لم ننعم فى وطننا ليبيا…..يوماً بالحرية والأمن والإستقرار منذ خمسة قرون فمن العهد العثمانى الأول الذى كان يُمارس على شعبنا الطيب أبشع أنواع التنكيل والإستبداد وهتك الأعراض حتى أن هذا العهد كان يقوم بتطبيق حكم الإعداد ذبحاً أمام الناس علناً وقد حدث ذلك فى مدينتى درنه أن قرر ذلك العهد بإعدام (16) مواطناً من عائلة واحدة لرفضهم دفع الميرى (الضرائب) التى أثقلت كاهل المواطنين بينما هناك طبالين وبندارين لكل عهد فى أى مدينة وأى قرية أو نجع فى وطنى ومنذ خمسة قرون ، وزيادة فى التنكيل والتخويف والإرهاب فقد تم ذبحهم على إحدى غرف سواقى درنه بمنطقة المغار حتى يُشاهد ذلك أهل درنه لبث الرعب والخوف فى قلوبهم ولكى ترتعد فرائصهم بحيث لا يتجرأ أى مواطن مُستقبلاً على عدم دفع الميرى ، هذه الواقعة حدثت فى سنة (1702) م ولدى الوثائق والمستندات على هذه الحادثة الأليمة وأسماء من نفّذوا هذه الجريمة من أهل المدينة بإشراف الأتراك … ويأتى بعده نظام إستبدادى دموى آخر وهو العهد القرمانلى الذى حكم الليبيين بالحديد والنار وتآمر على طرد أهلنا خارج حدود الوطن ، فقد مارس القتل والقهر والتهجير والسلب للممتلكات ناهيك عن قطع الأرزاق وهتك الأعراض ، فيوسف باشا القرمانلى لا زال فى ذاكرة الليبيين .. ثم العهد العثمانى الثانى الذى حاول جاهداً أن يُغير فى حياة الليبيين شيئاً ولكنه كان متأخراً ولم يتمكن من تغيير شيئاً فى ليبيا سوى محاولة تنظيم الشؤون المدنية والحركة الإدارية والقانونية وتنظيم سجل العقارات والممتلكات حتى دخل المستعمر الإيطالى فجأة ، وهنا بدأ الليبيون يشعرون بأنهم فقدوا كل شئ وتُركُوا للمستعمر يواجهون مصيرهم لوحدهم ولكن إيمانهم بالله تعالى وحبهم لوطنهم الذى كان فوق كل إعتبار إستطاعوا أن يُشكّلوا مُقاومة عنيفة ضُرب بها المثل على مستوى الوطن العربى والعالم حتى تحرر وطنهم وحصل على إستقلاله.
أقول … لقد كان للقرون المُظلمة التى مرّت على الشعب الليبى ليس بالأمر الهين ولا السهل فقد خرجوا من رحم تلك القرون يُهيمن عليهم الجهل والفقر والمرض والتخلف ، لكن الشعب الليبى شعب مُسلم بالفطرة فقد إنتفض من أجل تحرير بلاده بقيادة المُجاهدين الأبطال فى كل أنحاء الوطن حتى تحررت ليبيا وتكونت الحركة السياسية من خلال حياة برلمانية ونواباً وحكومة وإدارة متقدمة وبدأ الإستقرار والأمن يستتب فى أرجاء الوطن ورزق الله تعالى هذا الشعب بظهور النفط فى الستينيات هدية من العلى القدير لهذا الوطن المظلوم الذى عان ويلات الإستبداد ، وجزاءَ وتقديراً للشهداء الأبرار والدماء التى سالت من أجل تحرير ليبيا.
فى ليلة ظلماء قفز بضع من الضباط الصغار من أنصاف المتعلمين بقيادة القذافى الذى أطاح بحكومة الملك إدريس السنوسى حيث إستفرد القذافى بالسلطة لوحده نتيجة لضعف من كانوا معه وإستخفافاً بشخصياتهم المهزوزة ويبدوا أنه كان يُخطط لذلك بدعم من المخابرات العالمية أمريكية وإسرائلية وبدأ أولاً فى إغتيال من قاموا معه بتنفيذ الإنقلاب واحداً بعد الآخر حيث كنا نسمع عنها مثل حوادث السيارات وإسقاط من طائرات وحقن مسمومة ورصاصات غدر من الخلف وهاكذا … ثم فتح السجون من أجل كل من يُعارضه الرأى فقُتل من قتل وهرب من هرب وهُجّر من هُجرّ وهاجر من هاجر وُطرد من ُطرد أما من تبقى فإما إنخرط فى سياسة النظام خوفاً أو من أجل لقمة العيش أو ممن كانوا يحبون السلطة والتسلط فقد وجدوا ضالتهم فى ذلك النظام وهناك من أخذ جانياً يرفع شعار (وطى راسك يا طويل) !! وهناك من حاول إستخدام الهامش البسيط من الحرية ولكنه لم يسلّم من أجهزة النظام تحقيقاً وإستدعاءً وهكذا أصبح مُتابعاً فى تحركاته إلى جانب فقدانه لأبسط حقوقه ، إلى أن تفجّرت إنتفاضة الشعب الليبى التى فتحت الطريق لجميع من كانوا فى الخارج لأى سبب من الأسباب للرجوع إلى ليبيا والجلوس فى مقدمة الصفوف فمنهم من كنا نقرأ له ونعرف مدى مُعارضته الحقيقبة للنظام ومنهم من كان مُختبئاً مرة مع النظام ومرة ضده حسب المصلحة !! ولم ندرك أن المعارضة عملية نسبية إلا من خلال المعارضة الليبية !! ولكن اليوم كلهم أبطال إما فى المؤتمر أو فى الحكومة أو سفراء فى الدول التى يحملون جنسياتها أو يُجهزون أنفسهم لرئاسة الشركات الإستثمارية الخارجية . أى أنه لم يتغير شئ فلكل زمان رجاله عفواً (أشخاصه) كما وضع شلقم عنواناً لكتابه.
لا شك أن الإقطاع السياسى الجهوى القبلى الذى حدث فى ليبيا طيلة أربعة عقود سيظل عالقاً فى أذهان عشائر وقبائل وعلائلات ومدن وقرى ونواجع ليبيا التى كانت محرومة من حقها الطبيعى فى الثروة الليبية التى لم يكن لها حدود وقد كان الجُزء الأكبر من هذه الثروة يوزع بين قبائل بعينها ، وكلكم تعرفون هذه القبائل والمناطق ،فالفائض من هذه الثروة الليبية المُتبقية من القذافى وأولاده كانت تُضخ لأتباعهم على هيئة أرصدة فى الخارج وعقارات ومزارع فى الداخل وعلاج فى أرقى مستشفيات العالم وإيفاد لأبنائهم .. حتى إننى اتذكر أن أميناً للتعليم (وزيرا) من النظام السابق من تلك القبيلة التى تعرفونها .. قال أن لدينا فى منطقتنا ويقصد بها قبيلته لدينا ما يقرب من (3000) ممن يحملون شهادات عليا ماجستير ودكتواره .. أليس هذا ظلماً فى حق باقى الليبيين الذين حُرموا من حقوقهم.
أقول .. على الليبيين أخذ الحيطة والحذر فما يحدث فى ليبيا اليوم هو إمتداد لما يحدث فى مصر إيدولوجيات أكل عليها الدهر عليها وشرب فقد إنتهى عهد إرتداء (الجلابيب الإسلامية السياسية) والإختفاء وراء الكواليس فنحن لن نرضى أن نُحكم بهذا الأسلوب ، هذه المجموعة التى كانت تأتى فى آخر الطابور وترفع صوتها من الخطوط الخلفية تنتهج البرجماتية فكراً واللعب بالبيضة والحجر منهجاً ، تتعامل مع هذا أو ذاك حتى تصل إلى أهدافها ومصلحتها ، وأيدولوجية أخرى ليبرالية الشعارات وعلمانية المنهج والسلوك يمكن أن يُطلق عليهم (إخش القش وما يخربش) إذا تحدثوا بإمكانهم أن ينيموا مدينة بكاملها فى العسل بشعاراتهم وأسلوبهم وكأنهم متخصصون فى التنويم المغناطيسى لديهم خبرة فى الإنبطاح وبرادة الوجه فهم على إستعداد لإستقبال الصفعة على الوجه ، المهم أن يصلوا إلى أهدافهم للجلوس على الكراسى حتى ولو عن طريق خفة القيمة.
أقول لأهلنا فى ليبيا .. اليوم اللعب على المكشوف لقد بدأت هذا الكيانات السياسية الحزبية التلاعب بالشعب الليبى وبمستقبله سواءً الكيانات الكبيرة أوالصغيرة ، والإحباط والتذمّر بدأ يتغلغل فى أركان الوطن والثورة التصحيحية قادمة لا محالة لو إستمر هذا المؤتمر الوطنى فى سياسياته غيرالواضحة .. فمن لديهم أكثرالمقاعد من الكيانات يجتمعون اليوم مع بعضهم دون حجاب بالرغم من كراهيتهم لبعضهم ولكن شعارهم ( الغاية تبرر الوسيلة) هؤلاء إخونجيون وأولئك ليبراليون وعلمانيون لا يلتقون إلا فى توزيع الحقائب بالرغم من أن كبيرهم قال لن أشارك فى الحكومة ونحن نعلم أنه (زامق وإيدا فى القصعه) … أيها السادة ألا توافقوننى أنه لم يتغير شئ على ليبيا ، فما الفرق بين (المؤتمر الوطنى العام ومن فيه من نواب العديد منهم وصلوا بالضحك على الذقون ! ) و (ما يسمى مؤتمر الشعب العام وما فيه من أعضاء من أنصاف المتعلمين والجهلة أو كما يطلق عليهم اللوحات ) !! فهؤلاء عبارة عن لوحات على الكراسى صم بكم عُمى لا يعقلون جاءوا عن طريق التصعيد فى المرابيع توزيع قبلى ومناطقى وجهوى .. وأولئك قالوا عنهم جاءوا بإنتخاب صناديق الإقتراع بإستخدام ضخ الأموال من أجل الدعايات الإنتخابية من قبل ما يسمى الكيانات الذين كان رؤساؤهم يتنقلون بين المدن والقرى الليبية ينشرون أفكارهم فى مجتمع طيب وبسيط حتى أننى سمعت من أحد المواطنين يتحدث عن شخص علمانى بأنه من (أولياء الله الصالحين) ، وقال عن آخر مُلتحى بلحية خفيفة إخونجى المعالم (نُمسكوا فى طرفه سيوصلنا إلى بر الأمان !!) لقد إستطاعوا أن يهيمنوا على المجتمع ويستقطبوا العناصر الساذجة البسيطة وضخوهم فى الإنتخابات كعناصر مُستقلة وهو ما تحدثت بشأنه فى أكثر من مقالة .. النتائج اليوم أمامكم واضحة للعيان أيها السادة لقد هيمنّوا على السلطة فى ليبيا ولن تتاح الفرصة لآى مواطن ليبى وطنى حر أن يكون له مكان فى السلطة الليبية إلا إذا كان يتبع لهذه الكيانات أو مدعوماُ من أحد أتباعها التُبع . والأيام القادمة ستتضح فيها الأمور أكثر وأكثر ما لم يكن للشعب وقفة قوية أو هزة لهذه الكيانات فسترون كيف يتساقطون مثل الرطب (المخّوخ) فليس هناك أهداف حقيقية تربطهم مع بعض سوى المنفعة والمادة وما سيحصُلون عليه من أموال الشعب الليبى فأحذروا الإقطاع السياسى الإسلامى او العلمانى والليبرالى فهؤلاء لا تربطهم علاقة وطن (فإنتماؤهم لأيدولوجيات تقيم خارج الوطن) ولدول يحملون جوازات سفرها فعندهم المنفعة والمصلحة أولاً وأخيراً، يتحدون بعضهم فى المساء ويهاتفون بعضهم آخر الليل ليقولوا لبعضهم لقد كان الصدام مسرحية فنحن أقرب لبعضنا من أى كان … لقد فشل الإنتقالى فشلاً ذريعاً وفشلت حكومة جبريل التنفيذية وفشلت حكومة الكيب وها هو المؤتمر الوطنى يتأرجح بضربة من هنا وضربة من هناك وسقوطه بدأ يلوح فى الأفق والمثل الشعبى يقول (إللى ما فرس بوك أتوقعك) فلا زعامة ولا قيادة بدون مرجعية تاريخية وأصالة وجذور نقية ضاربة فى الأرض وإنتماء وطنى حقيقى ، فكاريزما الشوخة عند الليبيين تولد مع الإنسان ولا تُوهب بشهادات عليا مزورة ولا دفنقى من خلف مكبرات الصوت.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
لم يفسد الحياة السياسية في ليبيا شيء بقدر ما أفسدتها قوانين المجلس الانتقالي تلك القوانين المليئة بالعيوب والثغرات
لقد قلت الحقيقه المره التى كنا نتكابر على ذكرها ولكن اليوم طفح الكيل نحن اول من ضحه واخر من يستفيد ليس المقصود المادى \ ولكن للمواطن فى جميع انحاء ليبيا \\ لقد نزلت دمعتى من هذه السطور لحبى لليبيا واقول لك شىء الثوره التصحيحيه قادمه لامحاله والسيل قادم كما قدم وادى مدينى درنه 1959 \\صدقنى لن نقف مكتفى الايدى ولكن نحن بطبعنا صبورون \\\ الى ايصبر مايندم \\\\ والسلام