حدثنى أحد المناضلين الكبار الذين كان لهم دوراً فى حصول ليبيا على إستقلالها فى بداية الخمسينيات (رحمة الله عليه) وهو أحد أولئك الوطنيين الذين لم يعد يذكروا إلا قليلاً أو مجاملة لأن شعبنا يبدو أنه أصيب بمرض النسيان وما أصعب أن تنسى الشعوب أبطالها الذين ضحوا من اجلها ولعمرى أنه الجحود والنُكران بعينه فى زمن إختلطت فيه الأمور علينا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم … لقد حدثنى ذلك المناضل أنه بعد الإستقلال مباشرة إتجه بعض من المجاهدين الكبار ممن بقى على قيد الحياة والذين خاضوا أشرس المعارك ضد الإستعمار الإيطالى مع شيخ الشهداء عمر المختار وطلبوا لقاء الملك إدريس السنوسى ليقدموا له مذكرة يحتجون فيها على البعض ممن يسمون (أصحاب الطرابيش) وهم من عمل البعض منهم مع الإستعمار الإيطالى وإداراته المتعددة عسكرية ومدنية وقالوا له سيدى الملك إدريس كيف تمنح الفرصة لمثل هؤلاء من تقلّد المناصب فى الدولة الجديدة وهم كما تعرف كانوا يعملون فى إدارات العدو الإيطالى ولم يجاهدوا معنا بل كانوا عيوناً وجواسيساً علينا ! وهاهم اليوم كذلك يتعاملون مع الإنجليز ويقصدون الإنتداب البريطانى الذين إشتهروا بأصحاب القبعات آن ذاك والذين ترأسوا مؤسسات الخدمات العامة وأصبحوا يسيّرون العمل فيها (طرابيش ليبية وقبعات إنجليزية) ، فرد عليهم الملك بكل بساطة بقوله (لو لديكم سعّى وتبحثون عن راعى ولم تجدوا راعياً إلا يهودياً فهل تسخدموه أو تتركون سعيكم يتعرض للهلاك) ؟!! وهنا يقصد الملك أن البلد فى أزمة ويمكن أن تتغاضى عن بعض الأمور لكى تسير المركب وتصل إلى شاطئ الأمان وعندما يكونوا قادرين على تسيير أنفسهم يمكنهم الإستغناء عن كل من لا يريدونه معهم ، حيث إستخدم الملك هذا المثل من الواقع المعاش ومن البيئة المحيطة التى يفهمها أبطال الجهاد .
وهنا أود القول وأرجوا أن لا يظن البعض أنه من رأى الشخصى أو طعناً فى العهد الملكى أو إفادة من هنا أوهناك بدون دليل أووثائق أن الملك إدريس السنوسى كان فى بعض الأحيان يأخذ برأى الأجنبى والمتمثل فى الإدارة البريطانية (السفير البريطانى) الذى كان يتدخل فى الشأن الليبى ولن ننسى ما حدث مع جمعية عمر المختار فى بنغازى ودرنه وإيقافها عن آداء دورها ومهامها الوطنية خوفاً من أهدافها السياسية والإجتماعية والإقتصادية من أجل الوطن وكذلك ما حدث لمناضليها الوطنيين الذين منهم من أدخل السجن بإيعاز من بريطانيا ولن ننسى كذلك حل الأحزاب التى كانت فى بداية إنشائها ، والتى لو كانت متواجدة حتى 1969م لما وصل ذلك الدكتاتور إلى التسلط على الليبيين وربما كانت ليبيا اليوم أفضل من دول كثيرة فى العالم وخصوصاً تلك الدول العربية التى كانت لا تقارن فى الستينيات إقتصادياً وإجتماعياً بوطننا الغالى.
لا أريد أن ابتعد كثيراُ عن الموضوع الذى أردت الكتابة عنه ، وأقول .. الأولى …. يبدو أننا لا زلنا نراوح فى مكاننا منذ أن إستلم المؤتمر الوطنى مهامه حيث إنصبت وتركزت إهتمامات الساسة الجدد على المصالح الشخصية والإستفادة المادية المؤقتة ومن هنا أود القول لكل نائب فى (المؤتمر الوطنى العام ) إذا شعرت يوماً أنك غير قادر على العمل والمشاركة الفعلية فى إنقاذ ليبيا أقول لك (ألله يربحك أعطى الطريق لغيرك بكل هدوء حتى لا يأتى يوماً وتهان فيه أو ربما تُلطم على وجهك أمام الله وأهل الفريق كما يقال) فوجودك رقماً أيها النائب المحترم حتى إشعار آخر على أحد الكراسى حيث تكاد حركتك تقتصر من الكرسى لصندوق الإنتخاب ومن القاعة لمطعم ريكسوس الذى يُقدم أغلى الوجبات الدسمة فى ليبيا ومن المطعم إلى أماكن قضاء الحاجة ثم إلى جناحك بالفندق للراحة حتى أنه قيل عنكم هناك من تضاعف وزنه وقلت حركته فى الوصول إلى صندون الإنتخاب داخل القاعة نتيجة للتخمة.
أيها النواب النائمون الحالمون فى أجنحة ريكسوس الغير مباركة … إن ما حدث فى بنغازى لاشك أنه إنتفاضة تصحيحية لثورة 17 فبراير إن كنتم لا تعلمون ، وربما تكون رفضاً للوضع المتردى لمدينة الثورة الحقيقية التى لا يُزايد عليها أحداً ولا يختلف عليها إثنان وربما يكون رفضاً غير واضحاً إلا لأولى الألباب لفشل المؤتمر الوطنى المُقعد أولئك المُبشرين بالإسقاط قريباً عندما تهب مدن وقرى ونواجع ليبيا مع بعضها هبة رجل واحد لتصحيح المسار ، فكيف يصل بهذه المدينة المُناضلة إلى هذا التسيب والدمار والخراب والإغتيالات والنهب والإعتداءات على المواطنين الآمنين ، أليس من حقها أن تكون فى مقدمة المُدن حتى من باب المكافأة ؟ أليس من حقها أن يُصرف لها الميزانيات الضخمة لكى تتعافى من أمراضها فى البنية التحتية والخدمات المتدنية المتهالكة.
فى يوم الجمعة قالت لكم بنغازى ها أنا إن كنتم عاجزين أيها الساسة الفرحين بكراسيكم العرجاء المنهوبة سرقة وكولسة التى نسمعها كل يوم تناشدنا وتئن وتقول هؤلاء ليسوا أهلاً بالجلوس علىّ ولا يشرفوننى فهم أثقل على صدرى من الجبال وأناشدكم بإبعادهم عنى قريباً ولا تستغربوا أن أقول لكم أن الكراسى تكاد تنطق لتقول نحن نبتهج بمن يُشرفنا بالجلوس علينا ونحتقر الجهلة والأغبياء حتى ولو كانوا من أصحاب الشهادات العليا مجهولة الهوية ! تقول بنغازى لكم ها أنا أدفعكمً لأداء مهامكم التى كلّفكم بها الشعب الليبى العظيم ، وبالرغم من كل ذلك تتآمرون علي بنغازى بحجب المعلومات عن أهلها ومواطنيها لكى يقعوا فى الخطأ بإقتحام كتائب الثوار ويسقط أبنائها برصاص المجهولين (لكى تُخلطوا العرب فى بعضها) !! وتبدأ البيانات على الفضائيات الخاصة بينما قناتكم الحكومية نائمة معكم فى ريكسوس بين أحضانكم ، وبعد أن وقع الفأس فى الرأس ووصل المتظاهرون إلى أبواب الكتائب المسلحة للثوار (السحاتى و17 فبراير وغيرها…) وهنا تداركتم أن هناك خطراً لتبدأوا فى المناشدة لكى توضحوا أن بعض الكتائب تنضوى تحت الجيش الوطنى وتُناقضون أنفسكم فهذا رئيس المجلس وذاك رئيس الحكومة الجديد وهذا وزير الدفاع وذاك وزير الداخلية وبعدهم رئيس الأركان ووكيل وزارة الداخلية ولم يبقى سوى موظف الإستعلامات بفندق ريكسوس لم يلقى علينا بياناً حول ما حدث ببنغازى .. أقول لكم لم أسمع فى حياتى عن حكومة فى دولة ما يُدلى وزرائها ومسؤوليها بيانات فى ليلة واحدة (ما فيه حد يغنى عن حد) وكأنهم أعداءاً لا يثقون فى بعضهم البعض .. أى ساسة أنتم ؟!! وأى حكومة أنتم ؟! وأى مؤتمر عاجز أنتم ؟! وأتذكر غناوة علم تحكى ما تعرضت له مدينتنا الحبيبة بنغازى وأهلها فى زمن الطغاة وتقول (ما نا أعطاش سوايا …. شاربين من القدّم نين روايا .. قولوا للجدد)!!
منذ عام تقريباً قلت فى مقالة لى نشرتها على صفحات ليبيا المستقبل تحت عنوان (التمر ما إيجيبنا مراسيل يا سيد عبدالجليل) ولو ان الشيخ مصطفى عبدالجليل قرأ مقالتى وأيقنها وحلل ما جاء بين ثناياها لما ترك لنا هذه التركة التى يعلم الله تعالى إلى أين نصل بها وتصل بنا .
أم الثانية .. فهى كارثة لم يُعرف مثيلها إلا فى أفلام (هوليود) ما حدث لثوارنا الذين فزعوا إلى براك الشاطئ التى إستغاثت بالثوار لتصدر لهم الأوامر بالتحرك السريع ويقال لهم إنطلقوا والمساعدة اللوجستيه ربما تصل قبلكم هناك … لقد وضعوا الثوار فى محرقة وتركوهم يتعرضون للقنص من أعداء الوطن ويستشهد منهم الكثير وغيرهم عشرات جرحى وهو ينتظرون الدعم من الداخلية والدفاع والأركان فلا حياة لمن تنادى .
هنا الأمر كفيل بإسقاط برلمانات وحكومات ووزراء ! ألا تخجلوا من أنفسكم أيها الساسة وأهلنا فى براك الشاطئ يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل .. وللأسف يخرج علينا السيد المقريف محاطاً بحراسة شخصية فاقت حراسة من لا يحب شعبنا ذكر إسمه لكى يستثمر ما حدث فى بنغازى وبراك الشاطئ وينذر ويتوعد ويهدد بحل المليشيات وتسليم المقرات وأملاك أبناء وأتباع النظام السابق !! إنه تحرك جاء فى الساعة 25 يا سيادة الرئيس بل وبعد فوات الأوان ، ولكننى أقول يبدو أن ليبيا لم يحالفها الحظ فى إختيار ساستها فقد كان الإختيار (تصعيداً وليس إنتخاباً) لا تكذبوا علينا ولا تخدعونا ! فليبيا حتى يومنا هذا لا زالت فى إنتظار ساستها الحقيقيين ثوارها الأشاوس وستظل ليبيا تنتظرهم حتى يأذن الله بأمر كان مفعولا.. وأختم بغناوة علم ربما تكون شافية لحالنا ومطرانا الذى لايسر عدو ولا حبيب ..تقول (غيّابك إللى ما جوك .. يا العين … عليهم إبكى نين تنعمى).
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً