منظمة الصحة العالمية، حذرت أمس، من وضع صحي حرج في منطقة شرق المتوسط بسبب انتشار فيروس «كورونا»، والتأخر في توزيع اللقاحات.
وقال أحمد المنظري، مدير إقليم شرق المتوسط في المنظمة الأممية، إن «المنظمة تشعر بقلق إزاء ظهور السلالة المتحورة للفيروس في المنطقة، حيث أبلغت بعض الدول، منها العراق، عن ظهور حالات إصابة بالفيروس المتحور الأكثر قابلية للعدوى».
وأوضح المنظري أن عدد الإصابات في المنطقة، التي تضم 22 دولة، بلغ 6 ملايين والوفيات نحو 140 ألفاً، قائلاً: «هذا يحدث في إقليمنا، حيث يعاني الناس والنظم الصحية باستمرار من ويلات الحروب والكوارث الطبيعية».
وأضاف، في مؤتمر صحافي افتراضي، أمس الاثنين، أن «الاستقرار الذي نشاهده بوجه عام في عدد حالات الإصابة، تقابله عدة بلدان تُبلغ عن زيادات تبعث على القلق، حيث تُسجل عدة بلدان في الخليج زيادات جديدة في الحالات، وفي لبنان وصلت وحدات الرعاية المكثفة في بعض المستشفيات إلى نسبة 100% من طاقتها الاستيعابية، ما أدى إلى علاج المرضى في أجنحة بمستشفيات أخرى أو في أماكن فارغة أخرى».
وأوضح أن مكتب المنظمة في الإقليم يشعر أيضاً بالقلق إزاء التحورات الجديدة للفيروس، حيث أبلغ 13 بلداً عن حالات إصابة بنسخة متحورة.
في غضون ذلك، اكتشف محققون من منظمة الصحة العالمية، يبحثون في أصول الفيروس في الصين، مؤشرات على تفشي «كورونا» على نطاق كبير منذ ديسمبر 2019.
وقال المحقق الرئيسي لبعثة التحقيق، بيتر بن امباريك، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، إن البعثة وجدت مؤشرات على انتشار أكثر من 12 سلالة من الفيروس في ووهان.
وأوضح المنظري أن مكتب المنظمة في الإقليم الذي يضم 22 دولة يشعر أيضاً بالقلق إزاء التحورات الجديدة للفيروس، حيث أبلغ 13 بلداً عن حالات إصابة بنسخة متحورة، واحدة على الأقل من التحورات الثلاثة الجديدة التي أُبلغ عنها عالمياً، منها تحورات قد تكون معدلات سريانها أعلى.
وأضاف أن «بعض التحورات الجديدة ترتبط بزيادة العدوى، ويمكن أن تؤدي إلى زيادة في الحالات، وارتفاع معدلات دخول المستشفيات».
وشدد المنظري على أهمية استقصاء بلدان الإقليم لهذه التحورات وإبلاغ المنظمة بها، حتى تستطيع تنسيق الجهود المبذولة لرصد آثارها، وإسداء المشورة إلى البلدان بشأنها بناءً على ذلك، لكنه أشار إلى تحد آخر، وهو امتلاك 14 بلداً فقط من بلدان الإقليم للقدرات التي تمكن من إجراء عمليات تسلسل الجينوم.
ولفت إلى أن المنظمة تساعد البلدانَ التي تفتقر إلى قدرات التسلسل لتحديد التحورات الجديدة، عن طريق نقل العينات إلى المختبرات المرجعية الإقليمية، وطالب البلدان التي تمتلك هذه القدرات بمشاركة بياناتها عبر قواعد البيانات أو المنصات العامة.
وعن هذه التحورات وتأثيرها على اللقاحات، لم يستبعد المنظري حدوث تأثير، وقال: «علينا أن نستعد من الآن لتكييف اللقاحات حتى تظل فعالة»، وأوضح أن هذا الوضع يسلط الضوءَ على ضرورة تطعيم أكبر عدد ممكن من الأفراد قبل أن يتعرضوا للتحورات الجديدة للفيروس، حيث أُعطي حتى اليوم أكثر من 6.3 مليون جرعة من لقاحات «كورونا الكستجد» إلى الناس في 12 بلداً من بلدان الإقليم.
وأعلن أن الموجة الأولى من اللقاحات التي توفرت من خلال مرفق «كوفاكس» ستصل إلى الأرض الفلسطينية المحتلة وتونس في الأسابيع المقبلة، ومن المتوقع أن تحصل البلدان العشرون الباقية في الإقليم على ما يقدَّر بنحو 46 إلى 56 مليون جرعة من لقاح «أسترازينيكا-أكسفورد» من مرفق «كوفاكس» خلال النصف الأول من هذا العام.
ومن جانبه، قال عبد الناصر أبو بكر، رئيس برنامج إدارة أخطار العدوى بمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إن هناك انخفاضاً ملحوظاً في أعداد الإصابات بالدول التي بدأت حملات التطعيم بقوة، وهو ما يؤكد أهمية اللقاحات بصفتها سلاحاً في مواجهة الوباء.
واستعرض أبو بكر موقف المنظمة من بعض اللقاحات، فأشار إلى أنه حتى الآن لم يتم اعتماد سوى ثلاث لقاحات (فايزر، وأسترازينيكا، وموديرنا)، وهناك ملفات للقاحات أخرى يتم مراجعتها حالياً، منها الملف الخاص باللقاح الروسي «سبوتنيك-5».
ونفى أبو بكر ما يتردد عن عدم فاعلية لقاح «أكسفورد-أسترازينيكا) مع كبار السن، وقال: «ما توفر لدينا من بيانات تمت مراجعتها بدقة تشير إلى أنه فعال. وحتى إذا كشفت دراسات لاحقة أنه ليس فعالاً معهم بدرجة فاعليته نفسها مع فئات أخرى، فهذا ليس مبرراً لرفض اللقاح؛ فأن يكون لديك لقاح -ولو بفاعلية 40%- أفضل من ألا يكون لديك لقاح».
وأشار إلى أنه لا يوجد مشكلة من تناول السيدات الحوامل للقاحات المتاحة، مضيفاً: «عندما يتعلق الأمر بالحوامل، تكون التوصية هي تقييم المخاطر، لرؤية هل فوائد اللقاح أكثر من أضراره. وبناء عليه، يتم اتخاذ القرار. وفيما يتعلق بالوباء الحالي، فإن الفوائد أكبر، لذلك نوصي بإعطاء الحوامل اللقاحات».
وعن تأثير التحورات الجديدة من الفيروس على وجود موجة ثالثة من الوباء، قال: «هناك 80 دولة فقط حول العالم أبلغت عن ظهور التحورات الجديدة، ونعمل من كثب للتأكد من أنها لن تؤثر كثيراً على التدخلات الصحية، من لقاحات وغيره، لكن من المبكر الآن التكهن بمدى تسببها في موجة ثالثة لأنه من الصعب الجزم الآن بأن الدول التي تشهد زيادة في الحالات، مثل بعض بلدان إقليم شرق المتوسط، سببها هذه التحورات».
وأكدت نجاة رشدي، نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، ما ذهب إليه أبو بكر، وقالت خلال مشاركتها في المؤتمر الصحافي إن زيادة عدد الحالات في لبنان لا نستطيع أن نعزيه إلى التحورات الجديدة في الفيروس.
وأوضحت أن الأزمة السياسية في لبنان ووجود حكومة لتصريف الأعمال أبطأ كثيراً من قرارات الدولة فيما يتعلق بتوفير اللقاحات، مشيرة إلى أن لبنان حصل على دعم بقيمة 140 مليون دولار من الأمم المتحدة لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي زادت حدتها مع جائحة «كورونا المستجد»، لكنها في حاجة إلى دعم مادي مستدام.
اترك تعليقاً