يقول الشيخ على يحي معمر “أننا نحتاج إلى التعريف والتعارف والإعتراف بين المكونات الليبية من جل بناء الأمة”
معظم التقاويم السارية حاليا ثم إعتمادها لأسباب دينية أو حوادث عارضة في تاريخ أمة من الأمم، وأن الكثير من هذه التقاويم قد بداء إستخدامها وضبط شهورها بعد سنوات من التوافق عليها، وبذلك فإن التقاويم لا تعدوا أن تكون توافقات وضعية في معظمها، فمثلا التاريخ اليولياني والجورجواري – الميلادي بداء إستخدامهما بعد عقود من وفات المسيح، ووجود فارق بينهما ناتج عن إضافة ربع اليوم في كل سنة شمسية لأحدهما دون الأخر. بالمثل التاريخ الهجري القمري سن في ولاية عمر بن الخطاب وبداء التأريخ به في السنة السابعة عشر للهجرة، ومع تقدم الزمن أصبح هناك تقاويم كثيرة، فمثلا يوم 13 يناير 2018 جورجواري يقابله 31 ديسمبر يولياني 2017، يقابله 25 ربيع الثاني 1439 هجري، يقابله 1 يناير 2968 أمازيغي، 26 تيفيت 5778 عبري، 23 دي فارسي/كردي وهكذا.
من الملاحظ أن التقوايم السابقة جميعها لها صبغة دينية ووضعت لأسباب دينية مثل هجرة الرسول محمد أو ميلاد النبئ عيسى الذي لا يعرف بالتحديد، وأن العناية بتوقيتاتها والإحتفال بها يتم في المساجد والمعابد والكنائس، في حين أن السنة الأمازيغية مدنية بطبعها ولا علاقة لها بكتاب مقدس أو نبي مرسل، وليس معبد مخصص، بل أن إرتباط توقيتاتها يتعلق بفصول السنة وتقلباته، حيث يمثل يوم 13 يناير جورجواري أطول ليلة في السنة، وعندها يتم بداية الإنقلاب الشتوي، وهذا اليوم تثمة للعشرين يوما الأولي الأكثر برودة والمعروفة بالليالي البيض، وبداية العشرين الثانية المسماة بالليالي السود، وهذا التقسيم له علاقة بمواسم زرع البدور والشتول، وبذلك فإن التقويم الأمازيغي تقويم فلاحي بإمتياز.
إختيار يوم 13 يناير كراس للسنة الأمازيغية له جذور في التاريخ، ويعتقد أن بداية الإحتفال به يعود إلى الفترة الفرعونية، ثم غاب عن الأنظار وبقيت طقوسه في التجموعات الأهلية إلى أن ثم إعادة التقويم به في نهاية الستينات من القرن الماضي كجزء من الحراك الأمازيغي في شمال أفريقيا. يرجع تاريخ بداية التقويم إلى سنة 950 قبل الميلاد حينما وصل شيشنق الأول القائد العسكري الليبي إلى دلتا النيل، وبسبب ضعف الدولة الفرعونية في تلك الفترة ضم إليه أرض مصر وإعتلى عرش الفراعنة وأسس الأسرة الثانية والعشرين، ودام ملكه لقرنين من الزمان اي إلى سنة 715 قبل الميلاد، وتزوجت إحدي بناته الملك سليمان.
الجدير بالذكر أن الليبيون/الأمازيغ أو شمال افريقيا عامة رغم أن لهم تقويم طبيعي موغل في القدم إلا أن تاريخهم لم يكتبوه وثقافتهم لم يدونها، ولغتهم لم يوجد لها علم ولا جيش، وإنما التاريخ دُوَن من الوافد سوى كان مبشرا أو غازيا أو تاجر، وأن الثقافة تناقلتها الأجيال شفاهة.
بعد إنتشار الإسلام في شتى ربوع شمال افريقيا، وتبني الأئمة والمشائخ التقويم الهجري والميلادي، إنتشر التقويم المختلط الذي يجمع بين فصول السنة ومواقيت الأعياد والمناسبات الدينية وهو غير مقنن إلى حد كبير، كما أزيحت العادات الخاصة بالأمازيغ إلى المناسبات الدينية، فمثلا في المغرب لا يزال إستعمال الكسكسي كوجبة غذائية ليلة 13 يناير يوضع بها نوى الثمر بعدد افراد العائلة بطريقة عشوائية، وكل من وجد نوى يقال له أن رزقه ميسر طوال السنة القادمة، وأن الفتيات يقمن بخضب ايديهن وارجلهن بالحناء، وتقوم النساء بإستعمال الكحل والتوقف عن نسج الصوف، هذه العادة نفسها ثم إزاحتها بمدن جبل نفوسة إلى ليلة الخامس عشر من شعبان (رغم أنها ليست برأس سنة ولكنها مبجلة لدواعي إسلامية ونسي أهل نفوسة الإحتفال برأس السنة).
طمس الموروث الثقافي للأمازيغ ولعقود طويلة كان نتيجة التفسير السئ لنصوص الدين بل إستغلال الدين للتحكم في البشر والشجر والحجر، فرغم إثباث تحاليل ( DNA) أن أكثر من 80% من سكان شمال افريقيا من أصول ليبية أمازيغية، إلا أن الأكثرية الساحقة تتنكر لآصلها وتبحث عن مبررات واهية لربطها بالدوحة المحمدية ولو كانت باليهود العرب، وذلك بسبب النزعة الشوفينية التي بداءت ببني أمية ولن تنتهي عند حفتر مرورا بالطواغيث وسدنتهم الذين تعلمنا منهم أن البدلة عربية والقهوة عربية والمحراث عربي وحتى الحصان عربي. هذا لم يحدث في ليبيا فقط بل في الكثير من الدول المتأخرة، ففي سوريا لا أحد يسمع عن اللغة الأرامية التي تكلم بها النبي عيسى وهي متواجدة في قرى قليلة معرضة للإنقراض، في حين أن أستراليا سنويا تحتفل بعيد الشعوب الأصلية، وهم قلة قليلة.
الإحتفال براس السنة الليبية /الأمازيغية هو تطبيع ومصالحة مع التاريخ، هو عودة الوعي، هو دعوة لبناء الدولة على أسس الأمة الليبية، بعيدا عن تلقيم الليبيين في دوحة الشرق الأوسط التي لفضتهم في العديد من المرات، بل أوجدت هذا الركام من التشظي السياسي والمجتمعي.
المغرب والجزائر حزموا أمرهم وأصبحت هذه المناسبة من الأعياد الوطنية، ونامل أن تكون ليبيا كذلك، ليس من اجل التعطيل عن العمل بل من أجل التذكير بتاريخ وشواهد وأصالة هذه الأرض وعراقة شعبها بعيدا عن الهويات والإنتماءات والأيديولوجيات العابرة للقارات.
الإحتفال أصبح أكثر نشاطا وحيوية عند الجاليات الأمازيغية في أوروبا وامريكا، حيث تحيى الحفلات وتتبادل الزيارات، ولقد أقام أمازيغ ليبيا حفلا كبيرا في سنة 2012م بمناسبة راس السنة الأمازيغية والتي شارك فيها الجميع، إلا أن الفوضى العارمة بعد ذلك حالت دون الإهتمام الشعبي والرسمي بهذه المناسبة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال ما هذان اليومان قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر.
أنا أتوافق معك في جانب ولكن أختلف معاك في جوانب أخري. فأنا أمازيغي، ولا أنكر أصلي، ولكني ضد الدعوة إلي القوميات كلها سواء عربي، أمازيغي، أعجمي… هذه دعوة للجاهلية الأولي و دعوة للفرقة بين المسلمين، دعها فإنها منتنة
إن أكرمكم عند الله أتقاكم
وأخيرا، أود أن أعرف مالقصد من “ وتبحث عن مبررات واهية لربطها بالدوحة المحمدية ” فالمسلمون قبلتهم مكة وليس الدوحة، ولماذا أضفت إليها كلمة المحمدية؟؟؟
ولك جزيل الشكر يأخي الفاضل
أخي عبدالل والحديث للجميعن أولا ليس هناك أحد بلا أصل والقرآن تحدث عن إختلاف القبائل والشعوب واللغات وأنه خلقهم ليتعارفوا وأنها من أياته، ولكن المشكلة في تفسير الأئمة للأحاديث منذ الدولة الأموية التي جعلت الإمامة الكبرى في قريش، وأنهت التنوع القرآني مما جعل الجميع يتهافت على أن يكون من الأشراف أي له جذور تصل إلى فاطمة الزهراء، تفسير الأحاديث واضح فيه الكثير من العسف، فمثلا الحديث الذي أوردته لم يحرم الإحتفال بالأعياد الأخري ولكن أفاد بوجود أعياد إسلامية. القوميات كأصول لا ضير فيها ولكن إستعمال القومية للإضطهاد ظاهرة سيئة إختص بها الطواغيت، .