تستعد شبكة قنوات الجزيرة المملوكة للعائلة الحاكمة في قطر لبسط نفوذها على إفريقيا رغبة في تقويض الهيمنة الإعلامية لفرنسا على القارة السمراء، بإطلاق نهاية العام الجاري قناة إخبارية ناطقة باللغة الفرنسية تبث من العاصمة السنغالية داكار.
وأكدت صحيفة لوفيغارو، المقربة من حزب “الاتحاد من اجل حركة شعبية” الحاكم سابقا في فرنسا، أن “الجزيرة قررت تركيز اهتمامها على القارة الإفريقية بعد غزوها للعالم العربي وإطلاقها لقناة إخبارية ناطقة باللغة الانكليزية ولمحطات بالتركية وأخرى خاصة بدول البلقان”.
وأوضحت الصحيفة أنه “إذا كان إطلاق قناة للجزيرة ناطقة باللغة السواحيلية (إحدى اللغات الإفريقية) يشكل ردا على احتكار شبكة بي بي سي ووسائل الإعلام الإفريقية-الجنوبية للمشهد الإعلامي بدول وسط وشرق إفريقيا، فن إطلاق قناة فرانكفونية يهدف أساسا إلى تقويض الهيمنة الإعلامية لفرنسا داخل دول غرب إفريقيا وربما أبعد من ذلك”.
اختيار داكار
وعن اختيار داكار بدلا من باريس لبث برامج القناة الفرانكفونية، نقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين السابقين بـ”الجزيرة” القول بأن من أهم الأسباب ”تعقيد التشريعات الفرنسية التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى التخلي عن هذا المشروع، بينما سيكون بإمكان الجزيرة التغلب على مثل هذه القيود في السنغال”.
وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته بأن “مسؤولي الشبكة الإعلامية القطرية استاءوا من اقتحام القناة الفرنسية الناطقة بالعربية ‘فرانس 24’ للمشهد الإعلامي في عز ‘الربيع العربي’ العام الماضي حيث تراجع أداء الجزيرة، مما أوحى بفقدان القناة لمصداقيتها في نظر الرأي العام العربي”.
وكانت “فرانس 24” قد حققت آنذاك تفوّقا غير مسبوق واحتلّت المرتبة الثانية، مقاربة نسبة مشاهدة قناة “الجزيرة” ومتخطية قناة “العربية” المموّلة سعوديا، وفقا لإحصاءات لمعهد “ايبسوس”.
التّأقلم مع الوضع الجديد
ومن الأسباب السياسية التي جعلت إدارة الشبكة القطرية تتجه إلى داكار بعدما كانت قد قررت في وقت سابق بث برامج القناة الفرانكفونية من باريس، فقدان الدوحة لحليفها نيكولا ساركوزي. وكانت الدوحة قد نسجت علاقات وطيدة مع باريس إبان فترة حكمه، بداية من سنة 2007.
“فقد رمت قطر بكل ثقلها في بعض الملفات السياسية الخارجية، سواء تعلق الأمر بليبيا، من أجل إطلاق سراح الممرضات البلغاريات أو بطرد الزعيم الليبي معمر القذافي من السلطة، أو من أجل القيام بنفس الشيء مع الرئيس بشار الأسد. لكن بعد انتخاب فرانسوا هولاند، تغير الوضع”، كما قالت لوفيغارو.
وقد كشفت عدة صحف ومجلات فرنسية مؤخرا عن عزم الرئيس الجديد فرانسوا هولاند كبح طموحات شبكة الجزيرة التي استحوذت على حقوق النقل الحصري للمنافسات الرياضية المحلية والأوروبية.
وكشفت لوفيغارو عن أن “قطر سعت لعقد اتصالات مع الرئاسة الاشتراكية الجديدة”. ونقلت الصحيفة عن أحد رجال الأعمال الفرنسيين الذين يتمتعون بنفوذ قوي داخل البلدين أنه “تلقى اتصالا من أحد أبناء أمير قطر، اشتكى له من خلاله من عدم وجود أي أشخاص داخل اليسار ممكن لهم لعب دور الوساطة بين الدوحة والسلطات الجديدة”.
وكشفت الصحيفة كذلك عن أن “قائد الدبلوماسية القطرية، رئيس الوزراء حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، سبق وأن التقى في سرية تامة فرانسوا هولاند خلال الحملة الانتخابية. كما أن وزير الخارجية الفرنسي الحالي، لوران فابيوس، اُستُقبل الربيع الماضي من قبل أمير قطر” الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وتساءلت الصحيفة “هل يكون الطرفان قد تطرقا لموضوع الجزيرة بالفرنسية خلال لقائهما؟”.
قطر تتجه بمالها نحو إفريقيا وتطرح “تحالفا” واعدا
وقد سبق المال القطري اتجاه الجزيرة نحو المشاهدين الفرانكفونيين في إفريقيا.
بدأت قطر بالتخطيط لاستثمار ملياري دولار في السودان، من بينها شراء سندات حكومية أصدرتها الخرطوم، إلى جانب الاستثمار في قطاعات الزراعة والتنقيب عن النفط.
ومنذ أواخر 2010، أطلقت قطر مبادرة لـ”تعزيز الامن الغذائي في البلدان الإفريقية القاحلة”، بطرحها مشروع “‘التحالف العالمي للأراضي الجافة’.
وفي وقت سابق، أكد رئيس البرنامج الوطني للأمن الغذائي بقطر٬ فهد بن محمد العطية، أن المغرب سيكون من بين المؤسسين الأوائل لهذا التحالف.
وأبرز العطية أن “الأمن الغذائي في قطر يوجد في وضع غير مستقر”٬ نظرا لاعتماد الإمارة البترولية والغازية على الواردات الزراعية الأجنبية بشكل شبه تام. ما دفع بالدوحة إلى الدعوة إلى هذا “التحالف” الإستراتيجي.
اترك تعليقاً