أي اقتصاد سيكون الأسرع نمواً في العالم؟ اجابة هذا السؤال تبدو مفاجئة تماما: انه اقتصاد ليبيا، التي من المنتظر ان يبلغ نمو ناتجها المحلي الاجمالي %122.0 وذلك وفقا لحسابات صندوق النقد الدولي وتوقعاته.
وسيأتي هذا النمو مدعوما بتعاف أسرع من المتوقع لقطاع النفط، وذلك في أعقاب انكماش متسارع بنسبة ناهزت %60.0 خلال العام الماضي بسبب أحداث الصراع الداخلي التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي.
وستكون هذه ثاني أعلى نسبة نمو خلال فترة تمتد الى أكثر من ثلاثة عقود (1980 – 2012)، حينما توسع اقتصاد غينيا الاستوائية بنسبة %120 عام 1997، ذلك البلد الذي كان يعاني فقرا مدقعاً حتى بداية التسعينات.
فقد كان سكان غينيا الاستوائية البالغ عددهم 720 ألفاً يبيعون الكاكاو والأخشاب، ولا شيء آخر حتى عام 1996 عندما اجتذب ذلك البلد الأفريقي استثمارات نفطية أسفرت عن انتاج 80 ألف برميل/يوم في عام 1997.
وكانت بيانات صندوق النقد الموضحة في الرسم البياني قد كشفت عن انكماش الاقتصاد الليبي %60 عام 2011 بعد حرب أهلية واجلاء الموظفين الأجانب من منصات الانتاج.
هذه الحالة مشابهة الى حد كبير مع ما عانته الكويت فبعد سنة «كابوسية» انكمش فيها الاقتصاد بنسبة %41 عام 1991 بسبب الاجتياح الغاشم وحرب الخليج الثانية تجاوز نموه %50 خلال العام التالي.
من ناحية أخرى، فإن جنوب السودان تلك الدولة الناشئة حديثا بعد انفصال شطري ذلك البلد العربي من المتوقع ان يكون الأسوأ انكماشا خلال هذا العام، فهل سيكرر السيناريو نفسه، ويحقق أعلى معدل نمو العام المقبل؟
على صعيد آخر، قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار إن المؤسسة لا تعتزم في الوقت الحالي بيع حصصها في استثمارات أجنبية رئيسية، من بينها بنك أوني كريديت الايطالي وذلك في الوقت الذي تراجع فيه محفظتها.
والمؤسسة التي تأسست في 2006 لإدارة ايرادات البلاد من النفط لديها أصول بنحو 60 مليار دولار ما بين أسهم وسندات وأدوات مالية أخرى وحيازات في شركات تابعة.
وتجمدت أصولها بصفة مؤقتة خلال حرب العام الماضي التي أطاحت بمعمر القذافي من الحكم وتولت إدارة جديدة المؤسسة منذ ذلك الحين وسعت للافراج عن تلك الأصول.
وفي أحدث تطور أمرت محكمة ايطالية بالافراج عن حصص المؤسسة في أوني كريديت ومجموعة فينميكانيكا الدفاعية وايني للنفط والغاز.
كانت الأصول قد تم تجميدها في مارس بطلب من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بذريعة أن المؤسسة تحوزها نيابة عن أسرة القذافي.
وقال محسن دريجة رئيس مجلس إدارة المؤسسة في مقابلة ضمن قمة رويترز للاستثمار بالشرق الأوسط «لسنا مضاربين بل مستثمرون للأجل الطويل».
وأضاف «نشتري الأسهم لأننا نعتقد أنها قيمة جيدة. ومثل الجميع أحيانا يكون تقديرنا صائبا وأحيانا لا. لكن لا.. لا نية لدينا للتخارج من حصصنا في أي من استثماراتنا الكبيرة أو بيعها في الوقت الحالي».
وتمتلك المؤسسة حصة حوالي 1.1 في المائة في أوني كريديت أكبر بنك ايطالي من حيث الأصول. وقال دريجة إن المؤسسة ستحتفظ بها في الوقت الحالي بالرغم من تضرره بشدة بسبب أزمة ديون منطقة اليورو. وخفض البنك المركزي الليبي والمؤسسة اجمالي حصتيهما إلى نحو أربعة في المائة بعد زيادة لرأسمال البنك في يناير.
وقال دريجة «لدينا ثقة في أوني كريديت واتوقع أن يجتاز هذه المرحلة ونحن مستمرون معهم».
وقالت مصادر مقربة من الوضع إن المساهمين الايطاليين القلقين في أوني كريديت يفكرون في التحالف مع انتيزا سان باولو لدرء خطر استحواذ خارجي.
وسئل إن كان يرى خطر حدوث استحواذ خارجي، فرد دريجة قائلا «لا أتوقع أن يكون ذلك وشيكا. (هذا مستبعد في الوقت الراهن) ما لم يكن هناك خصم كبير على قيمة أوني كريديت وهذا سيثير اهتمام المستثمرين».
وأضاف «في الوقت الراهن تسعى الإدارة لدفع سعر الأسهم لقيمتها العظمى في ضوء الظروف الصعبة في أوروبا… يبذلون قصارى جهدهم في ضوء الظروف المحيطة بهم».
وقال دريجة إنه من المحتمل حصول المؤسسة والبنك المركزي على مقعد مشترك في مجلس إدارة أوني كريديت.
وأضاف «أظن أن كثيرا من الناس يتفقون على أن المستثمرين الليبيين… ينبغي أن يكون لهم مقعد».
وقال دريجة إن المؤسسة تراجع محفظتها لكنه لم يخض في تفاصيل.
ومضى يقول «هدفنا هو رفع كفاءة الشركات التابعة لنا. الشركات التي تملك عقارات وفنادق وما شابه… ونريد أن ننظر في محفظتنا».
«لكن من المهم أن نساهم في الاقتصاد المحلي… نبحث سبل تمويل الاستثمارات داخل ليبيا. نريد أن نكون محفزا للتنمية الاقتصادية لا مجرد مسؤولين عنها».
وسئل عن القطاعات الجذابة في ليبيا، فقال «سنهتم بالاتصالات وتطوير بعض العقارات المتخصصة».
«علينا أن نضع خريطة استثمارية لليبيا أولا ونرى أين يمكننا الاستثمار. المؤسسة ضخمة وهناك الكثير من الأمور بحاجة للمراجعة.. وسيستغرق ذلك وقتا».
وأحجم دريجة عن ذكر السيولة المتاحة للمؤسسة ولم يزد عن قوله انها «مليارات». وقد تستثمر المؤسسة مستقبلا في فرنسا التي قادت جهود الاطاحة بالقذافي العام الماضي.
وقال وزير الصناعة الفرنسي أرنو مونتبورغ هذا الشهر إنه تلقى خطاب اهتمام من المؤسسة الليبية للاستثمار لانقاذ أقدم مصفاة في البلاد من التصفية.
وقال دريجة «رأينا فرصة للاستثمار ويجري تقييمها. بدأنا الفحص الفني الآن». وأضاف أن فريقا ليبياً سيتوجه إلى فرنسا قريبا.
وتابع بقوله إن الحكومة الفرنسية أبدت اهتمامها بالشراكة مع المؤسسة بحصة أقلية لكن المؤسسة ستستمع أيضا لأطراف أخرى مهتمة.
وقال «أرى أن هذا قرار مستقل. قد نجد بعض الوفورات في استثمارنا بالنظر إلى أن ليبيا بلد منتج للنفط وقد لا نجدها».
اترك تعليقاً