في غياب تيار وطني مستنير، تتعاظم صيحات المتاجرة بالجنوب من كل الملل والنحل، ومن كل المستويات العالية والدنيئة. الجنوب بتكويناته المختلفة لاتوجد ضغائن بين أفراده، ولكن سنوات الجمر المتوالية منذ عقود طويلة خلقت مجموعات مصلحية مسلحة متناحرة لها غل دفين فيما بينها لا يستطيع الحكماء ولا الوسطاء وإيجاد حل بينها، ببساطة لآن الحل يتعارض مع مصالحهم.
من الناحية الديموغرافية لمعظم قبائل الجنوب إمتدادات في الدول المجاورة، التبو لهم تبو التيدا والدازا وحلفائهم كمجا في تشاد وهم سكان تيبستي (بركو)، وأولاد سليمان لهم المحاميد والقرعان في تشاد والطوارق لهم إمتداد في مالي والنيجر. ولقد قام الحُكم المباد بإستغلال هذه المجموعات في حروبه مع تشاد منذ السبعينات عند تأسيس جبهة فرولينا ضد تومبلباي، إلى محاربة حسين حبري، مما جعل الكثير من التبو يكتسب حق التنقل في ليبيا كمساندين للجيش، بل شجعهم على الإقامة والحصول على أوراق ثبوتية (تم إلغائها لاحقا)، إضافة إلى التزوير للأوراق الرسمية .
من المتاجرين بالجنوب مسعود عبد الحفيظ (حامي حمى الجنوب) الذي أصبح صهرا لكوكوني وداي، وأصبح تبو تشاد لهم موقع قدم في ليبيا، وآخرهم عيسى عبد المجيد الذي يدعي أن أرض التبو إلى أجدابيا ثم بقدرة قادر أصبح مستشارا للمجلس الإنتقالي ثم لرئيس مجلس النواب. بحكم الجغرافيا والتاريخ كان الجزء الجنوبي الشرقي تحت تنافس مجموعات التهريب من قبائل الزوية والتبو، وقد إنعكس ذلك على الوضع الإجتماعي والأمني في الكفرة، حيث تم تهميش التبو ومنعوا من الإشتراك في مؤسسات الدولة بالمدينة، ولذلك رفع هؤلاء السلاح فأصبحت الكفرة في قلاقل لا حد لها في غياب القوى الرادعة من الدولة.
أما المهربين من قبيلة أولاد سليمان والقبائل العربية الأخرى فكانو جزء من توازنات المنطقة بالجزء الجنوب الغربي والوسط، وهم المشرفون على عمليات التهريب للكثير من البضائع وخاصة السجائر لسنوات عديدة بين السودان وليبيا مرورا بتشاد، والبضائع المدعومة والوقود من ليبيا. التغير الذي طراء على الموقف في السنوات الماضية أمران، أولهما غياب سلطة الدولة، والأخر قيام مجموعات التبو بتعزيز تواجدها غرباً في أم الأرانب والقطرون وتجرحي ومرزق وأباري وأخيرا سبها حتى الحدود التشادية بمساعدة تبو الكامجا، هذا الإجراء ضيق الخناق على مجموعات التهريب من القبائل العربية والمواليه لها على الضفة الأخرى، ناهيك عن إخراج الطوارق من المشهد إلى حد كبير.
معالجة الحكومات المتعاقبة لهذا الأمر كان سيئا بسبب عدم القدرة على التأمين العسكري، فالقوة الثالثة لم تستطيع إجتياز ستون كيلومترا جنوب سبها، إلا أنها إستطاعت تأمين المدينة والمدن الشمالية وحقل الشرارة، ونتيجة سؤ إدارة التيار القبلي ومجموعات التهريب خرجت القوة الثالثة ليحل مكانها فصائل الكرامة بقيادة البرعصي وبن نايل الذين تمركزت قواتهم في تامنهنت بالشمال وتركوا سبها وما بعدها في فوضى عارمة من خطف وقتل وحرابة وقتال بين مجموعات التهريب. بالمثل نصبت الكرامة كتيبة سبل السلام السلفية (جل ابنائها من الزوية) للتحكم في مداخل ومخارج الكفرة، الأمر الذي أدام التدمر في تلك المنطقة وجعلها على صفيح ساخن، وهذ التصرفات لا تعدوا أن تكون مظاهر إعلامية من أجل إدعاء أن 80% من ليبيا تحت تصرف قوات جيش الكرامة.
النظام السابق لعب بتلك المكونات جميعاً، فمن ناحية أزال عن التبو صفة المواطنة بعد خسارة قطاع أوزو الحدودي، قام بتجنيد الكثير من أبنائهم في الجحافل الأمنية 219 والكتيبة 77 واللواء 32، وسار على سنته من بعده في حرب فجر ليبيا وحروب بنغازي. إلى الأن راح ضحية حروب التبو مع الزوية أكثر من 300 ضحية، وحروب أولاد سليمان مع التبو أكثر من 500 ضحية، وما يقارب ذلك بين التبو والطوارق.
إذا تجاوزنا منطق السلاح عند مجموعات التهريب نجد منطق مشابه عند العقلاء، فكل منهم يخاف التهميش والإقصاء بسبب التمثيل السكاني الضعيف، ولذا لا مانع لأي منهم من إستدعاء إمتداداته في الدول المجاورة للمشاركة في زيادة تعداده السكاني، وهو ما يجعل الجميع يتهم الأخر بمحاولة التغيير الديموغرافي للجنوب، وفي غياب إصدار أوراق رسمية للتوطين تعيش مجموعات كبيرة منهم إما بأوراق مزورة سهل الكشف عنها أو بلا أوراق ثبوتية، وفي الحالتين يمكن ترحيل هذه المجموعات عند قيام دولة قوية تحافظ على حدودها من تعدي الهجرة غير الشرعية، وهو ما يجعل هذه المجموعات حريصة على إدامة الفوضي.
مشكلة التهريب تعاني منه ليبيا جميعا عند حدودها الأربعة بصور متفاوته، ولكن مشكلة الجنوب أن الأمر منتشراً أكثر من غيره بسبب عدم وجود تنمية بشرية، وأعني بذلك تأهيل الشباب، فمثلا في حقلي السرير ومسلة وحقول ابوالطفل والنافورة وبالمثل في حقل الشرارة والفيل قلما تجد شباب من الجنوب من العاملين في القطاع الفني أو الإداري ويقتصر تواجدهم في الكتائب الأمنية، أو الحراسات على مشارف الحقول. بالمثل تحول قطاع كبير من الملاك وأصحاب الأموال من الجنوب إلى المدن الكبرى بالشمال، وبقيت مدن الجنوب دون إستثمار من الدولة ولا من أهلها مما جعل العمل في شبكات التهريب من الوقود إلى الذهب مرورا بتهريب المواد الغذائية والهجرة غير الشرعية والسيارات المستعملة، العمل الرائج والمجزي لجميع فئات الشباب من كل المكونات.
الجنوب لن يهداء له بال على ما هو عليه، لن ينفع إتفاق الدوحة ولا إتفاق روما ولا مجموعات المصالحة التي يحسب لها إطفاء النيران، ولكن مأ أن تخبوا واحدة حتى توقد غيرها في الجنوب، هذا يؤكد أهمية وجود قوة نظامية ضاربة، إما أن تشكل على نمط الحرس الوطني في الجنوب يستثنى ويستبعد عنها كل الرموز المشبوهة السابقة، أو ترسل لها قوة ضاربة من الشمال على غرار البنيان المرصوص لردع اللصوص وتفكيك شبكات التهريب وتأمين الطرق، وبذلك يهنا الجنوب والشمال معا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اخي الكاتب عيسى الجنوب كان هدفا لبداية مشروع الوطن البديل لازواديين وزنوج وفئة عائدون وبعد فبراير تعاظم هذا المشروع التوطيني بدلا من كبح جماحه
اخي القامة الوطنية عيسى بغني على ذكرك القامة الوطنية فاضل المسعودي تذكرت قامات وطنية عظيمة في اردننا الغالي يشبههم بعض الشئ وهم الشهيد وصفي التل وعبد الحميد شرف وهزاع المجالي وحابس المجالي والشيوعي الوطني عوني فاخر والشهيد ناهض حتر والقامة الوطنية سالم عبد المجيد الحياري وموسى العدوان وماجد العدوان وسميح بينو وابراهيم الحباشنة وعلي الحباشنة وسالم العيفة وملحم التل