فى فترة من التاريخ المُظلم الحالك السواد قبل قرن أو يزيد عاش شعب مصر المحروسه تحت سطوة ما يُسمى البلطجية الذين أخذتهم العزة بالإثم ، فكان كل من حباه الله تعالى بضخامة البنية وقوة العضلات والعجرفة أن يجمع البعض من أمثاله بإغرائهم بالمال والسلطان وأن يكوّن منهم مجموعة ظالمة ومستفزة لإبتزاز الناس وإذلالهم وإجبارهم على دفع الأتاوات إذا أرادوا حمايتهم وحماية ممتلكاتهم من النهب والسلب من التجار والمسئولين والوجهاء وقد كان الناس يعلمون علم اليقين أن من ينهب أرزاقهم ويعتدى عليهم أو من يدبّر لهم المكائد هم أنفسهم (الفتوّات) وقد قام الفتوّات بتوزيع وتخريط مناطق وشوارع وأزقة وأحياء القاهرة والإسكندرية وغيرها من المدن إلى ممتلكات خاصة لهم فكل (فتوّة) يُهيمن على منطقة تأتمر بأمره وتخضع لأوامره حتى أنهم وصلوا من التسلط والقهر أن يطلب الفتوّة من أى إمراة تعجبه أن يطلّقها زوجها علناً ثم يتزوج بها ذلك الفتوة الظالم الذى يحمل فى يده ما يسمى (النبوت) حتى أن المواطنيين سمّوها فى تلك الفترة (حكومة النبابيت) فكل مسؤول يريد أن يكون له كلمة قوية فما عليه إلا تأجير (فتّوة) ليحميه ويحمى أسرته وأقاربه وممتلكاته.
فحكومة النبابيت وجدت المناخ المناسب فى تلك الفترة فى ظل ضعف الحكومة الشرعية وضعف شخصياتها المهزوزة المُرتعشة ولذلك كان الفتوات هم الأقوى سياسياً وإقتصادياً وسلطوياً، وقد إستمرت حكومة النبابيت لزمن طويل تحت انظار الحكام الأتراك الذين كانوا يحكمون مصر فى تلك الفترة حتى إنتفض الناس جميعاً ورفضوا الإستمرار تحت هيمنة (النبابيت) وما أن إنتصر القانون فى ظل الشرائع الإلهية فى مصر حتى تكسّرت تلك النبابيت وإنتهت إلى غير رجعة وخرج عليهم المواطنون بقوة وعزيمة وتحولوا أولئك الظالمون إلى نعاج وأثبتوا أن قوتهم التى إستمدوها كانت من ضعف الحكومة الشرعية وضعف الناس الذين تركوا لهم الحبل على الغارب وكانت حجتهم أنهم يحمون المواطنيين فى مناطقهم من إغارة المواطنيين من المناطق الأخرى ولا شك أنها كلمة باطل أريد بها كذلك باطل فلا عادت النبابيت ولا عاد من يحملونها.
بعد فبراير … ليس من حق أحد أن يأتى اليوم وأن يتجمّل ويتبجح على الشعب الليبى بقوله (أنا قمت بالثورة) بالرغم من أننى لا أطلق عليها ثورة بل (إنتفاضة شعب) ، أو انا من خطط لها أو كان لى الفضل فى نجاحها ، فهى إنتفاضة المظلومين والمقهورين واليتامى والمحرومين فى وطنهم الذين خرجوا بحسن نية يُطالبون بحقوقهم المشروعة ، أما العصابات والمليشيات التى خرجت علينا بعد فبراير بحجة أنهم الثوار لا شك أن أفعالهم اليوم بدأت تلوح فى الأفق وتثير الأقاويل والكذب ، فهم لم يكن لهم الفضل فى أى شئ سوى نهب وسرقة بيوت المواطنين ومحلاتهم وأرزاقهم بعد نزوحهم من مدنهم ، فالناتو كان يقصف من السماء وهم يسرقون على الأرض ، حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد فقد إتضح اليوم كل شئ.
اليوم نشاهد بعض المجموعات المسلحة تحاول الهيمنة والإستحواذ على ما حولها من ممتلكات وأرزاق بحجة حماية المواطنين من الطابور الخامس ومن ما يسمى الأزلام والمعادين لفبراير ، فالشرفاء الذين خرجوا من أجل حقوقهم وإمتشقوا السلاح لم تبهرهم سبائك الذهب ولا رزم العملات الصعبة ولا السيارات الفارهة ،ولم تمتد يدهم ظلماً على أحد من إخوتهم الليبيين فى أى مدينة أو قرية بالباطل ، فهل سيتحول الكلاشنكوف إلى نبوت لإبتزاز المواطنيين وإرهابهم ؟؟ ، ليعلم الكل أن الزمن غير الزمن لأن النبابيت ستكون فى كل يد ولن يسمح الوطنيون والغيارى على الوطن لأى فتوّة تُسّول له نفسه أن يُهيمن على أى مواطن فى ليبيا الغالية فقد ولى عهد الهيمنة والتسلط ، وستنهار حكومات النبابيت إذا إستمرت فى ضعفها وعدم قدرتها على نزع النبابيت من أيدى كل من يحاول المساس بكرامة وأمن وأمان الشعب الليبى ولن يبقى مسؤولاً يتخذ من أى مجموعة مسلحة عصى يُلوح بها للبقاء فى منصبه ولن يسمح لأى مسؤول جاء صدفة بتجاوزات فى حقوق الإنسان تكون حجة علينا لا حجة لنا لتشويه الوطن ومستقبله.
أقول … إن البرلمان والحكومة المؤقته على محك خطير لإثبات الوجود فإما الرضوخ لمتطلبات الشعب الليبى والتصرف كحكومة قوية قادرة على حماية الشعب من أى خطر ومن العصابات المنتشرة فى الوطن ، وإما رحم الله حكومة عرفت قدر نفسها لتُعطى الطريق لغيرها وكفى المؤمنين القتال فأنتم من ورائكم شعب لا يشق له غبار فى الجهاد فلماذا التردد والخوف ؟؟!!
تقول غناوة العلم (عليكن إن ضاق الحال إطرن عزيز يا تيكن فرج) وأقصد بالعزيز هنا هو الشعب الذى منحكم هذه الكراسى فلا تخجلوا من طلب النجدة منه يوم تشعرون أن هناك ضغوطاً عليكم من أى أحد يتبجح بقوته وسطوته وسلاحه وسترون أن هذا الشعب قادر على حسم الأمور ونزع النبابيت من أيدى البعض الذين لا يقدّرون أمن وإستقرار الوطن ولا يخافون عليه من أى تدخل أجنبى يلوح فى الأفق قد يقلب الموازين ويغير جغرافية المنطقة بكاملها.
أقول مرة أخرى … البرلمان اليوم تجاوز السنة ولا زال التخبط واضحاً فى قراراته من أجل مصلحة أعضائه المادية وتصريحاته الباهته والحكومة إجتازت كل المعقول ، أقولها لكم وأرفع صوتى عالياً إلى عنان السماء نحن فى حاجة إلى مخاطبة الشعب على مدار الأسبوع لرفع معنوياته فالإعلام الخارجى بدأ يؤثر علينا بطريقة نشتم منها رائحة التآمر فلا يمر يوم واحد حتى نقرأ أو نسمع بمؤامرات تحاك لنا من وراء الحدود وبتجاوزات أو إنحرافات من داخل أروقة مكاتبكم ، فأحذروا أيها الساسة لأن الغلطة (بحسابها) كما يقال وأرواح المواطنيين فى أعناقكم فأتقوا الله فينا وفى أجيالنا القادمة.
ليس عيباً أن نشاهد أحدكم فى خطاب من وقت لآخر يرفع معنويات شعبنا فارفعوا أصواتكم وأجعلوها تزلزل الأرض فأنتم تقودون شعباً جباراً ضرب أعظم البطولات والتضحيات على مدى التاريخ فى تخليص وطنه من الظلم والعسف وأنتم تتربعون على كراسى دولة من أغنى دول العالم ، أفلا يحق لكم أن ترفعوا أصواتكم ؟!! أم أنكم ترفعون المثل الشعبى الذى يقول(ترتع وإسكوت).
أناشدكم ألا تبخسوا تاريخ هذا الشعب بوشوشة من وراء مكبرات الصوت وأنتم تخاطبون شعبكم العظيم الذى ينتظر منكم الكثير لبناء دولته الحرة الآمنة المطمئنة … فلم أسمع صوتاً قوياً فى هذه الدولة حتى يومنا هذا لكى يقتنع به الشعب الليبى ويشعر أنه فى دولة حقيقية وحتى لا يتحسّر أى مواطن أنه خرج فى فبراير هو وأبناؤه من أجل أهداف لم يتحقق منها شيئاً سوى أنه خسر أمنه وأمن أسرته وتأخر حقه فى مرتبه وأنه يسمع كل يوم عن نهب ثروته بالملايين وتهديد العصابات والمليشيات فى الداخل والخارج له ولمستقبله ومستقبل أبنائه ناهيك عن التهديد الدولى الذى يلوّح بعصاته للتدخل فى وطنه .. فهل من مجيب؟؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً