على مدار سنة ونصف تقريبا يُعاني قطاع النفط من ضعف التمويل رغم التصدير المستمر لأكثر من 1.2 مليون برميل يوميا وارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 80 دولار للبرميل. ونتيجة لتوقف تسييل الميزانيات للمؤسسة والشركات التابعة لها توقفت الكثير من برامج الصيانة والتوريد لمواد التشغيل ناهيك عن استبدال المتهالك وزيادة السعة التخزينية أو تطوير الحقول الجديدة أو الشروع في الحفر والتنقيب والإنتاج لأكثر من 27 امتياز متوقف عن العمل.
من مصائب الحكومة الحالية والذي زاد من تفاقم الوضع وجود محاصصة للمناصب جعل المناكفات بين وزير النفط ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مسلسل يومي لا ينقطع، تخللها محاولات كثيرة للأول لإقصاء الثاني من منصبه وإثارة البلبلة في القطاع محليا ودوليا في وقت تواجه فيه الدول الأوروبية نقصا حادا في النفط والغاز جرا الحرب الروسية على أكرانيا ومحاولات الغرب لإيجاد بدائل قريبة للمحروقات ومنها ليبيا والجزائر، مما جعلها تحث الدولة الليبية على تنشيط قطاعها النفطي وتخصيص استثمارات عالية للدفع بسقف الإنتاج، لدولة تملك تاسع احتياطي عالمي وأكبر احتياطي مؤكد للنفط في أفريقيا.
في الرابع عشر من أبريل استعرضت حكومة الوحدة الوطنية أعمال اللجنة الوطنية لتطوير قطاع النفط والغاز في غياب كل من وزير النفط ورئيس المؤسسة وبحضور مندوبين عن المالية والمصرف المركزي، ويتلخص البرنامج وضع خطة طموحة خلال الأشهر القادمة لزيادة الإنتاج بما يقارب 200 ألف برميل يوميا مع نهاية العام الحالي أي بتصدير يومي يقارب واحد ونصف مليون برميل، وهو ما لم تصل إليه ليبيا منذ سنوات. من الملاحظ أن ليبيا قد ثم إستثنائها من تحديد سقف الإنتاج لدول الاوبيك خلال العشر سنوات الماضية بسبب توقف الإنتاج لأشهر بل لسنوات خلال الفترة الماضية.
للقيام بذلك يقوم المصرف المركزي بتمويل احتياجات المؤسسة أولا بتسديد ديونها المتراكمة والتي تجاوزت 6.2 مليار دينار، معظمها على شركات الصيانة والخدمات وشراء مواد ومعدات التشغيل المتراكمة. كما ثم تخصيص مبلغ 16.9 مليار دينار لتطوير الحقول واستكمال الصيانة وتحديث خطوط الانابيب وزيادة السعة التخزينية، وتطوير الحقول الجديدة.
مدى واقعية زياد إنتاج النفط بضخ الاستثمارات يعتمد على بعض الاعتبارات التنظيمية المهمة منها إعادة هيكلة قطاع النفط لتمكين الخبرات الإدارية والفنية الجيدة مع الالتزام بالكادر الوظيفي وتطبيق معدلات الأداء لعدد يناهز ستين ألف مستخدم جلهم من الإداريين والعمالة الزائدة في المنشأة النفطية على الساحل، إضافة إلى الكفاءة والشفافية في تنفيذ المشاريع وترسية العقود.
أما من الناحية الفنية فأن زيادة إنتاج النفط ممكنا حتى 2 مليون برميل يوميا خلال السنتين القادمتين، وذلك بدعم مشاريع الشركات التي لها حقول واعدة وقدرة على الإنتاج بنفقات متواضعة مثل حقل الفيل التابع لمليته وحقل الشرارة التابع لاكاكوس وحقل NC100 وحقل 4NC وحقل السرير ومسلة والنافورة التابعين للخليج وحقل الغاني التابع للهروج بعد صيانته والنخلة. وعلى المدى الطويل هناك إمتيازات كثيرة مثل NC 2,4,5,6 وإمتيازات أخرى لشركة تاتنفط الروسية والاندلسية وسنطراك الجزائرية وغيرها.
ما يواجه هذا المشروع هو قرارات برلمان طبرق وخلطه للأوراق بتعيين حكومة منفى جديدة تصدر بيانات وأوامر يوميا بعدم التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية وتقييد عملها بعدم صرف أي مبالغ خارج بند المرتبات، وهو ما سنرى هل سيدعن البنك المركزي لهكذا ترهات أم يمضي قدما في تحديث قطاع النفط.
خلاصة القول أن الوصول إلى 2 مليون برميل في اليوم لا تحده إلا مجموعة استثمارات مهمة لتحديث وصيانة الابار وخطوط الأنابيب مع زيادة الطاقة التخزينية لمستودعات السدرة ورأس لانوف والزويتينة وزيادة السعة التخزينية لمستودع الزاوية، وإعادة صيانة الخزانات المدمرة في مسلة والسدرة إضافة إلى تشغيل الحقول الجديدة والتي تحت الصيانة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً