الأرض أو الدولة مهما كانت غنية وذات موقع استراتيجي حتى وإن كانت بها جبال من ذهب وفضة وبحارها تمتلئ بالمسك والمرجان فإنها لا تساوي شيئاً إذا لم يكن من يعيش فوقها شعب يحمل في جيناته حبها أي الأرض وتقدير قيمتها.
الحضارة تصنعها قيم ومبادئ وأخلاق الإنسان وليس غناء الأرض… القيمة في الإنسان وليس في الأرض… وهذا دليل على ذلك وقارن بيننا وبينهم.
في الليلة التي عرف فيها سكان فيينا أن البريطانيين سوف يدخلون فيينا، ذهب كل أهالي فيينا كباراً وصغاراً إلى البنوك والمتاحف ومؤسسات الدولة، وكل شخص أخذ ما قدر على أخذه من الذهب والأموال والتحف والآثار والوثائق ومنها كانت جوهرة للإمبراطور النمساوي وصولجانه ومهد ابنه، وهي قطع لا تُقدر بثمن اليوم بالإضافة إلى سبائك الذهب، وكميات ضخمة من الأموال، وذلك قبل أن ينهبها الإنجليز وكان ذلك عام 1945.
وبعد انتهاء الحرب ونالوا استقلالهم عام 1955، بدؤوا بناء بلدهم من جديد. فقام “وهنا بيت القصيد”، كل شخص قام بجلب ما أخذه وأعاده للبنوك والمتاحف والمؤسسات العامة والخاصة، وبذلك، أعاد سكان فيينا بناء بنوكهم ومتاحفهم ومؤسساتهم من جديد، ولم يخسروا أي شيء من تاريخهم وثرواتهم، وأعادوا إعمار بلدهم من جديد.
عشر سنوات عجاف، كانت البلد تحت احتلال أجنبي، ولكن هذه التحف والأموال كانت محمية بكل عناية في بيوت الناس ولم ينقص منها شيء بالتعفيش والتهريب، بل تمت إعادتها كاملة لمؤسسات الدولة وللبنوك وللمتاحف، كما كانت دون نقصان بعد كل هذه الفترة العصيبة الطويلة.
هل عرفتم الآن لمن ستكون البلد؟
البلد الذي يتم سرقة بنوكه ومتاحفه وآثاره ومؤسساته ومعامله من قبل حثالة أهله وبيعها وتهريبها للخارج، لا تأمل من هؤلاء الخير حتى وإن أصبحوا من مالكي الملايين أو المليارات، فالذي يبيع تاريخه وتراثه وآثاره، هو مستعد أن يبيع للعدو الأجنبي سيادة واستقلال بلده وحرية أهله وكرامة شعبه ودماء شهدائه بثمن بخس.
هل عرفتم لمن ستكون البلد عندئذ؟
للحرامي وقاطع الطريق وضعيف النفس وعاشق المنصب الذي يشعر بالنقص الحضاري ويعاني من فقر الضمير.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً