حذر عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر من خطر الذهاب إلى مرحلة انتقالية جديدة بحجة الاستعداد للاستفتاء على مشروع الدستور وإجراء انتخابات على أساسه.
ووصف الشاطر في تصريح لشبكة “عين ليبيا” المراحل الانتقالية بأنها مرض عضال نخر في جسد الدولة الليبية ومنع علاج التشظي والاصطفاف وفتح شهية كثيرين للاستحواذ على السلطة والانفراد بحكم البلاد وجني الغنائم حيث كرست المراحل الانتقالية الفوضى ونهب المال العام في غياب المؤسسة التشريعية المتكاملة صاحبة السلطة في محاسبة الأجهزة التنفيذية.
وأشار إلى أن الذين يتحججون بضرورة وجود فترة انتقالية جديدة لتوحيد الأجهزة المنقسمة لا يلتفتون إلى خمس سنوات كانت كافية وأكثر لتحقيق مشروع الدولة.
وأضاف: “ما جنيناه حروب وتدمير وقتل ومئات الآلاف من المهجرين و احتلال فاضح للروس لأكثر من 75% من حقول وموانئ النفط وإقامة خمس قواعد عسكرية يسيطر عليها مرتزقة الفاغنر… حدث هذا في غياب سلطة تشريعية موحدة ممثلة للشعب الليبي التي من واجبها أن تمنع هذا التفريط في الدولة وسيادتها بعزل ومحاكمة المسؤول عن هذه الخيانة للوطن وفي غياب الشعب الذي يستطيع أن يمارس الضغط على ممثليه”.
وتابع: “اليوم حكومة التوافق لم تحقق التوافق ومجلس النواب انقسم على بعضه ومجلس الدولة (المستشار الذي إذا حضر لا يستشار وإذا غاب لا يسأل عنه).
ونوه عضو المجلس الأعلى للدولة بأن الأمور وصلت من السوء بحيث توصلنا إلى احتلال جديد من نوع جديد ببيادق ليبية تدّعي الوطنية وتعمل لنفسها فقط بعيدا عن الإحساس بالوطن، نرجسية عفنة ومتخلفة، حسب وصفه.
وقال الشاطر: “أنا سعيد جدا بتكاثر وارتفاع الأصوات التي تنادي وتطالب بانتخابات تشريعية أو الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أقرته هيئة منتخبة وفي كلتا الحالتين فان الأمر يعني إعادة الأمانة إلى الشعب الليبي ليستفيد من التجارب السابقة ويحسن اختيار ممثليه”.
لقد كانت هذه دعوتي التي أطلقتها عام 2017 حيث قدمت مقترح انتخابات نيابية للمجلس الأعلى للدولة بتاريخ 07 نوفمبر 2017 ومن بعده إلى رئيس البعثة الأممية الدكتور غسان سلامة حينها بتاريخ 27 نوفمبر وناقشتها في اجتماعات عدة مع المكتب السياسي للبعثة ومن بينها اجتماع عقد بتاريخ 23 مايو مع المساعد الخاص لغسان سلامة وضابطة الشؤون السياسية بالبعثة، وقد تضمن مقترحي النقاط التالية:
- إصدار قانون لانتخاب جسم تشريعي جديد يتكون من 200 عضوا على غرار انتخابات المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب بنفس الدوائر الانتخابية.
- يعطي القانون مدة ثلاث أو أربع سنوات للمجلس الجديد لدورة برلمانية واحدة غير قابلة للتمديد أو التجديد حيث أثبتت التجارب أن المدد القصيرة (18 شهرا) غير كافية لتحقيق أي إنجاز وغير كافية لأن يتعرف الأعضاء على بعضهم سياسيا وفكريا بما يتيح لهم بيئة من الثقة فيما بينهم لتكوين تكتلات أو تفاهمات.
- لا غضاضة في أن يمنع القانون الأحزاب والكيانات السياسية من الترشح . وان كان هذا الرأي منافي للعمل الديمقراطي إلا أنه أصبح مزاج شعبي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. وفي النهاية فانه لا يمنع المنتمين للأحزاب السياسية من الترشح كأفراد!! وإن كنت أميل بشدة إلى الاستناد للقانونين 29 و 30 اللذين أصدرهما المجلس الوطني الانتقالي المؤقت عام 2012 وهو اختيار يرضي طرفي المعادلة.
- تشمل مهام المجلس التشريعي الجديد: اختيار رئيس مؤقت للدولة لدورة رئاسية واحدة غير قابلة للتمديد أو التجديد. وكذلك اختيار حكومة ومنحها الثقة والميزانية لدورة واحدة غير قابلة للتمديد أو التجديد وتنتهي بانتهاء دورة الجسم التشريعي وتسليمه السلطة التشريعية للبرلمان الدائم.
- تباشر الحكومة الجديدة في توحيد كافة المؤسسات المنقسمة لإشاعة الاستقرار وبعث الأمل في نفوس المواطنين بأن المراحل الانتقالية قد ولت بدون رجعة. وأن المرحلة الدائمة قد بدأت بيقين مؤكد.
- يعكف المجلس التشريعي الجديد على النظر في مشروع الدستور الدائم بفكر أكثر صفاءا وقد تخلصت البلاد من المشاحنات والتجاذبات السياسية وبدأت تستطعم مرحلة الاستقرار ووجوب الإقبال على بناء الدولة المدنية الديمقراطية.
- من خلال لجانه يتولى الجسم التشريعي الجديد اتخاذ ما يلزم من ترتيبات قانونية للاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على أساسه.
وحث عضو المجلس الأعلى للدولة البعثة الأممية لأن تنظر للمسألة الليبية من منظار واقعي يراعي مصلحة ليبيا والليبيين ليس من حيث تثبيت شخصيات هي مجرد (ظواهر صوتية عالية لا وزنا حقيقيا لها على الأرض) بحيث يتم إشراكها في حكم مرحلة انتقالية جديدة، فهذه ليست مسؤوليتها والبعثة ليست وصيا على الشعب الليبي ولا عليها أن تقدر وتلبي مصالح الدول التي شاركت في زعزعة الاستقرار وساهمت في قتل الليبيين وعرقلت مساعي الوصول إلى حلول سلمية، وإنما عليها أن تلتزم بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في حق الشعوب في تقرير مصيرها.
واستطرد الشاطر قائلاً: “البعثة الأممية في حاجة إلى شجاعة كافية لتقول للأعور حقيقته.. وعليها أن تدرك أن اختيار مجلس رئاسي جديد وحكومة منفصلة عنه لأداء مهمة يمكن أن يقوم بها المجلس الرئاسي الحالي وتكليفه بها اختصارا للوقت والجهد ومنعا لتكوين مراكز نفوذ جديدة، وإلا فان البعثة تعيد اختراع العجلة و تكرس لمرحلة جديدة من سوء الأداء والمناكفات والصراع على السلطة والغنائم”.
واختتم عضو المجلس الأعلى للدولة حديثه بالقول: “ليبيا حالة معقدة تحتاج لنوايا صادقة وصافية ولا ينبغي أن تزيدها البعثة الأممية أو المجتمع الدولي تعقيدا”.
اترك تعليقاً