الثورة والغضب والانفجار واجب مستحق وهو تحصيل حاصل عندما يعجز الحاكم عن إدراك واقع المجتمع ويفقد التواصل مع القواعد المجتمعية وعندما يصيبه الصمم فلا يسمع أنين المرضى أو الجوعى عندما يعتبر الظلم وأدوات التعذيب وسائله للاستمرار في الحكم تلك دوافع الثورة.
الثورة لم يكن مخطط لها داخليا ولذلك كان هدفها التخلص من وضع قائم وإسقاط دكتاتور انتهت صلاحيته ولذلك لم يكن للثورة خطة واضحة المعالم ومصحوبة بإرادة قوية للتغيير وكانت الرغبة جامحة في التخلص من القيود حتى القانونية منها ولذلك تحولت بعض محطات الثورة إلى نقمة وكارثة ورجوع إلى ما هو أسوء من الأوضاع التي تم الخروج عليها.
وبالرغم من العثرات إلا أن الثورة يوما ما ستؤدي إلى الإصلاح إلا أن ضياع البوصلة سوف يُطيل الطريق ويلج بنا إلى طرق ملتوية تضيع الكثير من الوقت وإن كانت هي أيضا تجارب تراكمية ولكنها لم تكن ضرورية وكان يمكن تجاوزها.
إن ما يدور اليوم هو أننا حقيقة في طريق الثورة وأننا فقدنا البوصلة فقد سرقت منا فالكثير من أهلنا لازال يحن إلى القائد الأوحد لأنه جبل على ذلك ولا يدرك إلا ذلك والآخرين تنقصهم المعرفة ولم يطلعوا على تجارب أقراننا من الدول وكيف عانت وعالجت وآخرين متسرعين يريدون أن تحدث الثورة المعجزة بكن فيكون ودول ليس من مصلحتها مطلقا إقامة دولة ديمقراطية يحترم فيها الإنسان وتربكنا بعناوين مقاومة الإرهاب ذلك القميص المتسع لكل المعارضين بل وتسجل أحلامها عبر أفلام السراب وهي التي في سبعة آلاف عام لم تنتصر يوما ودول أخرى تخشى استقرار الأوضاع وبناء النموذج الأخلاقي والقيمي والاقتصادي ودول أخرى لديها أرصدة بالمليارات تخشى أن استقرار ليبيا سيسحب منها تلك الأرصدة.
معوقات التغيير كثيرة لا يمكن حصرها في وطننا لذلك صنعوا لنا الخلاف ودعموا أصوات المرجفين والقبليين ودعاة التطرف الجهلة.
نحن في طريق الثورة ندفع اليوم فواتير متعددة وننتصر لقيم ومبادئ تم إخفائها بالصراخ والكذب والدجل خمسين عاما ولذلك يرتفع صوت يطعن بالثورة ويزرع الندم في قلوب خرجت في جميع مدن ليبيا مستعدة للموت ولصناعة واقع جديد وبناء صرح يكون نموذجا لإخوتنا في بلاد يعرب جميعا.
من مميزات هذه المرحلة أننا قرأنا من كتاب تجاربنا المؤلمة في عشر سنين الكثير وسقطت الكثير من الجماعات والكثير من أدعياء النضال وتبين أن نضال البعض كان مزيفا فهو لم يحدث التغيير ولم يساهم فيه وعندما حدث التغيير بفعل الجموع جاء ليتصدر المشهد وسمح له أولئك البسطاء الذين صنعوا التغيير ليتقدم لأنهم في حاجة لمن يقودهم ولكن النتيجة كانت أن بسطائنا وأبنائنا كانوا أكثر وطنية من ذلك الزعيم وذلك المناضل.
بعد هذه الصدمات صار اليوم طريقنا واضحا فقد زال الغطاء والستر عن كل الطبقات السياسية وكشفت كل اللصوص وكل القبليين وصار المجتمع محصننا ضدهم صار ينبذهم يتحدث عنهم بتعالي فهم في درك الرذيلة فقد وصموا بالعار في قواميسنا وسجلاتنا وبأسمائهم.
بعد هذا الألم اليوم بدأت البشائر لبناء الدولة فأولها مشروع الدستور والذي يعاديه أصحاب المصالح والطامعين في استمرار حالة اللاوعي لكن حالة وعي أصبحت تنادي بالدستور وتنادي ببناء دولة القانون والمؤسسات وسقط أصحاب الأجندات وسيكون لنا وطن ودستور ومؤسسات وسينتصر ميزان العدل المقدس في بلادنا… أبشروا فالميلاد قادم وراياتنا ستعلوا بأيد شريفة روتها دماء شهدائنا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً