مهما تحدثت عن بعض الأشخاص خلال حياتهم عرفاناً واحتراماً، ومهما عبرت لهم عن مشاعر الشكر والتقدير، يأتي يوم رحيلهم فأقول ليتني فعلت ذلك أكثر وأكثر.
إنه الإنسان الدكتور “طه أحمد طلعت”، صاحب مسيرة العطاء الإنساني والاجتماعي والعلمي، من الرواد الكبار الذين نهتدي بهم، ونتحدث عنهم، فهذا حق من حقوقهم، وواجب من واجباتنا، لايسعنا معه إلا الوفاء لهم في عالم تسوده الأنانية وقيم الترف والاستهلاك، لا أستطيع في هذه العجالة، إلا أن أذكر بعض محطات حياته في سطور، لأنها وبكل بساطة خير من يتحدث عنه:
- من مواليد أم درمان 1934 في السودان.
- زميل كلية الجراحين الملكية للأذن والأنف والحنجرة بأدنبرة 1967م.
- مدرس في كلية الطب جامعة الخرطوم 1970-1977م.
- مؤسس ورئيس الجمعية القومية السودانية لرعاية الصم 1970م، وهي مؤسسة أهلية.
- قام بإنشاء جميع معاهد الأمل لتعليم الصم في ولايات السودان.
- أسس أول معهد لتعليم وتأهيل الأشخاص الصم في الخرطوم 1971 م.
- رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني 1975- 1985 م.
- نقيب أطباء السودان 1980-1982م.
- أول رئيس لجمعية أطباء الأذن والأنف والحنجرة 1996م
- مؤسس جمعية الإسعاف السودانية.
- مؤسس الرابطة النسوية للنساء الصماوات عام 1995 م.
- له عدة كتب ودراسات.
- حائز على عدة جوائز وشهادات تقدير داخل وخارج السودان آخرها جائزة الصحة العربية 2015..
نعم، من صفاته التواضع الكبير شأن معظم أهل السودان، ففي بداية أحد المؤتمرات العربية التي شاركت في تنظيمها والتقيته فيها، ظننت انه لم يتمكن من الحضور، وتبين لي لاحقاً أنه يفضل الجلوس بين الشباب المشاركين من جمعيات الصم القادمين من ولايات السودان المختلفة، فهو يحرص على مشاركتهم في الحوارات وعرض تجاربهم، وكان خلال جلسات المؤتمر، كثيرا ما يتحدث عن مشاريع جمعيات السودان الأهلية، التي تبدأ ولا تنتهي.
لقد تأثرت كثيراً عندما حدثني عن التهاب الكبد الذي أصابه منذ الصغر، وتجربته المريرة معه، الأمر الذي اضطره الى اجراء عملية كبيرة لزرعة الكبد، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة البذل والعطاء بعد ذلك لعشرات السنين دون كلل أو ملل.
لقد رحل عن عالمنا في يوم السبت الموافق الاول من كانون أول/ ديسمبر 2018 ، بعد مسيرة طويلة من الإنجازات، وسيرة تعيش في قلوب من عرفوه وعملوا معه.
لقد فقدت الجمعية القومية السودانية لرعاية الصم مؤسسها ورئيسها، وفقد الإنسان العربي، والاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، ومنظمات الأشخاص الصم، والمنظمات الطبية والإنسانية والحقوقية رائداً من كبار الرواد والآباء المؤسسين.
حقاً، لقد فقدنا طبيباً وصديقاً كبيراً، لقد فقدنا مثالا يقتدى به كإنسان ومواطن، نعتز به ونفتخر، نتحدث عنه، ونعلو به، وندعو له، مثالا نكتب عنه لأجيال المستقبل، فأعماله في كل مكان، محبته في كل القلوب، ريادته في كل العقول.
إن غاب فضلٌ يوما لصاحبه ففضله في العقول لم يغبِ
نعم في يوم رحيله لابد أن أقول: “ليتني فعلت أكثر”.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً