتمركزه فيها وحولها يعتمد بالدرجة الأولى على الخوف والرعب اللذين يبثهما في نفوس الأهالي اعتمادا على عمليات الإعدام والتصفية والصلب على الأعمدة في وضح النهار، وهو أمر سهل له احتلال المدينة بالكامل وفتح له الباب واسعا ليتمكن من تصفية حساباته مع من يعتبرهم خصومه في المدينة بحرق بيوت بعضهم وهدمها لا سيما من كان من أهالي سرت منضما لإحدى الكتائب المناوئة له بسرت أو مصراتة وخصوصا المنضمين للكتيبة 166 التي حاصرت التنظيم عدة أشهر قبل أن تنسحب وتعود أدراجها إلى مدينة مصراتة.
وثمة خطوة قام بها تنظيم الدولة في سرت اعتبرت مستفزة للأهالي وهي حصره للمطلقات والأرامل والعوانس في سرت لتزويجهن بمسلحيه بعد أن عرف أسماءهن وعناوين منازلهن وأسماء عائلاتهن من السجل المدني بالمدينة بعد اختطاف أحد مسؤوليه لعدة أيام وأخذ الأختام منه ، علاوة على إغلاقهم المحلات التي تبيع السجائر ومنع التدخين في المدينة.
وحول ما يقال عن وجود أعوان للنظام السابق في التنظيم أكد شهود العيان أن هذه الأقاويل ليست دقيقة،فهناك عسكريون من سكان سرت ممن كانوا ضمن كتائب النظام السابق انضموا للتنظيم أفرادا وليسوا قيادات فيه،وهم حاليا مجرد مقاتلين في التنظيم ولا يوجد لهم دور قيادي.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً