يشترك أمازيغ ليبيا مع غيرهم في الطموح إلى ليبيا آمنة مستقرة يعيش مواطنوها بحرية وكرامة، بعيدًا عن القهر الذي عاشوه لأكثر من أربعين عامًا، ولكنهم ينفردون عن بقية الليبيين في مطالب وطموحات أخرى.
وتمثل انتخابات المؤتمر الوطني العام (البرلمان أو المجلس التأسيسي) السبت المقبل أملاً كبير لهم، إذ يعتقدون بأن الثورة لم تنصفهم، وأن الأجهزة الإدارية والسياسية الجديدة واصلت نفس نهج الراحل معمر القذافي في عدم الاعتراف بهويتهم الثقافية.
وتقول أرقام متداولة غير رسمية إن الأمازيغ يشكلون ما بين 5 و10% من سكان ليبيا الذين يقاربون ستة ملايين.
لكن ناشطي الأمازيغ وقياداتهم يؤكدون أن نسبة المتحدثين بالأمازيغية في ليبيا تفوق 20%، أما المنحدرون من أصول أمازيغية فهم غالبية سكان ليبيا بحكم أن الأمازيغ هم السكان الأصليون لهذه البلاد، حسب قول سليمان ميلود أعريبي عضو مجلس أعيان مدينة جادو بالجبل الغربي.
ويحث مجلس أعيان مدينة جادو الذي يضم عددًا من مشايخ المدينة والقرى التابعة لها، السكان ليشاركوا في انتخابات المؤتمر الوطني الذي سيتولى –من بين أمور أخرى- كتابة دستور جديد لليبيا.
وتلك المهمة بالذات (كتابة الدستور) هي ما يحفز سكان جادو ذات الأغلبية الساحقة -وربما المطلقة- من الأمازيغ، للتصويت في الانتخابات المرتقبة مثل غيرهم من الأمازيغ المنتشرين في مدن وقرى الجبل الغربي، أو ‘جبل نفوسة’ كما يفضلون تسميته.
ويؤكد رئيس مجلس أعيان جادو علي السيفاو قائد أن المؤتمر الوطني هو الأمل الأخير بالنسبة للأمازيغ، بعدما فشلت كل الحكومات المتعاقبة في التعاطي مع القضية الأمازيغية ‘بإنصاف’.
وأضاف أن أمازيع ليبيا يريدون تثبيت هويتهم في الدستور الجديد، عبر دسترة اللغة والهوية الأمازيغيتين.
وقال الباحث في التاريخ الأمازيغي ميلود عامر محمد إن تلك المطالب جزء من الحياة التي بدأت تدب في الجسد الأمازيغي المنهك بفعل القهر السابق. وكغيرها من بلدان الربيع العربي تشهد ليبيا انفجارًا في المطالب ذات الطبيعة الاجتماعية والثقافية، وهي مطالب ظل القذافي يقمع أصحابها طيلة فترة حكمه.
وأكد عامر محمد أن ما يريده أمازيع ليبيا اليوم هو تسوية عادلة لمطالبهم التي يتصدرها مطلب ترسيم لغتهم لغة ثانية، وخاصة في المناطق ذات الكثافة الأمازيغية. ولا تنحصر مطالب الأمازيغ في جانب الثقافة والهوية فقط، فهم يريدون أيضا شراكة وطنية.
وأشار ميلود اعريبي إلى أن القذافي لم يعين منهم أي أمين (وزير) طيلة فترة حكمه الطويلة، وأن المجلس الوطني الانتقالي تجاهلهم في الحكومة الانتقالية، وهو وضع يرى أنه غير منصف وغير قابل للاستمرار.
ومع تلك المطالب الثقافية والسياسية العالقة التي يعتقدون بأنها يجب أن تكون على جدول أعمال البرلمان القادم، لا يلمس المرء أي حراك قوي في شوارع جادو، المدينة الهادئة الجميلة التي تتربع فوق مرتفعات جبلية ساحرة في الغرب
ذلك الهدوء الطبيعي يوازيه هدوء انتخابي -حسب ما يرى ممثل المفوضية العليا للانتخابات في جادو صالح أيوب الأيوبي، حيث لم تسجل -حسبه- أي حوادث انتخابية أو نزاعات أو مشاجرات بين المرشحين وأنصارهم.
ويفوق عدد سكان مدينة جادو 26 ألفًا، وفيها 12 مرشحًا يتنافسون على مقعد واحد في المؤتمر الوطني، وسيجري التصويت في سبعة مراكز.
اترك تعليقاً