إن هذه الجيوش العربية التي ترونها ليست للدفاع عن الإسلام والمسلمين وإنما هي لقتلكم، ولن تطلق طلقة واحدة على اليهود.. سيد قطب رحمه الله.
الإجرام الذي مارسه معمر القذافي على الليبيين لمدة اثنين وأربعين عاما لا يساوي شيئا أمام الإجرام الذي يمارسه خليفة حفتر منذ 16 مايو 2014 وحتى الآن،كلاهما مجرم طاغية سفاح سلط أبناءه وأبناء عمومته على الليبيين، لكن حفتر تفوق على القذافي بمراحل كبيرة جدا، القذافي استهدف البلاد وخصومه بإجرامه وكان يخاف ثورة الشعب عليه، أما حفتر فاستهدف كل شئ، لم يترك شيئا، مليشياته استباحت ليبيا وشعبها وحاضرها ومستقبلها، بل ورَهَنَ البلاد بعمالته للأقزام حكامِ أبوظبي والقاهرة، هذه حقائق لا يمكن أن ينكرها أحد، سيؤكدها التاريخ عندما يحكي للأجيال القادمة من الليبيين عما عانته بلادهم خصوصا خلال هذه السنوات على يد شذاذ الآفاق الحفتريين، عسكريين وساسة، الأحياء منهم والأموات على حد سواء.
في الأيام الماضية قلت لأحد الزملاء الصحفيين إنني أصبحت لا أشك في أن دفعة الجيش الملكي التي كان من طلبتها معمر القذافي وخليفة حفتر و عبد السلام جلود ومصطفى الخروبي والخويلدي الحميدي وأبوبكر يونس جابر هي دفعة ملعونة، عصابة انقلابيين مستبدة قذرة ظلمت ليبيا وتاريخها ومستقبلها، ضباطها يتحملون المسؤولية التاريخية عن التخلف و الخراب والدمار والوبال والشر الذي تعيشه ليبيا منذ سبتمبر 1969 وحتى الآن، وثبوا على السلطة ودمروا البلاد ووضعوها في مصاف الدول المتخلفة، بعد أن افتكوها من نظام ملكي كان يسير بها نحو التقدم.
أذكر أنني في أحد لأعوام قبل 2011 تحدثت مع ضابط برتبة عقيد كان ناقما على الأوضاع حينها، قال لي إن حجم الفساد المالي والأخلاقي وحجم النهب للمال العام في الجيش لا يمكنك تخيله أو تصوره، وخصوصا في أيام ذكرى الاحتفال بنكبة سبتمبر، وهذا خلق حالة من الخَور والانهزامية في نفوس ضباط الجيش المُهمَّشين ستجلعهم ينتقمون من الليبيين إذا أتيحت لهم الفرصة، لأنهم عاجزون عن مواجهة معمر القذافي أو الانقلاب عليه.
صدمني كلام ذلك الضابط حينها، لكن الآن وبعد تجربة أدركت أنه كان صادقا في كل ما قاله،وللأسف هذا ما حدث، و للأسف الشديد أن هذا الضابط الآن برتبة لواء في عصابات حفتر المسلحة.
الجيوش في عالمنا لاتريد أن تترك لنا خيار حكم بلادنا كبقية الشعوب التي قادها رؤساؤها المدنيون إلى النهضة والتقدم، هذه الجيوش تريد أن تحكمنا أو تقتلنا، ليس هناك خيار آخر، لديها شبق بشع للحكم لا يمكن تخيله ولا حدود له، تتوثب للاستيلاء بالقوة على السلطة كلما أتيحت لها الفرصة، لا تجيد سوى الانقلابات وتدمير الشعوب، هي سبب المأساة المُهينة التي نعيشها منذ واحد وخمسين عاما.
بعيدا عن هوس ارتداء اللباس العسكري ووضع الرتب على الأكتاف والنياشين على الصدور، وبعيدا عن دخول الكليات العسكرية وإفرازاتها في مجتمعاتنا ينبغي على الليبيين أن يفكروا لأولادهم في غد أفضل، أن يبحثوا لهم عن فرص أفضل تمنحهم الاحترام والحياة الأفضل والأكرم، بعيدا عن جحيم العسكرة التي لا تفرز في عالمنا الثالث سوى شخصيات مهزومة ومأزومة وغير سوية،لا تجيد سوى التسلط والإهانة والاحتقار وأحيانا العمالة إذا سنحت لها فرصة حكم الشعوب المغلوبة على أمرها.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً