هل يجوز أو أنه من المنطقي اختزال المشهد السياسي والاقتصادي الليبي في مجموعات محدددة ذات طابع انتهازي أو سلطوي أو نفعي أو ذات طابع إيديولوجي معين، والتسليم بأنه لا حل لكل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلا من خلالهم وإلا بهم والإيحاء بأن هؤلاء هم صفوة السياسيين والمفكرين والاقتصاديين في طول وعرض البلاد من غيرهم لا حل ولا تنمية ولا تقدم ولا علم ولا علوم.
هل عقمت ليبيا وتوقف بها الزمن وغابت بها الوطنية والانتماء وأنه ليس بالإمكان أحسن مما هو موجود وما كان، أم إن هذا الأمر هو سياسة ممنهجة لاستمرار الصراع وتدوير الأزمة في البلد من خلال تسويق منطق أنه لا خلاص للوطن إلا من خلال هؤلاء واتفاقهم، وأن في وجودهم المبني على قاعدة الاختلاف رحمة وليس نقمة.
أليس هم من بوجودهم ليبيا اليوم تعيش في ظل محاصصة وهدوء نسبي وصمت البنادق والمدافع إلى حد مقبول.
أليس بوجودهم هناك توزيع عادل للمكاسب والمغانم والسلطة.
ها هي حكومة في الشرق وحكومة في الغرب وجيش في الشرق والغرب ومجلس نواب هناك ومجلس دولة هنا ومصرف مركزي هناك ومصرف مركزي هنا.
أليس سياسة الشقاق والنفاق والارتزاق هي من حافظت على وحدة البلاد حتى الآن.
وما دام هذا هو الحال أليس من المنطق أن يكون السؤال؟ هل عقمت ليبيا عن إنجاب الرجال وخلت من الوطنيين والمثقفين والفلاسفة والعلماء والسياسيين النجباء أبدا ورب السماء، فكما زين التاريخ صفحاته بمواقف الرجال الشرفاء فإن في البلاد علماء ومفكرين وساسة جبهاتهم أنقى من النقاء قادرين على العبور ببلادهم إلى شاطئ الأمان بكل ثقة واقتدار.
أمام مـــــــا تقدم،،، ومع الأخذ في الحسبان السلوك والمزاج العام للشعب في انتهاج مبدأ السلبية اتجاه ما يجرى بغض النظر عن المبررات التي تفسر عدم قدرة الشعب على فرض إرادته إما بالخروج إلى الشوارع وإنقاذ مستقبل أولاده أو بالعصيان المدني الذي يؤدي إلى نزع البساط من تحت كل الأجسام السياسية والعسكرية المسببة للأزمة بشكل عام.
إن الطريق الوحيد والمنطقي للوصول إلى حل نهائي وشامل يُنهي كل الأزمات وخاصة الانسداد السياسي وتوقف عملية التنمية بشكل شبه كامل وتحقيق مصالحة وطنية عادلة ودائمة يتلخص في بناء دولة جمهورية اللامركزية (فدرالية) تعتمد على نظام الحكم المحلي الكامل والحقيقي والشامل وذلك بتقسيم ليبيا إلى محافظات حسب التعداد السكاني وطبيعة المكانة الجغرافية، كل محافظة تتكون من عدد من البلديات والفروع البلدية والمحلات، على أن يتم انتخاب المحافظ وعميد البلدية بشكل مباشر من شعب كل محافظة.
ويكون لكل محافظة نظامها الإداري والمالي والقانوني المستقل بحيث توزع العوائد القومية من الدخل بشكل عادل على جميع المحافظات حسب عدد السكان فيها بما يغطي الأبواب المتعارف عليها (باب التنمية -باب المرتبات-باب المصاريف العامة).
ويتم انتخاب أعضاء مجلس النواب على أساس أن كل محافظة دائرة انتخابية يكون فيها للأحزاب السياسية نسبة 70% من مقاعد مجلس النواب و30% للمستقلين وتعتبر البلاد دائرة انتخابية واحدة لاختيار رئيس الدولة الذي من اختصاصاته كل ما هو سيادي يهم الدولة بشكل عام.
وفي مبادرة تجمع الأحزاب السياسية لهذا الحل كل التفاصيل الأخرى المطلوبة.
هل هذا ممكن؟ ومن يستطيع تنفيذ هذا وسط كل هذا الصراع والانسداد والسرقة والنهب والتشبث المميت بالسلطة.
نعم إن ذلك ممكن وسهل وبسيط ولكن الأمر يحتاج إلى نخبة سياسية وطنية من خارج كل من هم في المشهد السياسي الآن.
ولكن أين هم هؤلاء؟
إنهم موجودون في كل مكان ويتمتعون بكل المؤهلات العلمية والوطنية والأخلاقية لتعدي هذا الأمر وتحقيقه ويحتاج الأمر فقط إلى إنتاج حكومة تكنوقراط مصغرة من هؤلاء لقيادة البلاد والشعب إلى:
أولاً: استفتاء الشعب على شكل وهوية الدولة والتي من المؤكد أن الشعب سوف ينحاز بالكامل إلى هذه الفكرة.
ثانياً: الذهاب إلى وضع دستور وفق هوية وشكل الدولة التي حددها الشعب.
ثالثاً: الذهاب إلى انتخابات نيابية ورئاسية متزامنة.
وأخــــــــــيراً،،،
نعــــــود ونقـــــــــول هل حقاً هناك سياسيين وطنيين قادرون على تحقيق هذا الحلم.
أقول نعم وما أكثرهم.
فقط ابحثوا عنهم واتيحوا لهم الفرصة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً