أصدر تجمع الطيف السياسي المجتمعي العلمي، اليوم الأربعاء، الميثاق الوطني لأسس حل الأزمة الليبية.
ويأتي ذلك بعد أن أعلن عدد من المترشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومن نخب علمية وحكماء وأعيان وجمعيات نسائية وشبابية ومن تيارات فبراير والكرامة وسبتمبر، يوم 21 يناير الماضي، في العاصمة طرابلس عن إطلاق مبادرة حوار الطيف السياسي والمجتمعي.
وبحسب ما أفاد بيان حينها، فإن إطلاق المبادرة يأتي انطلاقا من المسؤولية الوطنية التي فرضتها ظروف المرحلة الناجمة عن الصراع على السلطة واستمرار المراحل الانتقالية، والتدخل الخارجي السلبي، وانهيار مؤسسات الدولة السياسية، العسكرية، الأمنية، الاقتصادية، المالية، والخدمية التي زادت من معاناة المواطن وانحسار آماله في حياة كريمة في الوقت الذي تُقايض فيه بعض النخب السياسية المصالح العليا للوطن بمصالحها الآنية.
وفيما يلي النص الكامل للميثاق تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منه:
إيماناً منا بحتمية التغيير، واستحضاراً للحكمة الوطنية، وتمثُلاً للإرادة الشعبية في الحياة الكريمة، تعرض مجموعة الطيف السياسي المجتمعي العلمي برنامجاً وطنياً يدعُ إلى إنهاء الخلافات والاحتكام إلى السلاح ونبذ العنف والتوافق على مشروع وطني يضع بلادنا على بوابة مرحلة حضارية جديدة يحكم مساراتها عقدٌ اجتماعيٌ جديدٌ، وترسم محاوره عقول ليبية تمثل كافة المكونات السياسية المجتمعية العلمية الليبية، وبما يشكل ملامح السياسة العامة للدولة على أسس ومبادئ الحوار الوطني الشامل وتحديد آلياته.
وبمسؤوليةٍ وطنيةٍ عاليةٍ، فإن تجمع الطيف السياسي المجتمعي العلمي تأمل في أن تلتئم بقية المكونات السياسية والاجتماعية الليبية في مؤتمر للحوار الوطني الشامل؛ مستشعرة الأهمية القصوى للحظة التاريخية والحرجة، بمفصليتها في الرسو بسفينة ليبيا إلى بر الأمان بعيداً عن أُتون الصراع، وخلاصاً من الفشل والانهيار الشامل الذي أنشب مخالبه في جسد الوطن، ولِما تمثله هذه اللحظة التاريخية من أثر عميق فيما بعدها، باعتبار الحاضر هو من يرسم ملامح الغد الليبي المشرق.
ويُؤَسَس هذا العقد الاجتماعي الجديد على قواعد إرساء الحكم المدني الرشيد، فضلاً عن إجراء مراجعة عميقة وشفافة ومسؤولة لكل الاختلالات ومكامن الضعف في هياكل الدولة والممارسات السلبية التي أفضت لمشكلات سياسية اجتماعية اقتصادية، ووضعت ليبيا ضمن قائمة الدول الفاشلة والمهددة بالانهيار.
لقد أفرزت هذه الأزمات انسداداً سياسياً في إدارة الدولة، وهددت مقومات الوحدة الوطنية، وتنامى الشعور باليأس المطبق عن إمكانية الوصول لحلول ناجعة، بروح وطنية حريصة.
وإزاء الأوضاع المتردية التي ألمت بالوطن والمواطنين فإن مجموعة الطيف السياسي المجتمعي العلمي تعرض على حضراتكم رؤيتها في حل الأزمة الليبية والانتقال السلمي للسلطة حثت في مُجملها على مبادئ قيام وحدة ليبيا، وتحقيق استقرارها من خلال مؤتمرٍ للحوار الوطني الشامل يهدف إلى تمكين كل المجموعات والقوى السياسية المجتمعية العلمية للمشاركة في اتخاذ قرارات تاريخية جريئة تتمخض عن رؤية جديدة لمستقبل البلاد، منطلقها دستورا توافقياً.
لتبدأ فوراً إجراءات التحضير لانتخابات عامة بطرق تكفل النزاهة الديمقراطية بمشاركة لكل أطياف المكونات المتنوعة وضمانات لتعزيز مشاركة (المرأة ، والشباب) والإسهام في تحديد أولويات برامج التنمية المستدامة عبر مشروع نهضوي يهدف لتحقيق الوحدة الوطنية و النهضة في مجالات الحياة، وفقاً للمبادئ التالية:
- نبذ وتجريم العنف الذي أدى إلى فرض التوجهات المسلحة وتجذير الجهوية المقيتة مما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، والمناداة بالرجوع لقيم ديننا الحنيف من تسامح وإيثار والاحتكام للقضاء وجبر الضرر وإعطاء كل ذي حق حقه ورأب الصدع بما يضمن مصالحة وطنية سياسية حقيقية.
- فرض احترام وتعزير وحدة ليبيا أرضاً وشعباً، وفقاً للحدود الدولية المتعارف عليها.وضمان الحرية الشخصية والفكرية وتجريم التطرف بكافة صوره وأشكاله.
- ضمان عودة النازحين والمهجرين تحت إطار القانون والإفراج عن جميع سجناء الرأي السياسي والتعويض العادل عن الأضرار المعنوية والجسدية والمادية التي لحقت بالضحايا وأسرهم.
- منع التدخلات والهيمنة الأجنبية وتحقيق الاستقلال والسيادة، وإعادة بناء الدولة بالشق الثقافي – السيكولوجي الذي يهتم بالتجمع حول القواسم المشتركة والهوية الجامعة وتطوير الشعور المشترك للمجتمع السياسي، والشق المؤسساتي : ببناء المؤسسات الفاعلة القادرة على البقاء والاكتفاء الذاتي وزيادة قدرتها على إنجاز مهامها، وبناء شرعية الدولة وضمان قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها كالأمن والعدالة وسيادة القانون و التعليم والصحة وغيرها.
- إعادة بناء المؤسسات الأمنية؛ و اتخاذ كافة الترتيبات لمنع تجارة المخدرات ومحاربة الجريمة ونزع سلاح المجموعات المختلفة وتسريح كل القوات غير الشرعية وإعادة إدماجهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الأمن والاستقرار للجميع.
- بناء الدولة على أسس وطنية بما يعزز مبادئ الحكم الرشيد والشراكة الوطنية والعدل والمساواة وسيادة القانون وحيادية المؤسسة العسكرية والأمنية والفصل بين السلطات وضمان استقلاليتها والحقوق والحريات.
- إدارة الدولة وفقاً لإطار فعَال مما يستدعي إنفاذ القانون والبدء في إعادة بناء سلطة قضائية قوية وعادلة ومستقلة ومنظمة تنظيماً فعالاً يمكنّها من امتلاك الكفاءة اللازمة لتجنب فترات التأخير الطويل في الفصل في القضايا.
- التأكيد على الفصل بين السلطات الثلاثة وضرورة تبعية السلطة العسكرية(الجيش) للسلطة التنفيذية المنتخبة.
- احترام السيادة الوطنية فيما يتعلق بالاتفاقيات و المواثيق والتفاهمات الدولية خاصة فيما يتعلق بتسليم المواطنين الليبيين لأية دولة أجنبية على أن تتم محاكمة من يثبت تورطهم في قضايا جنائية في الخارج أمام القضاء الوطني.
- صياغة وتطبيق مفهوم جديد للأمن الوطني لا يعتمد فقط على الأمن العسكري والسياسي ولكنه يتعداه إلى الأمن الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يضمن حقوق المواطن وأمنه وكرامته ويحافظ على سلامته ويطبق من خلال منظومة أمنية قادرة على استيعاب واستخدام تقنيات العصر وأدواته.
- تبني نظام شامل لإصحاح البيئة يستخدم أحدث التقنيات لإزالة التلوث وإعادة البيئة إلى حالتها الطبيعية. وتفعيل المراكز البحثية لإحداث تنمية اقتصادية صديقة للبيئة.
- إطلاق برنامج زمني للتنمية المكانية لدعم معيشة سكان المناطق المختلفة وخاصة المتضررة من النزاع لتحسين ظروفهم الاقتصادية واعتماد برامج لدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة تتماشى والخطط التنموية.
- العمل وفق مبدأ العدالة الاجتماعية: بإعطاء فرص متكافئة لأفراد المجتمع للحصول على التعليم والتأمين الصحي، وتوفير فرص العمل لمستحقيها، ووضع استراتيجيات للتدريب المناسب على الوظائف والعمل على استئصال الفساد والتطبيق العادل للقانون, وتقليص الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين المواطنين.
- الشراكة الوطنية الفعلية في كل مؤسسات الدولة عبر الالتزام بالديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
- التأكيد على حرية تكوين الأحزاب وعدم امتلاكها لأي تشكيل عسكري أو شبه عسكري وحظر أي تغيير سياسي بالعنف، كما يحظر قيام أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس مناطقي أو قبلي أو طائفي أو ديني أو فئوي أو مهني.
- ينص في الدستور على أن جميع المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات ويحق لهم الترشح للوصول إلى السلطة دون تمييز على أساس العرق أو اللون أو المذهب أو السلالة أو المنطقة.
- تجريم الحزبية والتحريض القبلي والجهوي وثقافة الكراهية في المؤسسة العسكرية والأمنية والقضائية.
- إلغاء كافة الاتفاقيات السرية أو العلنية التي أباحت وتبيح الأراضي والمياه والأجواء الليبية أمام الطائرات والقوات الأجنبية سواء للاستطلاع أو تنفيذ غارات جوية أو عمليات عسكرية داخل الوطن وكل ما يمس السيادة الوطنية بأي شكل من الأشكال.
- إلزام الجهات المعنية بإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المتزامنة في أقرب الآجال.
- اكتساب السبل والوسائل لإطلاق ديناميات التقدم والتجدد.في كل المجالات بشكل يحفظ الخصوصيات القيمية ويعيد استلهام كل ماهو خيّر وعظيم من خبراتنا التاريخية الثقافية والاجتماعية وكل ما هو ناجع وباعث على الانتهاض في المدنية الحديثة، ويكوّن منهم نموذجاً حضارياً متوازناً منفتحاً على الحداثة وما بعد الحداثة، متمسكاً بها ودامجاً إياها في منظومته.
مجموعة الطيف السياسي والمجتمعي والعلمي
صدر في طرابلس بتاريخ اليوم الأربعاء الموافق 01 مارس 2023م.
اترك تعليقاً