سأتخذ ليبيا كمثال من وطننا العربي خاصة تلك البلدان التي اجتاحها ما يسمى تجاوزا بالربيع العربي وإلا فهو في الحقيقة جحيم عربي ولا أريد الخوض هنا في هذا المقام والمقال عن المؤامرات التي حيكت ولازالت تحاك ضد كل من قام ضد الظلم والجهل والفقر، أعود قائلا هل نحن في مثل هذا الوقت العصيب محتاجون إلى قادة مثل رئيس مجلس النواب، أو رئيس المؤتمر، أو رؤساء الوزراء، أو آخر عسكري أعتقد وأكاد أن أكون جازما أن قادة تلك الأجسام السياسية هم في الحقيقة ليسوا بقادة لأنهم لا يملكون مقومات وصفات القيادة؟.
قادتنا اليوم من أو من يتولون قيادة بلادنا اليوم هم أبعد ما يكونون عن القيادة فالقيادي يجب أن يتصف ومن هذه الصفات التي يفتقدها قادتنا في ليبيا هي القدرة على الاستماع والتواصل مع الآخرين أما في ليبيا فقادتنا كثيرا ما يرفضون الجلوس مع بعضهم ولقد حدث ذلك واقعا حين رفض رئيسي البرلمان والمؤتمر الجلوس مع بعضهما للتفاوض ومحاولة حل المشاكل التي تعاني منها البلد منذ الإطاحة بحكم القذافي ولأنهما قاصران فلم يستطيعا الجلوس مع بعضهما ولا القدرة على قيادة أعضاء المؤسستين ومن يتبعهما لمصلحة البلاد فما كان من الدول المهتمة بالشأن الليبي إلا أن يقوموا بجمعهم خارج البلاد ووصل الأمر بهذه الدول للتفاوض مع الطرفين الليبيين كلًّا على حدى، فأي قيادة هذه وأي وطن ننتظره من قيادة هذا حالها وهذا هو تفكيرها وهذه هي إمكانياتها ففاقد الشيء لا يعطيه وما أبعد القيادة عنهما وعن أي تواصل واستماع للآخر نحكي!.
ومن صفات القيادي القدرة على اتخاذ القرار المناسب وتحمل التبعات، هناك أشياء خاصة في ظل الظروف الراهنة المحلية منها والدولية تتطلب قرارات جريئة وقوية لتحقيق خطوات لابد منها للخروج من المآزق التي نحن فيها والتحالف مع دول يوثق بها من خلال النظر لمواقف تلك الدول وصدق تحالفاتها مع الأخذ في الإعتبار بحنكة وحكمة مصالح الآخرين التي لا تأتي بعد مصلحة الوطن.
ومن صفات النجاح التعاون والتشاور مع الآخرين فالعمل الفردي لن يقدم كثيرا مهما على صاحبه ومهما كانت قدرته فإذا لم يهتم القائد بمن يعملون معه لن يستطيع تطبيق الكثير على أرض الواقع والذي يعتقد أنه يفهم كل شيء فهو في الحقيقة قريب من ألا يفهم شيئا وكما يقول أبو نواس: فَـقُـلْ لِـمَـنْ يَـدَّعِـي فِـي الْـعِـلْـمِ فَـلْـسَفَةً حَـفِـظْـتَ شَـيْـئًـا وَغَـابَـتْ عَـنْـكَ أَشْـيَـاءُ.
ومن الصفات المهمة في القائد هي عدم استغلال منصبه لتنفيذ مصالحه الخاصة أو مصالح من حوله فتلك خاصية مذمومة ولن تصل بصاحبها إلا إلى طريق مسدود فالقائد يقدم مصالح من يقودهم على مصالحه ويتفانى في تحقيق مصالح من يمثلهم فلا تعارض بين مصالحه ومصالح من يقودهم ولا استغلال للقدرات المادية والبشرية من أجل تحقيق مصالحه الشخصية فتلك لا تمت للقيادة في شيء.
إن هذه ما هي إلا بعضا من مقومات القيادي الناجح الذي يريد أن يقدم ويتقدم بوطنه ويزيل عنه الغم والهم الذي نراه رأي العين في شوارعنا في سلوكنا في إضاعة أموالنا في قيادة مركباتنا في إدارة مؤسساتنا فأين قادتنا المزعومين من هذا وذاك!.
فما هي صفات القيادي الذي نحتاجه في هذه الفترة العصيبة من تاريخنا؟ القادة الذين نحتاج إليهم اليوم هم القادة الذين يجمعون الناس ولا يفرقونهم هم الذين يبحثون عما يجمع الناس والمجتمع وما يجمع الوطن ولا يفرقه ولا يفرقنا، الذين يبحثون عن القواسم الكثيرة المشتركة التي تجمعنا فلماذا لا نلتفت نحن كأفراد ويلتفت هؤلآء إلى هذه القواسم المشتركة التي تقوينا وفي المقابل يبحث كثير منا ومن قادتنا على حد سواء عما يفرقنا!.
لابد من الانفتاح على بعضنا واحترام الرأي الآخر دينيا كان أم سياسيا، فقد نكتشف أن من يخالف قد يكون صحيحا وقد يكون الحق بجانبه فلابد أن نكون مستعدين لتغيير الأفكار مادام الأمر في صالح الكل، الإنفتاح وقبول الرأي الآخر والجلوس معه بكل تأكيد يفتح أبوابا مغلقة نحتاج نحن والوطن أن تكون مفتوحة ليدخل منها الجميع لابد أن نكون قادرين على التفكير والتحليل.
من السهل أن نفرق بيننا وبين الآخرين ومن السهل أن نفرق بين الناس، ولكن ليس من السهل أن نجمع الناس لأن ذلك يريد منا أن نريهم أننا منفتحين عليهم ومتفهمين لأفكارهم وأراءهم.
إن الطريق إلى النجاح ليس انتقاد الآخرين، إنتقاد من يشاركونك الوطن، ولكن النجاح هو الجلوس معهم والتحدث إليهم ومشاركة الأفكار والتوجهات معهم فهم يريدون من الخير ما نريد ويكرهون من الشر ما نكره فكل ما يريده الجميع هو قيادة تجمع الجميع في ظل مصلحة الجميع. فهل نريد قادة ينتصرون لأفكارهم ولأنفسهم ومصالحهم أم نريد قادة يجمعون الناس ويعملون على بناء الوطن على أسس من الحق والعدل؟.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً