عُقِد أمس الجمعة، اجتماع لملتقى الحوار السياسي الليبي، عبر تقنية الفيديو، بمشاركة المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا يان كوبيش.
وقدم المبعوث الأممي خلال لاجتماع، إحاطة لأعضاء ملتقى الحوار، عن آخر التطورات السياسية.
وفيما يلي نص الكلمة الافتتاحية للمبعوث الأممي:
أعضاء الملتقى الموقرون
أشكركم جزيل الشكر على تخصيص بعض الوقت للقائنا اليوم، فأنا أتفهم أنه ليس بأفضل يوم لعقد الاجتماعات ولكني لم أرغب في تأجيل هذا الاجتماع. أردت أن أخاطبكم في أقرب وقت ممكن بعد الإحاطة التي قدمتها إلى مجلس الأمن، وفي أقرب وقت ممكن بعد الإحاطة التي قدمتها إلى الأمين العام وقيادة الأمم المتحدة.
فقد أنعقد اجتماع مجلس الأمن قبل يومين، وقدمت بالأمس إحاطة للأمين العام. واليوم، أطلعكم على ذلك. لذا مع الاعتذار عن القيام بذلك يوم الجمعة، لكنني لم أرغب في تأجيل هذا الأمر أكثر لأنه بخلاف ذلك كان هذا الاجتماع سيعقد بعد أسبوع تقريباً من الآن، وفي رأيي أن ذلك بعيد أكثر من اللازم.
أود أن أشكركم أيضاً على إرسال أسئلتكم مسبقاً إليّ وإلى زملائي. وأود هنا الرد على بعض منها وبعد ذلك أثناء المناقشة بالتأكيد. جزيل الشكر لكم على ذلك أيضاً.
اسمحوا لي أن أستهل بالإعراب عن التقدير الكبير لعملكم جميعاً أعضاء الملتقى. لقد حققتم ما لم يكن متوقعاً ليس قبل بضعة أشهر فقط بل قبل بضعة أسابيع خلت. وجدتم السبيل لتوحيد البلاد وتأكيد سيادتها وتمكنتم من إنشاء حكومة واحدة للبلد بأكمله؛ تمكنتم من عقد جلسة للبرلمان الذي كان منقسماً وكانت جلسة موحدة؛ تمكنتم من الحصول على المصادقة على الحكومة الجديدة في جلسة واحدة للبرلمان؛ تمكنتم من إنشاء السلطة التنفيذية المؤقتة، بما في ذلك المجلس الرئاسي، المعترف به الآن من قبل المجتمع الدولي بأسره؛ تمكنتم من جعل البرلمان يبدأ العمل على واجباته، كـالعمل على ميزانية الدولة على سبيل المثال. إذن أنتم تبقونهم تحت رقابة محكمة للغاية، وتجعلونهم مسؤولين أمامكم. وهذا إنجاز كبير للغاية له طابع وخاصية تاريخيين.
ويمكنني أيضاً أن أؤكد أنه حتى بعد اجتماع الملتقى في شباط/ فبراير، بعد أن قمتم بترشيح (انتخاب) السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة، لم يكن لدى الكثيرين إيمان بمثل هذا الانجاز ومثل هذا التقدم داخل البلاد، بما في ذلك أولئك الذين تم ترشيحهم لقيادة البلاد في هذه الفترة الانتقالية نحو انتخابات 24 كانون الأول/ ديسمبر. بل وأيضاً خارج البلاد؛ كنت أتلقى عشرات ومئات الأسئلة: هل من الممكن المضي قدماً في هذه العملية ؟ أم سينتهي الأمر بالبلاد في وضع مشابه لما حدث بعد 2015-2016 والذي أدى في النهاية إلى تشكيل حكومتين. هذه المرة كانت هناك مخاوف من أنه قد تكون هناك حكومة ثالثة تضاف إلى الحكومتين اللتين كانت بيدهما السلطة. وهذه معجزة صغيرة، وقد أعرب رئيس الوزراء عن هذا الرأي عدة مرات.
وتم المضي في العديد من العمليات تحت المظلة الدستورية، لأن هناك بالفعل بعض المؤسسات والسلطات في البلاد التي لها وحدها الصلاحية والسلطة، على سبيل المثال، لتأكيد التصويت على الثقة وأداء اليمين في نهاية المطاف للحكومة أو المجلس الرئاسي؛ هم من لديهم وحدهم السلطة للتشريع. ولهذا السبب، نحن نعتقد، وأنا أعتقد، أنه كان أمراً حسناً أنكم أعطيتم المجال لهذه السلطات لأن تعمل، وقد عملوا وأنشأوا الحكومة وأنشأوا المجلس الرئاسي الجديد؛ لكن عملكم ما يزال هاماً. هذا الجسم، ملتقى الحوار السياسي الليبي، هو جسم هام ويبقى منبراً رئيسياً مهمته الحفاظ على الإنجازات التي تحققت لضمان متابعة تنفيذ خارطة الطريق وأهدافها. لأن هذا هو ما يتم العمل عليه، الأهداف.
وهذا أحد الأسئلة التي تلقيتها وأود أن أجيبكم عليه. نعم، ملتقى الحوار السياسي الليبي مهم وسوف يكون مهماً أيضاً في المستقبل.
وكما قلت، كان الملتقى ذا فائدة وقد حقق النتائج المرجوة. وحقيقة أنكم أعطيتم المجال لسلطات ومؤسسات البلاد لأن تقوم بعملها. ولكن حان الوقت الآن للجلوس معاً والمناقشة والتقييم وربما الاستماع إلى بعضنا البعض مما سيساعدنا بعد ذلك في اتخاذ الخطوات التالية. كانت لدي هذه النية وأعلم أنكم أتيتم أيضاً بمبادرة لعقد اجتماع للملتقى مع بعض النقاط التي تشاركتموها بينكم ومعنا أيضاً، وفي نفس الوقت واصلتم العمل في إطار اللجنة القانونية، وأود أن أعرب هنا عن تقديري العالي لهذا العمل أيضاً.
كما استغلينا الوقت خلال الأسابيع الماضية منذ تسلمي مهام عملي، ودعوني أؤكد ذلك، أنا جديد نسبياً، لقد بدأت عملي منذ حوالي خمسة إلى ستة أسابيع فقط، لذلك كنا نعمل طوال الوقت على حشد دعم المجتمع الدولي وتأييد المجتمع الدولي بأسره للأهداف التي حددتموها في خارطة الطريق. ويسعدني جداً أن أبلغكم بأن المجتمع الدولي يؤيد هذه الأهداف ويدعم تطلعات خارطة الطريق وملتزم بها.
وقد واصلت مجموعات العمل المنبثقة عن عملية برلين اجتماعاتها وكانت مرة أخرى عاملاً مفيداً للغاية في حث السلطات هنا في البلاد على المضي قدماً وتنفيذ أهداف خارطة الطريق. وجرت إحاطة مجموعة العمل السياسية من قبل رئيس الوزراء الدبيبة، ورئيس مجلس الرئاسة السيد المنفي، ومؤخراً من قبل رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الدكتور عماد السايح.
كما واصلت اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) عملها المهم. وأود أن أعرب عن تقديري لنهجهم الوطني إزاء القضايا المتعلقة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ولا سيما أيضاً في تسهيل انعقاد جلسة مجلس النواب في سرت. وحاولنا المساهمة في ذلك أيضاً من خلال تواصلنا مع بعض الشركاء الدوليين الذين ساعدوا حينها في توفير البيئة المواتية بما في ذلك إمكانية استخدام مطار القرضابية لنقل أعضاء مجلس النواب إلى سرت.
لقد زرت العديد من العواصم الدولية وأجريت مكالمات هاتفية عديدة مع وزراء خارجية عدد كبير من الدول، بما في ذلك الدول المجاورة لليبيا ودول المنطقة ودول في أوروبا ووصلت حتى أبعد من ذلك إلى اليابان والولايات المتحدة، وجميعهم – كما قلت – يؤيدون في هذه المرحلة الزمنية خارطة الطريق التي أقرها الملتقى ويطالبون بتنفيذها. كما قدمت إحاطة إلى مجلس الأمن، ولاحظتم أيضاً أنه حتى في البيان الرئاسي السابق، أعرب مجلس الأمن عن دعمه لهذه العمليات وأكد على أهمية توحيد المؤسسات الوطنية على النحو المنصوص عليه في خارطة الطريق التي أقررتموها. وهذا مرة أخرى تأكيد لنجاحاتكم وإنجازاتكم.
في مناقشاتي مع أعضاء مجلس الأمن، وكذلك يوم الأربعاء عندما قدمت إحاطة لمجلس الأمن، طلبت رأيهم في قرار لمجلس الأمن يؤيد ويدعم هذه التطورات الإيجابية. بل وأكدت مرة أخرى على الأهداف الحاسمة لهذا الدعم والإشارة إلى هذه الأهداف، كما حددتموها بأنفسكم، ومن بين هذه الأهداف الحاسمة التي نتبعها كأولوية، هو تيسير إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر من هذا العام.
وكان جميع أعضاء مجلس الأمن على كلمة واحدة مطالبين بإجراء انتخابات 24 ديسمبر من العام الجاري. وكل دول المنطقة التي تحدثت إليها، بما فيها دول الجوار، على كلمة واحدة فيما يتعلق بالمطالبة بإجراء انتخابات 24 ديسمبر. وبالأمس، سنحت لكم الفرصة لمشاهدة زيارة مهمة للغاية لثلاثة وزراء من ثلاث دول رائدة في الاتحاد الأوروبي، وهي فرنسا وإيطاليا وألمانيا، حيث كانت ألمانيا هي الأب الروحي لعملية برلين. لقد جاؤوا إلى هنا وقالوا بوضوح شديد إن من أولوياتهم إجراء الانتخابات ودعم إجرائها في 24 كانون الأول/ ديسمبر من هذا العام. لذلك، هذا بالنسبة لنا، وآمل أيضاً بالنسبة لمؤسسات وسلطات هذا البلد، ليس رسالة واضحة فحسب، بل أمراً حتمياً آمل أن يُترجم إلى إجراءات ملموسة ذات طابع دستوري وتشريعي.
وفي مناقشاتي ولقاءاتي ومحادثاتي مع رئيس مجلس النواب، شددت على ضرورة إجراء الانتخابات وعلى واجب مجلس النواب في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتشريع، وفي محادثاتي السابقة مع رئيس مجلس النواب طمأنني بأن مجلس النواب جاهز لضمان الإطار القانوني اللازم لإجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر. وأعتزم إثارة هذه المسألة في الأيام المقبلة خلال زيارتي له [رئيس مجلس النواب].
وقد تمت دعوة رئيس اللجنة التشريعية لمجلس النواب لإحاطة الاجتماع القادم لمجموعة العمل السياسية المنبثقة عن عملية برلين. وهذا شكل آخر، وفي صيغة أخرى، لكيفية إقناع البرلمان بالارتقاء إلى مستوى مسؤولياته وواجباته.
ولكن الوقت هو جوهر المسألة، ما زلنا لا نرى تحركاً كافياً إلى الأمام. هناك أسئلة وأسئلة مشروعة حول ما إذا كان البرلمان سيتحرك بالفعل أم لا، ومن وجهة نظرنا لا يمكننا أن نترك الأمر فقط على أمل أن يتحركوا.
علينا التفكير في بعض الطرق البديلة الأخرى في كيفية تشجيعهم على اتخاذ ما يلزم. لأننا نعلم ونعلم ذلك من رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أنه بحاجة – والبلاد بحاجة – إلى قاعدة دستورية واضحة وإطار قانوني للانتخابات بحلول الأول من شهر تموز/ يوليو ليتمكن من ضمان القيام بالتحضيرات اللازمة وإجراء الانتخابات.
لذا، فإن عمل اللجنة القانونية واستمرار عملها مع التركيز الواضح على مقترحات معقولة للقاعدة الدستورية للانتخابات قد يكون، على الأرجح، حاسماً في إيجاد حل لهذه القضية.
وآمل أن تسرع اللجنة القانونية في عملها مع هذا التركيز الواضح وأن تتمكن من استكمال هذا العمل في وقت قريب نسبياً من أجل المساهمة في توفير المناخ المناسب وإرسال رسالة قوية إلى أولئك الذين لا يترددون في أمر الانتخابات فحسب، بل يخلقون المشاكل والمعوقات التي توقف هذه العملية، وأنه لن يُسمح لهم بالمضي في هذا النوع من التوجهات.
وفي غضون ذلك ، نحن – بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا – وجهات أخرى ضمن الأمم المتحدة وكذلك شركاء آخرين بل وأيضاً المجتمع الدولي نعمل مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات على عدد من الملفات ذات الطبيعة الفنية التي ينبغي أن تتيح إجراء انتخابات بالجودة اللازمة في 24 كانون الأول/ ديسمبر. وأنا ممتن جداً لعدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تقديمها هذه الأيام تمويلاً إضافياً لعمل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وذلك من خلال برنامج الدعم الانتخابي الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
أعتزم لقاء الدكتور السايح قريباً في الأيام المقبلة لمواصلة مناقشاتنا حول المجالات التي يحتاج فيها إلى مزيد من الدعم ومزيد من المساعدة الفنية ولهذا السبب فقد أيدت بالفعل طلب الحكومة السابقة الموجه إلى الأمم المتحدة بإرسال بعثة لتقييم الاحتياجات، خبراء من مقر الأمم المتحدة للاتفاق مع رئيس المفوضية بشأن المزيد من مجالات الدعم.
والتقيت هذا الصباح عبر الاتصال المرئي مع مجموعة من النساء ومع نشطاء المجتمع المدني المنظمين في “حركة 24 ديسمبر” لبدء مناقشاتنا حول كيفية إشراك الأطراف المعنية المهمة للغاية؛ النساء والشباب والمجتمع المدني، في الانتخابات بل وأيضاً لصالح إجراء الانتخابات من خلال حملتهم السياسية وغيرها، ومن خلال العمل في مجالات عديدة. وما يبعث على التشجيع أن أرى مطلبهم الواضح وتركيزهم الواضح. وأتطلع إلى العمل معهم في المستقبل عن كثب.
وأثرت هذا الموضوع مع رئيس الوزراء الدبيبة قبل أيام وتعهد بتقديم الدعم اللازم بما في ذلك الموارد المالية اللازمة للمفوضية لتتمكن من إجراء الانتخابات. وسعدت للغاية لأن ألاحظ أنه بعد يوم أو يومين من لقائنا جاء في زيارة إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ووافق مرة أخرى على تقديم الدعم وهذه خطوة مرحب بها، على الأقل من وجهة نظري.
وهناك العديد من المجالات الأخرى المحددة في خارطة الطريق كأهداف للبلاد. أدرك أن العملية بطيئة للغاية فيما يتعلق بالمناصب السيادية وهي مدرجة في جدول أعمالي وجدول أعمالنا. وأدرك خيبة الأمل التي أصابت الجميع عندما أخفق رئيس الوزراء الدبيبة في ترشيح المزيد من النساء للمناصب الوزارية. نعم حقائب وزارية مهمة، كوزارة الخارجية ووزارة العدل هي الآن في يد المرأة، غير أن ذلك لا يكفي، وهذا ليس التعهد الذي قدمه عندما انتخبتموه؛ كان تعهده واضحاً جداً: 30 بالمائة من النساء في المناصب العليا وسنواصل العمل معه.
بالطبع ثمة مهمة كبيرة وهي المصالحة الوطنية وأتذكر مجدداً من الاجتماع الذي عقد في شهر شباط/ فبراير، إن رئيس المجلس الرئاسي، السيد المنفي، قال بوضوح شديد أن هذه إحدى أولى أولوياته. وسمعت من رئيس الوزراء الدبيبة قبل عدة أيام فقط أن هذه إحدى أولوياته الرئيسية. لذا فإننا نحثهم ليس فقط على إعلان ذلك بل والإسراع في اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة لإنشاء لجنة للمصالحة الوطنية وإعداد خطة والبدء في تنفيذها. آمل أن تقوم السلطة التنفيذية بتعيين امرأة في منصب رئيس لجنة المصالحة الوطنية، وسأوصي بذلك بشدة.
النقطة الأخيرة التي أود أن أتطرق إليها هي أننا نواصل العمل على سحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية. إنها عملية صعبة ولكننا لا نتحدث عنها فقط. وبوسعي القول أنه في لقاءاتي مع عدد من الدول الأجنبية، هناك اتفاق على الحاجة إلى معالجة هذا الأمر. أنا أثيره لأنني أعرف شيئاً واحداً وهو أن الليبيين والسلطة والمؤسسات الليبية، بما في ذلك اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، يطالبون بسحب القوات الأجنبية والمقاتلين من البلاد، وبالتأكيد على جميع أصدقاء وشركاء ليبيا احترام هذا الطلب.
يجب أن تكون الدولة ذات سيادة كاملة دون أي وجود أجنبي غير مرغوب فيه وفي هذا الوقت لا بد من العمل في سبيل التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار وسحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
أعتذر عن الإطالة في الحديث، ولكن حدثت أمور كثيرة في الأسابيع الماضية وأردت أن أطلعكم على بعض أنشطتنا وأيضاً على الرؤية وطريقة المضي قدماً وأن أثير بعضاً من أسئلتكم وأيضاً مخاوفكم، وهي أسئلة مشروعة ومخاوف مشروعة. ولهذا السبب كانت كلمتي مطولة، غير إنني سأتوقف الآن وأود أن أدعوكم إلى طرح نقاطكم وتعليقاتكم التي تستنير بها خطواتنا التالية.
مع الشكر الجزيل لصبركم وإصغائكم.
اترك تعليقاً