عُقِد مساء الجمعة، بقصر المؤتمرات في جليانة بمدينة بنغازي، اجتماع القيادات العسكرية والأمنية من المنطقتين الغربية والشرقية وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 برئاسة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي.
وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع، قال باتيلي إنه يعول على تعاون المجتمعين في تهيئة الظروف اللازمة لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا.
وأضاف المبعوث الأممي: “آمل أن تكونوا قادرين خلال هذا الاجتماع على المضي قدمًا نحو اعتماد ميثاق شرف يرسم معالم بيئة سياسية مواتية، تلتزم بتأمين انتخابات حرة ونزيهة في عام 2023 وبتأييد نتائجها”.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منها:
أود في البداية أن أتقدم بالشكر للجنة العسكرية المشتركة 5+5 وقادة الوحدات الأمنية والعسكرية على حضور هذا الاجتماع الليلة، تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. كما أشكر قياداتكم لأنهم لم يدخروا أي جهد في الدفع بمواصلة الحوار بينكم.
بعد 12 يومًا من لقائكم في طرابلس، نلتقي مرة أخرى اليوم هنا في بنغازي، تماشيا مع ما توافقنا عليه في تونس وطرابلس الشهر الماضي. إن هذا اللقاء بين الإخوة والزملاء يكتسي أهمية قصوى، كونه يعزز مسار المصالحة ويؤسس لاستمرار اللقاءات مستقبلا داخل ليبيا.
في إطار مقاربتي الشاملة لمعالجة الأزمة المستعصية في ليبيا، أعتزم خلال اليومين المقبلين زيارة مدينة سبها لضمان مشاركة الأطراف من كافة أرجاء ليبيا في رسم معالم الطريق نحو الخروج من هذه الأزمة.
وإذ نواصل عقد اجتماعاتنا هذه، ينضم إلينا المزيد من القادة في كل مرة. وهذا مؤشر على أن الشعور بالشمول والمصالحة بدأ يستقر في النفوس، وشرع في إحداثِ قطيعة مع المسار المؤلم الذي ساد في البلاد حتى الآن، وخلقِ مسارٍ بديل يُحيي الأمل لدى الليبيات والليبيين. وأود في هذا الصدد أن أُنوه بالجهود الجماعية للجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي تسعى جاهدة لإشراك جميع الفاعلين الأمنيين والعسكريين الرئيسيين من أجل تعزيز السلام والاستقرار في ليبيا.
تعلمون أنني عدتُ للتو من جولتي الرسمية الأولى في دول الجوار جنوب ليبيا، السودان وتشاد والنيجر. وتندرج هذه الجولة في إطار حشد الدعم لجهود اللجنة العسكرية المشتركة ولجان التواصل من البلدان الأربع. في الخرطوم، كما في إنجامينا ونيامي، التقيت برؤساء هذه الدول ووزراء الدفاع والداخلية وغيرهم من كبار المسؤولين، وناقشت معهم جميعا انسحاب المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا. ويمكن القول إن الجولة كانت ناجحة أخذاً بعين الاعتبار التحديات التي تنتظرنا، بما في ذلك الدوافع المختلفة وراء وجود الجماعات المسلحة في ليبيا.
كان هناك اتفاق بين جميع القادة الذين تباحثت معهم على أهمية انسحاب منسق ومتسلسل ومتزامن ومتوازن للمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، بما لا يتسبب في إحداث آثارٍ سلبية على البلدان الأصلية.
الأخوة الأعزاء،
نعلم جميعًا أن حل الأزمة الليبية بشكل كامل، ووضع حد للجمود السياسي الراهن، يحتاجان إلى وقت ومثابرة وصبر. ومع ذلك، أنا متأكد من أن استمرار التنسيق والتعاون بينكم يمثل فرصة سانحة لمواصلة الحوار، وبناء الثقة، وتبادل الآراء حول كيفية توفير أساس متين لتسوية سياسية تُتَوج بحل الأزمة الليبية من خلال خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات شاملة وحرة ونزيهة عام 2023.
إن إصراركم على دعم المساعي الحميدة للأمم المتحدة من أجل حل الأزمة الحالية، والتزامكم بإنهاء الانقسام والمضي بثبات نحو انتخابات شاملة أمرٌ مطلوب. بذلك الإصرار وهذا الالتزام، أنتم تدعمون شعبكم ووطنكم. أنتم شركاء في المسؤولية مع مختلف القادة السياسيين الآخرين، والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، من أجل تهيئة بيئة سلمية، وتأمين مستقبل مستقر ومزدهر للجميع في ليبيا. هذا التوجه الوطني الذي اخترتموه، يجب ألا يحيد عن مساره بسبب خطابات الاستقطاب التي يميل البعض للترويج لها. ابقوا متحدين واستمروا في وحدتكم من أجل وطنكم.
إن السلام والاستقرار والتنمية والازدهار هي ثمارٌ لمصالحة حقيقية، وحسن النوايا، وتقديم تنازلات البعض من أجل الصالح العام وللأمة بأسرها. وفي نفس الوقت، فإن استحكام العداوة والكراهية، واستمرار الصراع والحروب لا تعني سوى تدمير البلاد وإزهاق المزيد من الأرواح.
منذ يومين، شعرت بسعادة غامرة لرؤية عمداء البلديات مجتمعين من جميع أنحاء البلاد مجتمعون لمناقشة شؤون المستقبل والتنمية والازدهار. قلت لهم في خطابي أمامهم، وأكرر ذلك على مسامعكم الليلة، “تكفي عشر سنوات من الصراع! تكفي عشر سنوات من هذه الأزمة! علينا أن ندشن عهداً جديداً من المصالحة الوطنية الشاملة في جميع مناطق ليبيا، حتى يتحدث الليبيون والليبيات مع بعضهم البعض كأخوة وأخوات. لقد حان الوقت لتهيئة الظروف لاستعادة ليبيا ونهضتها “.
هذا الاجتماع الليلة هو رمز للوحدة، ورمز لليبيا الجديدة – ليبيا ذات السيادة.
أكرر النداء الذي وجهته لعمداء البلديات وأدعوكم إلى الاضطلاع بأدواركم لتمكين ليبيا من إجراء انتخابات حرة ونزيهة هذا العام.
أتطلع للبناء على اجتماعنا اليوم من أجل إحراز مزيد من التقدم لتضمينه في إحاطتي المرتقبة لمجلس الأمن الدولي، والتي سأقدمها في غضون 10 أيام من الآن.
سأستمر في العمل مع جميع الأطراف لإحياء الأمل في نفوس جميع الليبيات والليبيين، الذين تتجه أنظارهم الليلة إلى بنغازي وإليكم.
أحثكم على عدم خذلان شعب وأطفال ليبيا، أطفالِكم الذين يتطلعون إلى مستقبل أكثر أمانًا وازدهارًا من خلال مواصلة السير على طريق السلام، دون تراجع أو نكوص.
الأخوة الأعزاء،
دعونا نغلق كل أبواب الصراع ونفتح بوابات الحوار والبناء والمصالحة على مصراعيها.
إن المبادرة التي تقدمت بها تهدف، بالإضافة إلى تيسير اعتماد الإطار القانوني وتبني مسار محدد زمنياً لإجراء الانتخابات في عام 2023، إلى توفير أرضية لتعزيز الإجماع حول المسائل ذات العلاقة بالاستحقاق الانتخابي. ومن هذه القضايا الهامة أمن الانتخابات والأفراد، بما في ذلك المرشحات والناخبات حتى يتمكنَّ من ممارسة حقوقهن السياسية دون خوف. إن تجديد التزامكم لي، وقبل ذلك التزامكم للشعب الليبي، بضمان بيئة أمنية مواتية تسبق الانتخابات وترافقها وتليها، وكذلك الالتزام بقبول نتائج الانتخابات يجب أن يتم إبرازها بوضوح.
إنني أعول على تعاونكم في تهيئة الظروف اللازمة لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا. آمل أن تكونوا قادرين خلال هذا الاجتماع على المضي قدمًا نحو اعتماد ميثاق شرف يرسم معالم بيئة سياسية مواتية، تلتزم بتأمين انتخابات حرة ونزيهة في عام 2023 وبتأييد نتائجها. إن إسهاماتكم اليوم، ومواصلتكم لدعم عملية المصالحة الوطنية، تحظى بتقدير كبير في هذه المرحلة الحاسمة.
في شهر رمضان، شهر الرحمة والتسامح، أتوقع منكم التعبير عن أُخوتكم، وإظهارَ وحدة تاريخية من خلال وضع خطوات عملية تمهد للعودة الآمنة للنازحين ولإطلاق سراح المعتقلين. لنفتح أبواب السجون ومراكز الاعتقال. دعونا معا نبث البهجة في منازل وشوارع ليبيا. بقيامكم بذلك، سيكون أطفال ليبيا ممتنين لكم جميعًا.
أتمنى أن نجري مناقشات مثمرة بنتائج ملموسة للمضي قدمًا في معالجة جميع هذه القضايا ذات الأهمية القصوى في تحقيق سلام واستقرار مستدامين في ليبيا.
شكرًا لكم
اترك تعليقاً