أستسمحكم أيها السادة والسيدات القراء الأعزاء أن أعود بكم إلى سنوات الفخر والعزة ، سنوات الجهاد ضد المستعمر الإيطالى ، أعود بكم إلى تاريخ ذلك الشيخ الجليل سيدى عمر المختار ذلك البطل المؤمن الحافظ لكتاب إلله والمُحافظ على سنة سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام ورفاقه الأشاوس الذين ربوا على إحترام القيم والأخلاق الحميده ، تلك التربية الدينية التى إكتسبوها من الموروث الدينى والوطنى ،، وهنا وقبل أن أبدأ فى كتابة بعض الأسطر حول ما يحدث هذه الأيام فى وطننا العزيز الذى بدأ يتبادر للأنظار أن أخطاراً جسيمة فى إنتظاره حيث يتكالب على خيراته العالم بأسره فلولا أن يُفرّج الله كربه ويحميه من المحاولات التى تستهدفه من الداخل والخارج لضاع منا ونحن نتفرج عليه شعباً ومجلساً وحكومة ، صدقونى أننى بدأت أنظر إلى المجلس والحكومة نظرة إستغراب لما نشاهده يومياً من خلا فات تصل إلى حد خلافات الصبيه المراهقين مع إحترامى لمن هو أكبر من ذلك ولكنهم لم يتركوا لنا وضعهم فى منازل الأجواد الذين يتولون شؤون وطن مثل ليبيا ،، وأقول ذلك و لعل ما سأشير إليه فى تاريخ أولئك الشرفاء الأبطال من رفاق عمر المختار الذين إجتمعوا على حب الوطن والذود عنه ولم يكن فى ذهن أى منهم سوى تحرير الوطن من ذلك المغتصب ، فكانوا رفاقاً يحترمون بعضهم البعض يقدرون قادتهم وولاة أمرهم ولا يسجدون إلا لله تعالى ولا يُظلم عندهم أحد وأمرهم كان فى أيديهم لأنه أمانة من شعبهم ولم يجندوا أنفسهم ليتم التحكم فيهم من الخارج ، ففزعتهم ونجدتهم تصل قبل كلامهم وتصريحاتهم فهم إذا قالوا فعلوا ولا يترددوا أبداً فى وعد قطعوه على انفسهم فهم عصارى قلما النساء تلد أمثالهم.
سمعت مرة من المناضل / المرحوم عبدالرازق شقلوف أحد الذين تعلقت قلوبهم بحب الوطن وبحب الجهاد والنضال فى سبيل الله تعالى … المناضل شقلوف هو أحد القليلين جداً من مدينة درنه ممن قابلوا وإستمتعوا بحديث سيدى عمر المختار وجهاً لوجه فهو أحد أبناء مدينة الصحابة فقد كان عصامياً شريفاً مناضلاً وليس من أصحاب الطرابيش الذين عملوا وإلتحقوا بخدمة المستعمر الإيطالى مخبرين وبصاصين ، فقد حدثنى المناضل عبدالرازق شقلوف قبل وفاته رحمة الله عليه وقد كنت أستمتع كثيراً بحديثه عن حياته وما تعرض له من مؤامرات ومكائد من الذين عملوا مع إيطاليا لتشويه تاريخه النضالى عند الملك محمد إدريس السنوسى غير أن حكام ذلك الزمن ليسوا كمن نشاهدهم اليوم لأنهم لايقبلون الأمور على علاتها بل يتحروا ويستطلعوا ولا يحكمون بمجرد السمع من مغرض أوحاقد أو حاسد أو جبان لا يستطيع مواجهة الشرفاء إلا من وراء حجاب أو بإسم مستعار ، وإننى أتذكر عندما أردت الكتابة عن هذا المناضل أيام الطاغية بحثت كثيراً عن صورة حديثة شخصية له فلم أجد من يمدنى بذلك حتى أقرب الناس إليه فربما أعتبروا ذلك أن إعطائى صورة ربما سيُعرضهم للمساءلة فى تلك الفترة وربما يفقدوا مصالحهم ، فلكل مصلحته التى تُعتبر عنده فوق كل إعتبار .. غير أننى تحصلت على صورته من واقع الملف الشخصى له فى ما يسمى (إدارة الضمان والتقاعد) عن طريق الأستاذ / عبدالعزيز الفريخ بارك الله فيه … وقد تم معالجتها فنياً وإدراجها فى المقالة ، فذلك المشهد لا زال أمامى لأننى إكتشفت يومها أن هذا المناضل كان يتقاضى مرتباً ضمانياً بواقع (110) دينار لاغير بالرغم من أنه كان مكلفاً بمنصب كبير أيام العهد الملكى بما يؤهله على التوقيع على العُملة الليبية !! ، فرحمة الله على الرجال الشرفاء الذين إنتقلوا إلى رحمة الله فى أمن وأمان وتركوا الدنيا بحلوها ومرها بالرغم من أن الوطن لم يكافأهم عن ما بذلوه من أجله وعن مواقفهم المشرفة ولم يتذكرهم إلا القليل من أهل الوفاء..
قال لى يوماً (يا بوباخى) لقد كنت أحلم بأن أكون من ضمن أحد أبطال الأدوار القتاليه فى حركة الجهاد الليبى وكان عمرى لا يتحاوز السادسة عشر وقد بذلت الكثير من الإتصالات حتى أصل إلى شيخ الشهداء عمر المختار ولم أكن أتوقع ذلك حتى كنت أمامه بعد أن فرغ من صلاته وقرأ جزءّ من آيات الكتاب الكريم ثم إلتفت إلى وقال (أهلاً يا أرزوقه أيش فى خاطرك) وكأن مذكرة كاملة إطلع عليها بشأنى قبل أن اقابله وهذا يدل على أن حركة الجهاد كانت منظمة ، فرد عليه شقلوف بقوله سيدى عمر أريد الدخول فى الدور ، فإبتسم وقال لى أنا أعلم أن لديك قلميه أى (تكتب وتقرأ) ونحن نحتاجك فى عمل آخر بمدينة درنه يمكنك أن تخدم به وطنك … ويقول المناضل شقلوف رحمه الله بقدر ما تألمت لعدم قبولى فى الدور إلا أن إسقبال شيخ الشهداء لى كان يمثابة شرف عظيم سأضل أذكره ما حييت وهو تاريخ سيفخر به أبنائى واقاربى يوم يُذكر الشرفاء وسيرفع من شأن كل من يحمل إسمى … رحمكم الله ايها المناضل الشريف العصران والخزى والعار على كل جبان إنتهازى لا يعرف سوى تجارة المصالح.
إستميحكم عذراُ فقد إبتعدت عن الموضوع ولكن الشئ بالشئ يذكر ، رفاق الجهاد والنضال والسلاح والوطنية ليسوا كأولئك الذين تعاهدوا على المصالح وتوزيع الغنائم ونهب خيرات الوطن بالتهديد والوعيد وليسوا كأولئك الذين إجتمعوا صدفة ومنهم من لم يكن يعرف الاخر ومنهم من تعرفوا على بعضهم بحضور أجنبى دون سابق معرفة وهكذا ….!! ، فرفاق عمر المختار لم يكونوا من دعاة النهب والإبتزاز فهم أهل المكارم ولا يقبلون على أنفسهم أكل الحرام والإختلاس والتزوير ، رفاق جمع بينهم حب الوطن فهذا من شرق الوطن وذاك من غربه وواحد شد الرحال من وسط الصحراء الليبية وذاك من أقصى الجنوب ، ناضلوا مع بعض حتى تحرير الوطن تجزءوا بعض الوقت ولكن الوحدة الوطنية جمعتهم لأنها فى قلوبهم ، جهزوا لدولة يسودها العدل والمساواة فكان لهم ما أرادوا وأسسوا لدستور وديمقراطية فكانت ليبيا بهم مضرب الأمثال تناسوا الماضى المؤلم وعاشوا فى حاضر كان أسعد أيامهم بعد التحرير إلى أن ودعوا الدنيا وتركوا دولة لأبنائهم وأحفادهم إلى أن إنقض القذافى على تلك الدولة بإنقلاب مشؤوم أفلا لعنة الله على من ساعدوه ومكنوه من ليبيا على مدى أربعة عقود من الزمن . والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار ممن ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن وتحريره من الإستعمار الإيطالى وتحية النضال إلى شهداء ليبيا الثوار الشرفاء الذين هبوا لتحرير الوطن … والله من وراء القصد.
المهندس / فتح الله سرقيوه
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
والآن عندك في شرق ليبيا دكتتور جديد