لقد سبق وأن وجهت هذه الرسالة إلى اجتماع البلديات باعتبارها الأجسام الوحيدة المنتخبة شعبيا بعد انتهاء ولاية المجلسين، المؤتمر والبرلمان، ومع ثقتي بأن مضمونها ما كان ليتحقق بسبب تعنت الأجسام الموجودة وعدم محاولتها البحث عن بدائل تُنهي أزمة الشرعية، إلا أنني أردت أن أنبه إلى وجود بدائل موضوعية وآمنة تستطيع أن تُحقق اختراق جيد في المسائل الشائكة المرتبطة بالشرعية، وقد وافقني العديد من الأصدقاء وبعض رؤساء البلديات الذين تواصلت معهم بالخصوص على مضمون هذه الرسالة، إلا أنهم جميعا اشتركو في صعوبة تحقيقها بسبب الصراع الدائر والمطامع السلطوية.
الأمر الآن يكاد يكون مختلف، أو على أقل تقدير وصلنا إلى محطة مهمة في حل إشكالية الصراع الدائر، سياسيا وليس عسكريا بعد، لدى وددت أن أشارك بمضمون هذه الرسالة علها تتوافق مع رؤية بناء خطوات إيجابية تصل بالبلاد إلى الغاية المنشودة من إعادة تكوين المجلس الرئاسي والحكومة.
بعد أن تم التصويت على المجلس الرئاسي والحكومة، ارتفعت أصوات تُنادي بتوحيد البرلمان، واعتقد توحيد البرلمان لن يكون من مهام السلطة التنفيدية، بل على نواب الشعب أن يسعو في هذا المسعى ويتوجوا اجتماعاتهم بتونس وغدامس بالوصول إلى توحيد البرلمان وعدم عرقلة رئيس الوزراء في اختيار وزرائه، بل عليهم أن يعملوا على قبول حكومته أولا، ويتجنبو الجدل الذي تم عند تقديم حكومة السراج ودستورية تضمين الاتفاق السياسي في الدستور المؤقت، وإلا فإن العشرة أشهر التي تفصلنا على الانتخابات المأمولة لن تكفي لحل جدلية تضمين الاتفاق في الدستور.
نجاح الحكومة يكمن في تحديد أولوياتها وتقليص مهامها بأكبر قدر ممكن، ومحاولة دراسة الخطوات التي تحقق لها الوصول بالدولة إلى الانتخابات في وقتها، ولعل أهم هذه الأولويات هو توحيد الجيش لإنهاء إمكانية أي توتر مستقبلي، وإيجاد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، ودعم المفوضية العامة للانتخابات.
لذلك اقترح على المجلس الرئاسي والحكومة، دون الدخول في التفاصيل، النقاط التالية:
1- يقوم المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة بتشكيل حكومة مصغرة من خمسة وزراء يتولون الحقائب التالية:
- وزارة الخارجية
- وزارة الدفاع
- وزارة الأمن
- وزارة الاقتصاد والمال
- وزارة العدل
2- في هذه المرحلة لا تحتاج الدولة إلى وضع إستراتيجيات للتعليم والصحة والمرافق، بقدر ما تحتاج إلى إدارة هذه المرافق بالشكل الذي هي عليه وعدم التوسع في الإنفاق، لذلك يتولى الإشراف على التعليم والصحة والمرافق إدارات تتبع لرئيس الحكومة، وتتحول باقي الوزارات إلى إدارات مرافق.
3- من الملفات الشائكة والمهمة التي ستواجه الحكومة هو ملف توحيد الجيش، لذلك أرى حل هذه الإشكالية يمكن ان يتم عن طريق:
- تقسيم البلاد إلى مناطق عسكرية، أو اعتماد النظام الحالي للمناطق العسكرية
- يشكل مجلس عسكري بعضوية قادة المناطق العسكرية ورئاسة لجنة مكونة من قادة الأسلحة العاملة، او ربما يتم تشكيل مجلس عسكري من الفريق الممثل لحكومة الوفاق والقيادة العامة 5+5
- تحال تبعية المجلس العسكري إداريا إلى وزارة الدفاع في حكومة الوحدة
- تتولى وزارة الدفاع وضع المخططات وإستراتيجيات العمل العسكري وتحديد الأهداف القتالية والمعارك الحربية التي يتوجب خوضها
- يتولى المجلس العسكري تنفيد الاستراتيجيات والأهداف التي تحددها وزارة الدفاع باستقلالية تامة، في التنفيد وليس في التحديد، عن وزارة الدفاع
4- تقوم وزارة الخارجية بتقليص عدد السفارات بالخارج
5- تقوم وزارة الخارجية بتقليص عدد العاملين بالسفارات المتبقية لتقليص الإنفاق
6- تعمل وزارة الاقتصاد والمال على حل الأزمة المالية التي يتعرض لها المواطن والمتمثلة في:
- السيولة والكهرباء
- تدني سعر العملة المحلية
- رسم خطة لرفع الدعم عن بعض السلع حتى يتم القضاء على التهريب
- توفير الحاجات الضرورية للمواطن
- مراقبة السلع الواردة في المنافد.
7- ستحتاج الحكومة إلى التواصل مع دول العالم وخاصة المؤثرة، إلا أن الانفاق على زيارة الوفود والشخصيات الاعتبارية، والترف الذي تمارسه هذه الوفود في السفر على متن طائرات خاصة، أو على الدرجة الأولى، والإقامة في الفنادق الفارهة، ومصاريف الجيب العالية، كلها أمورا تضر بميزانية الدولة، كما تثير حفيضة المواطن المحروم… لهذا على رئيس المجلس الرئاسي والحكومة أن تعتمد نظام تقشفي لحركة عناصرها، لذلك عليهما أن يتخدوا الإجراءات التالية:
- يمنع السفر في الطائرات الخاصة وعلى رحلات الدرجة الأولى
- يمنع الموفد من الإقامة في الفنادق الفارهة
- تلغى الحوافز المادية التي تمنح للمبعوثين في مهام رسمية
8- الوظيفة العامة في الوقت الحاضر ينبغي أن تكون أقرب إلى التطوع من التكليف، وهي شرف لمن يحملها أن نجح في أدائها أو تفانى في إنجاحها، لذلك يجب تقليص (أو إلغاء) المرتبات والحوافز المادية لمن يتقلدها.
أدعو للمجلس وللحكومة كما يدعو معظم الليبين لها بالنجاح، وأملنا أن يكون إنشائها بداية بناء الدولة الحديثة التي ننشدها.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً