موقع Salon الأمريكي، ذكر في تقرير له، أنه بعد مرور عام من بدء جائحة فيروس كورونا المستجد، تغيرت نظرة العالم لنقاب المرأة المسلمة، حيث أصبحت أقنعة الوجه الواقية تدل على أشياء مختلفة باختلاف طوائف البشر، فضلاً عن أن الأمر أصبح أمراً مستحباً لمواجهة التفشي.
يُذكر أنه في عالم ما قبل كورونا كانت المرأة التي ترتدي النقاب في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا، عرضة لكل أشكال التمييز، بداية من النظرات العدوانية، وصولاً إلى الاعتداء الوحشي في بعض الحالات، لكن مع انتشار جائحة كورونا تغيّر الأمر فجأة، واختفت النظرات العدائية.
وكان منع النقاب في بعض الدول الأوروبية قد أثار نقاشاً عن مآلات فرض ارتداء الكمامات في زمن كورونا، حيث رآه البعض تصرفاً يحفّز على حرية ممارسة الشعائر الدينية فيما زعم آخرون أن به مخاطر أمنية وإخفاقاً في التحدث عن القيم العلمانية.
موقع Salon الأمريكي قال إن ارتداء أقنعة الوجه بعد تفشي فيروس كورونا أدى لانتشار بعض الممارسات العنصرية في الولايات المتحدة، ومنها اعتقال العديد من الأمريكيين ذوو البشرة السمراء، بحجة أنهم يخفون وجوههم للقيام بأنشطة “مشبوهة”، رغم أنهم ارتدوا تلك الأقنعة بسبب الجائحة، لكن ارتداء النقاب بالنسبة للنساء المسلمات في الغرب أصبح أسهل منذ بداية الجائحة، بحسب ما نقلت شبكة “عربي بوست”.
فيما أصبح ارتداء الأقنعة لدى البعض بمثابة صيحة موضة، وصاروا على استعداد لدفع مئات الدولارات نظير أقنعة من إنتاج مصممي الأزياء.
من جهتها، عكفت آنا بييلا، الباحثة الزائرة المتخصصة في الدراسات الدينية والجندرية بجامعة نورث وسترن، منذ العام 2013، على دراسة تجربة فئة النساء المنتقبات في الغرب، إذ كانت تجربة ارتداء الأقنعة أكثر إيجابية بالنسبة لهن.
وتقول الباحثة: “لقد تبيَّن لي أن العديد من النساء بدأن في ارتداء النقاب مؤخراً، لأن تغطية الوجه صارت أسهل مما كانت عليه، بينما يغطّي المزيد من الناس وجوههم في الأماكن العامة. وحسب ما توصلت إليه، أرادت الكثير من النساء ارتداء النقاب للتأكيد على الطابع الديني لتلك الممارسة”.
العديد من النساء يرتدين الأقنعة تحت النقاب، مراعاةً للتوجيهات التي تتطلَّب صنع الأقنعة من “أقمشة مُحكَمة النسيج” لمنع انتشار الفيروس. واستعانت أخريات بنقاب سميك ذي نسيج محكم بدلاً من الأقنعة، بحسب ما ذكر الموقع الأمريكي.
فيما وجّه علماء ونشطاء انتقادات إلى الحكومات التي سنّت تشريعات مناهضة للنقاب، بينما تطالب مواطنيها بارتداء الأقنعة خلال الجائحة.
ففي فرنسا على سبيل المثال، يرغم الأفراد على دفع 165 دولاراً أمريكياً إذا ألقي القبض عليهم دون قناع وجه في الأماكن العامة، بينما تظل الغرامة المفروضة على النساء اللائي يرتدين النقاب في الأماكن العامة قائمة وتصل إلى 180 دولاراً أمريكياً.
وخلال لقاءات أجرتها الباحثة الأمريكية مع نساء منتقبات، أبدت المشاركات استجابةً إيجابية بشأن تجاربهن مع ارتداء النقاب في الولايات المتحدة وأوروبا خلال بداية الجائحة. إذ أفدن بأن نسبة تعرضهن للأحكام المسبقة بسبب مظهرهن قد تضاءلت مقارنة بما قبل الجائحة. ويُعزى ذلك حسب رأيهن إلى التوقعات المجتمعية السائدة الجديدة التي تفترض ارتداء الجميع أغطية الوجه. وأشارت كثيرات إلى استمتاعهن بـ”عدم لفت الأنظار” خلال ارتدائهن النقاب.
خلال الفترة الأخيرة، تحدَّثت الباحثة الزائرة في الدراسات الدينية والقضايا الإنسانية في جامعة نورث وسترن مع 16 سيدة قلن إن النقاب أصبح خياراً مقبولاً أكثر من بين أقنعة الوباء. وتبيّن أن العديد من النساء صرن يرتدينه من حين لآخر فقط عند الخروج إلى الأماكن العامة، وارتدت بعض النساء هذا الزي لأوّل مرة في حياتهنّ خلال الجائحة.
وخلص استطلاع رأي عبر الإنترنت أجرته الباحثة بمساعدة مالك متجر الأزياء الإسلامية عبر الإنترنت Qibtiyyah Exclusive UK كجزء من دراستها خلال عام 2021، إلى أن 14 امرأة من أصل 51 أجبن على أسئلة الاستطلاع، إنهن قررن ارتداء النقاب أثناء الجائحة.
كما تؤكد آنا بييلا أن ثمة سوء فهم شائعاً في الغرب يعتبر النقاب ممارسة أبوية قمعية تُفرض على النساء المسلمات. لكن في الواقع، أظهرت العديد من الدراسات أن العديد من النساء يخترن ارتداء النقاب في بعض الأحيان ضد رغبة أسرهن، مشيرة إلى أن 40 سيدة من مُرتديات النقاب اللاتي قابلتهن من أجل صياغة كتابها “Wearing the Niqab: Muslim Women in the UK and the US” قلن إنهن يعتبرن النقاب ممارسة دينية.
الباحثة آنا استشهدت بمقولة إحدى النساء من بنسلفانيا، والتي بدأت ارتداء النقاب في أواخر عام 2020، حيث أخبرتها أنها لطالما أرادت ارتداء النقاب، لكنها تعيش في منطقة يهيمن عليها ذوو البشرة البيضاء، لذا كانت خائفة ولا تحب أن يحدّق الناس بها، منوهة إلى أنها عانيت الكثير بالفعل بسبب ارتدائها النقاب، مضيفة: “لكن بينما يرتدي الجميع أغطية الوجه، علمت أن هذا هو الوقت المناسب. وفي بادئ الأمر، أردت ارتداء النقاب على سبيل الاختبار، لكن لم ينظر أحدٌ لي مرتين. لذا صرت أرتدي النقاب دون قناعٍ أسفله”.
اترك تعليقاً