دائماً أحب أن أكتب للمواطن العادى البسيط (الحايس) فى الماضى وفى هذه الأيام بالذات ، في ما يدور من حوله حتى أصبح مثل الأطرش فى الزفّه الذى عندما تنظر إليه لا تعرفه ماشى ولا جاى ..!! وأدى به الأمر إلى وقوفه مُتفرجاً لما يشعر به ويُشاهده من هيمنة البعض من الإنتهازيين على السوق الليبى وإنتشار السوق السوداء بالبضائع المختلفة المستورده من كل حدب وصوب وهو لا يعرف مصدرها وليس له القدرة على التعرف على منشأها لأنها بأسماء لم يسمع عنها طوال أربعة عقود أو يزيد ، مع العلم أن جيوبه خاوية فما إستلمه من مرتبه فى بداية الشهر الماضى بعد إنتظار شهرين صرفه فى حينه قبل أن يصل إلى بيته أو سدد به جزءاً من ديونه.
هذه البضائع منها الصالح للإستعمال البشرى ومنها غير ذلك فلا رقابة ولا حرس بلدى ولا ضمائر ولا من يقول (هايه على المواطن) ، الكثير من هذه البضائع إنتهت صلاحيتها وتم تجديدها بورقة (برّانيه) أو الإعلان عنها على صفحات التواصل الإجتماعى أو أى وسيلة إعلامية بشكل جميل وبلغات مُتعددة أو إلصاقها على البضاعة لكى (يتدبّز كما يُقال) فيها ذلك المواطن الذى لم تُتاح له الفرصة ليتعلم أى لغة أجنبيه لا هو ولا أولاده ولا أحد من أبناء جيرانه لكى يفزع له ويعينه (لأن الحال من بعضه) فكيف يتعلمها؟؟!!
الكل يعلم علم اليقين أن أحد المسؤولين أجرم يوماً ما فى ظل النظام السابق ، وهو من جهلة اللغة العربية والأجنبية فى رسم سياسة العلم والتعليم فى بلدنا فما بالك باللغات الأجنبيه والتطور التكنولوجى ، ونحن كمواطنين عاديين بسطاء مغلوب على أمرنا فى تلك الحقبة لن ننسى أبداً ما تجرأ عليه ذلك المسؤول فى لحظة طيش ثقافى لا مبرر له وإرتكابه أبشع جريمة فى حق التعليم وإلغائه تدريس اللغات الأجنبيه من مناهج التعليم الإعدادى والثانوى بإعتبار أنها لغات المستعمر وهى لا شك سياسة تجهيلية المراد منها حصر التعليم المتقدم والمتطور فى فئات مُعينه وتجهيل البقية.
لقد جنى ذلك المسؤول على أجيال بكاملها تقف اليوم عاجزة (لفك طلاسم اللغات الأجنبيه) والتطور العلمى مما جعلها تجد صعوبة فى إستخدام التقنية الحديثة المتمثلة فى إستخدام الكومبيوتر وتجد حرجاً فى مُواكبة العلم وتطوراته المُتسارعة بينما كل من يأتى من الخارج مُدعياً أنه كان معارضاً لنظام القذافى مع إحترامى لبعض الشخصيات التى نحترمها ونقدر ما عانته فى الخارج وما قامت به من مجهودات من أجل نقل صوت الشعب الليبى للخارج ، مع العلم أننى أختلف مع البعض منهم لأننا كنا نناشدهم من خلال ما نكتبه أن تكون المعارضة فى الخارج منظمة ومتجانسة وموحدة لا معارضة فرديه تنتهى إجتماعاتها بالخلافات والتطاحن فى تلك الفترة حتى لا تقع فى أحضان الدول التى كانت تكيد للوطن من أجل مصالحها ، الأمر الذى جعل بعض الأفراد يسقطون فى إغراءات المخابرات العالمية ويقبلوا على أنفسهم أن يكونوا عملاء وخونة لبلدهم.
فى فترة ماضيه بعد فبراير مباشرة (حيث الغربال الجديد له تعليقه) كما يقول أهلنا ، كانت هناك محاضرة لأحد الليبيين الذى تواجد بالخارج ولم يكن أساساً لا معارض ولا مُهجّر ولم نقرأ له يوماً ما يدل على أنه ضد النظام السابق فى الداخل أو الخارج من أى ناحية ، جاء ليُسوق لأحد الأحزاب التى أكل عليها الدهر وشرب ، هذا الشخص ترك الوطن برضاه من أجل تحسين وتطوير معيشة أسرته الإقتصاديه لأكثر من ثلاثة عقود أو يزيد وكان يُحاول التحدث بعبارات إنجليزيه وأخرى عربيه (أمكّسره) كما يتحدثها الباكستانى أو البولندى ربما لكى يُظهر نفسه بمظهر الذى نسيئ اللغة العربية نتيجة تواجده بالخارج ، بينما معظم المتواجدين من متوسطى التعليم أو كبار السن ، وإذا بصديق يجلس بجوارى يهمس فى أذنى ويقول لى (عرفناك كنت برا يا خوى يكفى).
وبالمناسبة أقول لذلك المثقف الكبير يا أخى ((بلاش فشخره)) كما يقول المصريون ، نقول لك من المؤكد أن تتحدث باللغة الإنجليزيه حيث مكثت فى بريطانيا ما يقرب من (30) سنه وإلا تكون (غير جدير بالشهادة التى تحملها إذا كنت تحملها حقاً) فمثلك لو لم يتحدث بالإنجليزيه أو يكتب بها لكان مدعاة للإستهزاء بعد ثلاثة عقود من الزمن بالتواجد خارج الوطن نصف هذه المدة على حساب موارد ليبيا ، فلا تنسى أن البعض من أبناء شعبنا حُرم من قرارات الإيفاد بحجج باطلة وتصفية حسابات وهم الأجدر والأفضل لأنهم رفضوا فى حينها أن يهتفوا وأن يتواجدوا فى المدرجات العقائديه بينما هناك من قال الغاية تُبرر الوسيلة … فأتقوا ألله فى المواطن العادى الذى عان الأمرين داخل الوطن.
أستميحكم عذراً فى الإطالة ولا شك أنكم متشوقون الآن لسماع القصة … أهلنا فى البادية فى الماضى وليس الآن !! لديهم تجارب فى الحياة أكثر بكثير من أهلنا فى المدن وقد جعل منهم الأسلوب المعيشى فى حياتهم غير مُتسرعين فى إتخاذ القرارات المصيريه .. فما أجمل حياة البادية البسيطة فى الترحال والتنقل بالرغم من قسوتها وصعوبتها حيث يقال (عز البوادى كل يوم رحيل).
أقول …. من المعروف عن أهلنا فى البادية فى الزمن الماضى يتنقلون دائماً طلباً للماء والعشب والأمن من الحيوانات البريه الغادرة مثل الذئاب والثعالب والثعابين السامة التى تُشكل خطراً على حلالهم ، فيُحكى أن هناك نجعاً أراد الرحيل وقد تجهّز الكل لذلك ولم يبقى سوى بيت واحد به (شايب وعجوز) حيث بدأوا فى وضع ما يملكونه من حاجيات الدنيا على ظهر الجمل ولم تترك العجوز شيئاً إلا ووضعته فوق ظهر الجمل بينما ذلك (الشايب) ينظر إليها ويبتسم لما يشاهده من حمولة تفوق قدرة الجمل ، وفى النهاية جاءت العجوز بثلاثة من الحجر الكبير التى يطلق عليها أهلنا فى البادية (المناصب) وهى تستخدم لوضع آلة الطبخ عليها، وهنا ضحك الشايب وقال أتريدين أن تضعى هذه المناصب فوق ظهر الجمل .. قالت نعم .. قال حطيها ولكن (ما هو نايض ما هو نايض) ويقصد أن الجمل لا يمكن أن يقوم من محله لما وضعته العجوز من حمولة فوق ظهره.
هذه القصة لها دلائل كثيرة فقدرة الحيوان الضخم مثل الجمل تظل محدودة بالرغم من أنه يتحمل العطش لأيام فما بالك قدرة الإنسان وتحمله للمصائب والشدائد وخصوصاً وهو على مشارف العقد الخامس الذى يعتبر الفاصل بين الشباب والكهولة ، فإذا أردنا أن نقفز بسرعة إلى الأمام كان لزاماً علينا مساعدة من تم تكليفهم مرحلياً بشؤون الدولة مؤقتاً فهؤلاء سينقلوننا بإذن الله من مكان إلى مكان ومن زمن إلى زمن آخر وحتى تستقر الأمور ويستتب الأمن لمباشرة الإعمار والتنمية ، فأرفقوا أيها الساسة الجدد بالشعب وأتقوا الله فيه وعلى كل من يتم تكليفه بمهمة عليه أن يضع مصلحة هذا الشعب الصامد أمامه وأن يُخفف عليه الأحمال والأعباء من أجل ليبيا ورافة بأجيالنا القادمة … والله من وراء القصد.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
وجدت الكثير من القراء لم يفهوا عبارة (ما إتبات إلا على أقسامها) واساءوا الفهم ومنهم من إعتبر ذلك دعوة للتقسيم ، وكتب تعليق على هذا الأساس !!! لا وألف لا … هذه العبارة تعنى أن ألله تعالى هو موزع الأرزاق والأقسام جمع (قسم) أى حصة ، ليس عيباً أن لا نفهم أمراً ولكن العيب أن نذهب بعيداً دون فهم … وتقال هذه العبارة دلا لة على الإيمان بالله بأن الله تعالى لا يترك المؤمن إلا وقسّم له رزقه (فالأرزاق والأعمار بيد إلله).