من خلال التفكير والبحث والاستقصاء عن مجريات الأحداث في وطني الغالي ليبيا، خاصة ما نحن فيه من تشرذم وحروب وخلافات بين مجموعات متعددة لكل منها رؤياه وتوجهاته المصحوبة بأطماع واضحة في المال والسلطة، ولا يهم الاستحواذ على إحداها أو كليهما سواء بالطرق المشروعة والمعروفة أو للأسف بطرق ملتوية وغير شرعية.
• ماذا يدور الآن؟!
دون سرد تاريخي للأحداث، لأن الكل يعلم بها ويفهمها جيدًا، دعوني أحاول أن أقدم وصفا تحليليًّا واقعيًّا لما يدور في ليبيا ولنبدأ ببرقة، أو كما يحب البعض أن يطلق عليها “المنطقة الشرقية”.
ولابد لي عندما أرغب في الحديث عن “برقة” موطني وموطن أجداد أجدادي، أن أوضح أنني ناصرت كثيرًا البعد الاجتماعي للقبيلة في جميع ربوع ليبيا، وليس في الشرق فقط، وشددت مرارا وتكرارا في لقاءات عديدة ومحاضرات وندوات عامة، وكتب مؤلفة، على أن القبيلة بدورها الاجتماعي تستطيع أن تسهم في حل الكثير من الخلافات، بل أكدتُ أن الدور الذي يقوم به الوسطاء الدوليون يمكن أن تقوم به القبائل الليبية، وسيكون أنجع وأفضل، وكان الكثير من الأصدقاء والكتاب ينتقدون قولي هذا، ويشيرون لي بأن القبلية هي تعصب وجهوية، ولابد أن نبعدها عن السياسة؛ ولكني مع ذلك كنت أحاول دائمًا أن أوضح أن الدور والتأثير الاجتماعي للقبيلة أقوى في حل الأزمات، ويجب أن نثق فيه إلى أن وجدت الواقع المرير الذي تعيشه ليبيا الآن عامة، ويظهر فيه العامل القبلي منحرفًا عما تمنيت له، خاصة في برقة.
واسمحوا لي بأن أكون واضحًا، محاولاً تشخيص الداء، لنجد له الدواء المناسب، ففي هذه المنطقة التي حباها الله طبيعة هائلة وتماسكا اجتماعيا بديعا يوجد موقع السلطة التشريعية المعترف بها دوليًا في طبرق ممثلة في ((مجلس النواب))، كمقر مؤقت نظرًا للظروف الأمنية في بنغازي مقره القانوني، وكذلك يوجد بها في مدينة البيضاء مقر الحكومة التابعة لهذا المجلس، وهو أيضا مقر مؤقت نظرًا لسيطرة “المؤتمر الوطني” السابق ومجموعاته المسلحة على العاصمة طرابلس وجزء كبير من منطقة الغرب الليبي.
وللأسف الشديد هذه الحكومة وهذا المجلس النيابي يسيران بعقلية قبلية في معظم عملهم، اللهم إلا فيما ندر، وهنا الكارثة خاصة في التعيينات والتكليفات والاختيارات، والتي أصبحت تسيطر على جلهما قبيلتين كبيرتين لهما وزنهما في برقة وفي ليبيا، وبهذا يظل الأمر غير المنطقي وغير الصحيح الذي كنا نشكو منه قبل عام 1969 وبعده من هيمنة قبائل بعينها في التعيينات بالمحسوبية والوساطة دون النظر للأمانة والتخصص والمعرفة.
إلي جانب هاتين القبيلتين الكبيرتين في الشرق الليبي تُمنح بعض الأنصبة لقبائل بنغازي خاصة المحيطة بالمدينة كذر للرماد في العيون، أما قبائل المدينة فهي مهملة في هذا الشأن بدعوى أن أصولها من الغرب الليبي، “وهنا أقف قليلاً لأقول: إن الشباب غير الواعي أو غير المدرك لحقائق التاريخ لا يعلم أنه حتى القبائل الكبرى في ليبيا لها أصول من الغرب الليبي أو من الشرق العربي أو من شبه الجزيرة العربية، كما يوجد أيضا العديد من قبائل الغرب الليبي لها أصول من الشرق، وهذا أيضا ينطبق على الجنوب بكل تركيباته القبلية المختلفة.
إن الموقف الآن بدأت رائحته تفوح، وخصومات القبليين على المواقع الداخلية والخارجية أصبحت لا تطاق، خاصة في بعدها عن عامل المعرفة والتخصص والأمانة، والروايات كثيرة ومتعددة ونسمع منها كل يوم الجديد، وهذا ما أدى إلى زيادة هجرة العقول الليبية إلى الخارج حيث يتوفر لها من الاهتمام والتقدير أكثر مما هو متوفر لها في بلادها؛ لأن تقيمهم محصور على التخصص والخبرة ولا يهمهم انتماؤه الجنسي أو العرقي أو الديني.
إن ما زاد الطين بلة، أن هذا الامر انتقل للأسف إلى البزنس، وتحول الفساد المالي والإداري إلى فساد قبلي بامتياز، فالمسئول الذي من هذه القبيلة يشغل ويمنح العمل للمقاول أو رجل الأعمال الذي من قبيلته، وهكذا يتقاسمون الوظائف قبليًا ويوزعون الثروة بالسرقة قبليا.
قد ينزعج البعض من هذا الكلام، ولكنه الحقيقة المُرة والواقع الذي يؤسفني أنا شخصيا، مثلي مثل العديد من الشخصيات التي لها انتماء اجتماعي لهذه القبائل؛ ولكنهم يمقتون هذه التصرفات التي تدل عن جهل وعدم تحضر وابتعاد عن أصول التعامل والعمل في الإسلام وكل المواثيق الإنسانية.
أما الجزء الغربي من البلاد فرغم وجود نفس الأحوال القبلية المؤثرة في القرار والمسيطرة على المال وشغل الوظائف الكبرى بحكم امتلاكها السلاح، إلا أنها تلبس ثوب التنظيم السياسي المنتمي والمرتبط بتنظيمات دولية وتسانده دول من خارج ليبيا؛ لأنهم يعلمون بوجود قبائل ومجموعات قبلية مناهضة لهم في الغرب الليبي، وبالتالي يقدمون أنفسهم كتنظيمات سياسية، وإن كانت في واقعها تخدم مجموعة محددة من البشر يتحكمون في مصير المنطقة ويرغبون في التحكم بليبيا كاملة، ويطرحون أنهم من صنع ثورة فبراير، وأنهم حماة لها، ويجب الإخلاص لدماء الشهداء والعمل على تحقيق أهداف الثورة والالتزام بها، ومحاربة بل وقتل وتدمير كل من يعاديها.
إن هؤلاء ساهموا بشكل واضح في حدوث خلل بالنسيج الاجتماعي الليبي، بالإضافة إلى تورطهم القبلي والشخصي والتنظيمي في إفساد الذمم والاعتداء على الليبيين والليبيات والتستر على تنظيمات متطرفة.
أما المواطن الليبي البسيط خاصة في طرابلس المدينة الحضرية، عاصمتنا الغالية، فهم يعيشون متفرجين على ما يجري، ناقمون عليه، يشاركهم في ذلك العديد من المواطنين في كثير من مدن الغرب الليبي.
إذن، فالشرق والغرب الليبيان يعيشان نكبة حقيقية وفوضي عارمة وسرقة ممنهجة لأموال ليبيا تحت مسميات وشعارات كثيرة، سواء كانت حكم القبائل أو حكم التنظيمات بمختلف مسمياتها، ما ساهم في زيادة الفساد المالي والإداري والأخلاقي وتخلف البلاد اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
نأتي إلى الجنوب الحبيب “فزان” الذي يعيش- واقعيًا- حروبا أهلية بين مجموعات قبلية متناثرة، ويطلب أحيانًا حماية من أبناء قبيلته الأفارقة في الدول المجاورة، ولكن الحقيقة أن ما يدور في برقة وطرابلس يتأثر به الجنوب، فهناك من يناصر بعض التنظيمات السياسية التي انحرفت بليبيا من أجل تحقيق تطلعات وطموحات زعمائها، ويعتبر نفسه امتدادًا لها، وهذا يتم دعمه من هذه التنظيمات، والآخر يتجه بالسلوك نفسه نحو برقة، سعيًا إلى حكم القبيلة واعتبارها مصدر وقوته.
إن هذه الصورة القاتمة للواقع المعيش في بلدنا الحبيبة “ليبيا”- بغض النظر عمن يتفق معي أو يختلف- زادت من الفتنة بين هذه الأطراف، وتحولت إلى معارك حربية طاحنة كان ضحيتها المواطنون والأسر والأطفال والشيوخ والعجائز من الليبيين والليبيات وتهدمت مقدرات الشعب في العديد من المدن، وخاصة بنغازي التي أقولها بوضوح: تآمر عليها من قبل كل المنحرفين لتدفع ثمن انتفاضتها الأولى في فبراير، ولتتحطم اقتصاديًا وتتفكك اجتماعيًّا، ونسوا- أو تناسوا- أن هناك قدرة في هذه المدينة عبر التاريخ لا يمكن لها أن تموت، فهي تمر بأوجاع وأمراض متعددة وأحيانا مستعصية، ولكنها تشفى منها وتقف شامخة مرة أخرى.
• نداء؛
إلى كل من يعتقد أن خراب بنغازي سينمي منطقته.. إلي كل من يعتقد أن الانتقام من بنغازي سيعده إلى سدة الحكم.. إلى كل من يعتقد أن هدم بنغازي لن يمكنها من أن تكون محورا اقتصاديا مهما في ليبيا والبحر الأبيض المتوسط.. أقول لكل هؤلاء: حساباتكم خطأ.. اقرأوا التاريخ، فستعرفون أن نظرتكم وانتقاداتكم خاطئة لا محالة.
بعد هذا التحليل الوصفي للحالة الإدارية والاجتماعية والسياسية الليبية أقول: إن الحل لا يمكن أن يكون إلا من خلال النقاط التالية:
أولاً: إبعاد كل هذه الإفرازات السيئة من الساحة السياسية الليبية، والاتجاه بسرعة نحو انتخابات لمجلس نواب جديد يقف وراءه الشباب الليبي من كل ليبيا وقفة جادة، مبتعدًا عن كل التنظيمات السياسية التي ظهرت بعد فبراير، ليفرز شبابا وطنيًا له انتماء للوطن دون غيره، يحترم القبيلة كرابطة اجتماعية تسهم في التكافل والتكاتف، ولا يقبل أن تكون القبلية الجهوية المقيتة معيارًا في اختياراته.
ثانيًا: العمل الجاد الشبابي في إعادة تطوير الحياة السياسية في ليبيا والضغط الشعبي في اتجاه إبعاد كل من أثبتت التجارب أنه سارق أو مريد للسلطة أو مفسد للأخلاق السياسية والاجتماعية، وهذا لن يتأتى إلا بإرادة صلبة وتماسك لشباب ليبيا الذين ظهروا ضد التمديد للمؤتمر الوطني، وكذلك ضد المليشيات العسكرية وضد التطرف.
ثالثًا: علينا جميعًا أن ندعم تطوير الجيش ونواته الحالية، وعلى العسكريين فيه أن يعملوا من أجل توحيد صفوفهم وضم وتنظيم الشباب غير المتطرف أو غير المتورط في القتل الفردي والتعذيب، وإبعادهم عن السياسة قولاً وفعلاً، وأن يصبح انتماؤهم واضحًا لله والوطن، ويكونون هم صمام الأمان مع الأجهزة الأمنية لحفظ الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب.
وفي هذا الشأن عليهم أن يضربوا بقوة لتعود للدولة هيبتها ودعوة العسكريين الضباط من كل ليبيا بالابتعاد عن المؤثرات السياسية والسياسيين، وتوحيد صفوفهم من أجل الوطن وحمايته وحماية ناسه الذين هم أسرهم وأهلهم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
تبا للنفط ، أين هي ليبيا ، وقد الغيت بالغاء دستور المؤسيسين
الحقيقه إن برقة هي” ليبيا سوبريور و انفريورـ التابعين لمجموعة
Oriens (17] provinces) :[1] Libya Superior; [2] Libya Inferior; .. [4] Aegyptus Iovia; [5]
ِAegyptus Herculia; [6] Arabia Nova);.. [15] Cyprus.. 17] Osrhoene ، ”
أما طرابلس فجزء من أقريقيه (تونس Africa (7 provinces)) وبهذا يؤرخ ابن خلدون بكتابه التذكار المحقق من المرحوم الطاهر الزاوي (ص، 307) وبحدودها،إن مستقبل ليبيا الحاليه بسبب التأريخ ولعدم استجابة الطرابلسيين وتنكرهم لبرقة العربية منذ الفتح ولرفضهم دستور المؤسيسين “1951” والغائه من قبل الإنتقالي ، ليصير الأمرللحسم ، ودون نزاع وجدل حول النفط والقبائل والأحزاب والقتال. فلا توافق، ولا حاجة لجحيم النخب والساسه والكتبه،و ليعاد الأمر لنصابة قبل الدستور المعلن في 7 اكتوبر 1951، وليرتاح السيد الزاوي المستنكر للإسم ليبيا ونعته بالدخيل” ليكون كما يقول الزاوي”ص، 509 من كتاب جهاد الأبطال” ولكن فقط بشأن طرابلس، لأنه أصلا صحيح و يغطي برقة الرومانية والإغريقية وأيالة برقة (1869) وإمارتها الأولى والثانية 1917،1949، ليبيا الجامعه لأقاليمها وجزء من افريقيه هي فقط المملكة الليبية المتحدة لسنة 1951م.