تصوّر رجلاً عربياً. الأفضل من ذلك، قم بالبحث السريع على محرك غوغل للبحث باللغة الإنجليزية. سوف تجد المقاتل والمحتج الذي يلوح بالعلم والشيخ الديني. سوف تجد الرجل العربي بتمثيل فولكلوري موضوعي، موطراً برسالة ذات معانٍ ضمنية. سوف تجد كليشيهات وصور نمطية تبدو وكأنها توقفت عند القرن التاسع عشر. قد يكون مَثَل “صورة تساوي ألف كلمة” حسب المثل الشائع، وقد تقرر أنه ليس هناك الكثير الذي يمكن قوله ما وراء هذه القصة.
“تصور رجلاً عربياً” هو عنوان سلسلة من الصور الشخصية التقطتها المصورة الصحفية العراقية الكندية تمارا عبد الهادي. هدفها هو عرض صورة جديدة للرجل العربي المعاصر. سوف ننظر إلى صورها بعد لحظة، ولكن لنواجه في البداية تحدي الموضوع نفسه.
يركّز السرد الذي يتمحور حول النوع الاجتماعي في المجتمعات العربية، في كل من العالم الأكاديمي والإعلام على المرأة العربية. ورغم أنها هي التي تتعرض للتفحّص الدقيق المستمر، لم يحصل نظيرها الذكر إلا على قدر ضئيل من الاهتمام، إذ يتم في أفضل الحالات تجاهله.
وهو في معظم الحالات، الظالم الذي لا إسم له، العضو في نظام أبوي تناضل فيه النساء من أجل التحرر. وهو أحياناً واحد من كثيرين في جمهور لا وجه له، تذوب هويته الشخصية في الصورة الجماعية بينما يصبح جزءاً من ظاهرة اجتماعية، ورقماً إحصائياً في الأخبار المسائية. وننسى أحياناً كثيرة أنه يتعرض هو أيضاً للتصوير النمطي في النوع الاجتماعي.
تقول تمارا عبد الهادي “منذ فترة تصل حتى عشرينات القرن الماضي، تم تصوير الرجال العرب على أنهم شيوخ لهم حريم، لأن ذلك هو ما عاد به المستشرقون من تصاوير (طرح عن الشرق أوجده الغرب، تشوبه فرضيات متناثرة وصور نمطية زائفة، ويرتكز على مواقف غربية تجاه الشرق). ومؤخراً، تحول سوء التمثيل إلى “الإرهابي”، وبعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، أصبحت الصورة النمطية أكثر شيوعاً”.
وبالإضافة إلى الصور النمطية الغربية، تستنكر المصوّرة الصحفية “مُثُلاً مفروضة اجتماعياً حول الذكورية العربية داخل المجتمعات العربية”.
تساعد مقاربات جديدة نحو الذكوريات الشرق أوسطية في السنوات الأخيرة على تعديل تشويه التمثيل في النوع الاجتماعي. وفي خضمّ هذا الإصلاح في الطرح في النوع الاجتماعي، الضروري إلى أقصى الدرجات، يشكّل عمل تمارا عبد الهادي لتحديث صورة الرجل العربي اليوم اختباراً أساسياً للواقع.
اختارت المصورة شخصاً من كل بلد وهي تسافر في العالم العربي، دليلها القدر وحدسها المعيار الوحيد في اختيار رجال مختلفين من خلفيات عديدة.
تشكّل سلسلة الصور الشخصية “تصور رجلاً عربياً” التي بدأت عام 2009 جزءاً من مجال واسع من العمل يصور رجالاً عرباً شبه عراة من خلفيات متنوعة. تظهر لنا الصورة من حيث الأساس صوراً فردية شخصية لمجموعة من الرجال، شباب يتمتعون بقدر من الجمال وقدر لا يُنكَر من الشهوانية، يقفون بصراحة أمام كاميرا تمسك بها مصورة أنثى. هذا بحد ذاته تحوّل عكسي للأدوار في الصور النمطية العالمية على ما يبدو للمرأة، التي تخضع لعدسة الرجل، ولكن ليس هذا هو لب الموضوع هنا.
يصبح تصوير الرجل العربي عملية نشطة بشكل منعش. تسمح لنا المقاربة بالأسود والأبيض في أضيق الحدود بأن نتنازل عن الأحرف الكبيرة. هؤلاء هم مجرد رجال لا تقدم صورهم أية مؤشرات على الانتماء الديني أو التطلعات السياسية أو الصورة المهينة أو التوجه الجنسي أو الوضع الاجتماعي.
تشرح تمارا عبد الهادي قائلة “سبب اختياري لتصوير الرجال وهم شبه عراة هو لأن صوري تركّز بشكل رئيس على الوجه. ومن خلال عدم وجود ثياب أو مجوهرات أو حلى، فإن ذلك يساعد على التركز على ذلك”.
يصبح الرجال، بعد تعريتهم من لباسهم الاعتيادي غير محمّلين بكليشيهاتهم الذكورية الزائدة والسائدة. يملك المراقبون حرية التساؤل، “ما هو الرجل العربي على أي حال؟” تشكّل هذه الصور، التي تفكك الصور النمطية، نداءاً للقيام بعمل، وإثارة الأمثلة حول كيف تؤثر الهوية (النوع الاجتماعي والانتماء الثقافي والدين) على كل واحد منا: الرجال العرب والنساء اللاتينيات والمهندسين المصريين أو معّدي الطعام اليابانيين: وَسْم الناس يحرمهم الحق في أن يكونوا أفراداً معقدين وفريدين.
تصور رجلاً عربياً الآن. أنظر إلى تلك الصور وفكر. هل هذا الرجل عالماً أم موسيقياً؟ هل هذا الآخر نباتياً؟ هل حطم أحد قلبه في يوم من الأيام؟ هل هو حالم؟ هل هو بطل؟ هل باستطاعته إلقاء نكته جيدة؟
قد يساعدك عَلم أو قرآن كريم أو بذلة أو كوفية على معرفة المزيد. ولكن في صور تمارا عبد الهادي يمكن لهؤلاء الرجال أن يكونوا أي شيء. إنهم يحلمون ويضحكون أو يتجهمون، ولا تستطيع سوى معرفة أسماؤهم الأولى وجنسياتهم. تحتاج لأن تتجاذب أطراف الحديث معهم حتى تعرف المزيد. وقد تتحدث عن الطيران بالمظلة.
اترك تعليقاً